هكذا تطورت العلاقات الإسرائيلية الإماراتية: مناورات ورحلات جوية وتعاون للتجسس على مواطني الإمارات
شارك الموضوع:
“خاص- كتب شمس الدين النقاز”- رغم غموضها وتكتّم الطرفين حول تفاصيلها، إلا أن العلاقات الإماراتية الإسرائيلية، عرفت ازدهارا كبيرا خلال السنوات الماضية نتيجة الدور الكبير الذي تلعبه أبو ظبي في تنفيذ المخطط الصهيوني لتفتيت المنطقة العربية.
لم تكن العلاقات بين الاحتلال الإسرائيلي والإمارات عاديّة، حيث أنها توّجت في أكثر من مناسبة بتغلغل اللوبي الصهيوني داخل دوائر صنع القرار في أبو ظبي، إلى أن وصل الأمر بتعيين محمد دحلان “عين إسرائيل التي لا تنام” مستشارا أمنيا لولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد.
انطلاقا من “المصالح” الاقتصادية المشتركة بين إدارتي أبو ظبي ونظيرتها في تل أبيب، ومن ثمّ افتتاح ممثليه دبلوماسية لدولة الاحتلال الإسرائيلي بإمارة أبو ظبي، وصلت الأمور لمشاركة سلاح الجو الإماراتي مرتين متتاليتين، في مناورات جوية مشتركة مع عدة مقاتلات من جيوش أجنبية من بينها سلاح الجو الإسرائيلي.
أواخر شهر نوفمبر 2015، أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية عن افتتاح ممثلية دبلوماسية لدى وكالة الأمم المتحدة للطاقة المتجددة “إيرينا” التي تتخذ من أبو ظبي مقرا لها.
مناورات إماراتية إسرائيلية مشتركة
وكشفت صحيفة هآرتس نهاية شهر مارس الماضي، أن سلاح الجو الإسرائيلي أجرى في 27 مارس، مناورت جوية مشتركة مع عدة مقاتلات من جيوش أجنبية من بينها الإمارات في قاعدة سلاح الجو اليونانية.
وأشارت الصحيفة في تقريرها إلى أن هذه المناورات تجري على الرغم من عدم وجود علاقات دبلوماسية رسمية بين إسرائيل والإمارات، إلا أن تقارير إعلامية أجنبية تشير بين الفينة والأخرى، إلى وجود اتصالات غير رسمية أو اتصالات تبقى سرية بين الجانبين.
وذكرت الصحيفة أن هذه المناورة ليست المرة الأولى التي يجري فيها سلاح الجو الإسرائيلي مناورة مشتركة مع سلاح الجو الإماراتي، حيث شاركت طائرات إسرائيلية، العام الماضي، في مناورة بعنوان “Red Flag” في الولايات المتحدة، وشارك فيها طيارون من باكستان والإمارات وإسبانيا.
العلاقات بين أبو ظبي وتل أبيب لم تقتصر على التمثيل الدبلوماسي والمناورات الجوية المشتركة فقط، ففي شهر ديسمبر 2014، كشف موقع “ميدل إيست آي” لأول مرة عن وجود طائرة تحلق بين إسرائيل والإمارات، حيث تدار الرحلة بين مطار بن غوريون في تل أبيب ومطار أبو ظبي الدولي من قبل شركة الطيران الخاصة “برايفتآير” والتي تتخذ من جنيف مقرا، على طائرة إيرباص A319 مسجلة برقم الذيل D-APTA.
معدّات إسرائيلية لمراقبة البنية التحتية
وعلى صعيد آخر، أكد موقع “إنتليجنس أونلاين” الإستخباراتي الفرنسي، أن الشركة الإسرائيلية “إيه جي تي إنترناشونال” وقعت عقدا بقيمة 800 مليون دولار لتزويد سلطة المنشآت والمرافق الحيوية في أبوظبي بـ”كاميرات المراقبة، وأسوار إلكترونية وأجهزة استشعار لمراقبة البنية التحتية وحقول النفط الاستراتيجية”.
وتعاقدت السلطات الإماراتية مع الشركة الأمنية المملوكة لإسرائيل لتقوم بتأمين حماية مرافق النفط والغاز في الإمارات وكذلك لإقامة شبكة مراقبة مدنية فريدة من نوعها على مستوى العالم في أبو ظبي، مما يعني أن “كل شخص سيخضع للرصد والرقابة من اللحظة التي يغادر فيها عتبة بابه إلى اللحظة التي يعود فيها إلى منزله”.
ووصف الموقع المختص في استخبارات الشركات، صاحب شركة “إيه جي تي إنترناشونال” كوخافي بأنه “رجل الأعمال الإسرائيلي الأكثر نشاطا في أبوظبي”.
الإمارات تتجسس على مواطنيها
وفي أواخر أغسطس 2016، كشف خبراء في جامعة تورنتو الكندية أن هاتف المعارض الإماراتي أحمد منصور، الـ(آيفون6)، تم اختراقه من قبل شركة إسرائيلية تعمل على تطوير برمجيات للحكومات تستهدف بشكل سري هواتف مستخدمين، وتجمع منها معلومات.
واستخدم في الهجوم على هاتف المعارض أحمد منصور رسالة نصية دعته للنقر على رابط موقع إلكتروني. وبدلا من النقر عليها أرسل منصور الرسالة إلى باحثين في مختبر “سيتيزن لاب” بجامعة تورونتو.
ونسب مختبر “سيتيزن لاب” الهجوم إلى شركة (إن.إس.أو جروب) الإسرائيلية، التي تبيع أجهزة المراقبة، والتي تطور برمجيات للحكومات، تستهدف بشكل سري هواتف مستخدمين، وتجمع منها معلومات. وتبلغ تكلفة مثل هذه الأدوات التي يطلق عليها اسم “الثغرات عن بعد” ما يصل إلى مليون دولار.
وحول جنسية الشركة قال الحقوقي الإماراتي إن “شركة إسرائيلية هي التي اشترت منها الأجهزة الإماراتية الأمنية هذا البرنامج، وبالنسبة لي هذا أمر غير مستغرب لأن الجماعة هنا في الإمارات، لديهم إصرار عجيب، وهوس كلي ومأخوذين تمامًا بفكرة التجسس، والمراقبة مما يدفعهم لدفع الملايين لاستكمال هذا الهدف، وتحقيقه بغض النظر عن الشركات المتعاونين معها، والدول التي يتعاملون معها”.
واعتبر منصور أن التطبيع الإماراتي الإسرائيلي ليس بالجديد قائلا “ربما يرى البعض أن التعاون الإماراتي مع شركة اسرائيلية أمر غريب، ولكن من خلال معرفتي بالجهات هنا وطرق تحقيق أهدافها، ليس عندها وسيلة معينة، كل الوسائل متاحة بالنسبة ليهم، والتطبيع بين الإمارات وإسرائيل موجود وصار في العلن، وتحت مظلة الأمم المتحدة، وتحت ذرائع أخرى وبزيارات رسمية”.
وعلى ضوء هذه المعطيات وغيرها، قال تقرير لوكالة “بلومبرج” الاقتصادية في الثاني من فبراير الماضي، إن دولا مثل السعودية والإمارات استعانت بشركات التكنولوجيا والأمن الإسرائيلية تحت دعاوى الاستفادة من برامج كمبيوتر وتكنولوجيا لتصيّد ومراقبة “الإرهابيين”، وأن الإمارات استعانت بشركة إسرائيلية لوضع برامج لمراقبة معارضيها.
القيادات السياسية متناغمة
في ديسمبر 2014، ذكر تقرير نشره موقع “ميدل إيست آي” أن حركة التجارة بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة موافق عليها من قبل القيادات السياسية على الجانبين، حسبما يقول خبراء الاقتصاد السياسي بالمنطقة.
وينقل الموقع عن إسحق غال، أستاذ الاقتصاد السياسي في جامعة تل أبيب قوله إن “العلاقة على مستوى عال والعمل لابد أن يحدث بمباركة ومشاركة الجهات الحكومية ولكن، بالطبع، لا أحد يعترف بهذا، حيث تجرى التجارة بالكامل من خلال أطراف ثالثة”.
ويضيف “غال” أن “لا أحد لديه أي إحصاءات لأن التجارة سرية ولكن أقدر أن يكون هناك حوالي مليار دولار في السنة، وربما أكثر من ذلك، مع وقوع ما بين ثلث ونصف هذه الأعمال في قطاع الأمن، إنها ليست كمية صغيرة ولكنها ليست سوى جزء صغير من التجارة المحتملة”.
ويؤكد صحة كلام الأكاديمي الإسرائيلي، ما كشفته برقية دبلوماسية سربها موقع ويكيليكس ترجع لعام 2009، عن أن العلاقات بين أبو ظبي وتل أبيب إيجابية وعالية المستوى بين القادة السياسيين.
وقالت مذكرة قدمها مارك سيفرز، الذي كان وقتها المستشار السياسي للسفارة الأمريكية في تل أبيب “وقد طور وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان علاقات شخصية جيدة مع وزيرة الخارجية الإسرائيلية وقتها تسيبي ليفني، لكن الإماراتيين “غير مستعدين للقيام علنا بما يقولونه في السر”.
تصنيع سفن حربية مُخصّصة لتسليح الجيش الإسرائيلي
وفي 4 ديسمبر 2016 كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية النقابَ عن مساهمة شركة إماراتية في تصنيع سفن حربية مُخصّصة لتسليح الجيش الإسرائيلي، مشيرةً إلى أن “أبو ظبي تعمل بذلك في خدمة الجيش الإسرائيلي”.
وبحسب ما أوردته الصحيفة فإن شركة “أبو ظبي مار” الرائدة في أعمال الشحن بمنطقة الخليج العربي والتي يديرها رجل الأعمال اللبناني إسكندر صفا، الذي يملك 30% من أسهمها بواسطة شركة الملاحة البحرية “فريباينبست”، ومقرها الذي يملكه صفا بيروت، بينما 70% من أسهم الشركة تعود ملكيتها لمجموعة “العين” الظبيانية، تقوم بأعمال تصنيع سفن حاملة للصواريخ اشتراها الجيش الإسرائيلي ضمن صفقة أبرمها عام 2015 لدواعي حماية حقول الغاز في البحر الأبيض المتوسط.
الإمارات تتآمر على قطاع غزة
وفي يوليو 2014، نقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن مصادر أمنية وسياسية مطلعة في العاصمة الإماراتية أبو ظبي، بعضا من التفاصيل التي قالت إنها جديدة والتي تتعلق بآخر الاتصالات السرية بين أبو ظبي وتل أبيب، مشيرة إلى أن الإمارات على علم مسبق بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عام 2014.
وبحسب ما ذكرته القناة الإسرائيلية الثانية على موقعها الإلكتروني، فإن اجتماعًا سريا جرى الشهر الماضي في باريس جمع وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد، ونظيره الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، لبحث خطط خاصة من أجل القضاء على حركة حماس في قطاع غزة، وذلك بتمويل من الدولة العربية.
وقالت القناة إن “عبد الله بن زايد الذي زار العاصمة الفرنسية في 26 الشهر الماضي والتقى وزير الخارجية الأمريكي جون كيري يرافقه وزيرا الخارجية السعودي والأردني سعود الفصيل وناصر جودة، لبحث التطورات المتسارعة التي يشهدها الشرق الأوسط، التقى وسط أجواء من التكتم الشديد وزير الخارجية الإسرائيلي على انفراد”.
وكانت تقارير أوردتها وسائل إعلام إسرائيلية قد ذكرت أن دولة الإمارات العربية كانت على علم مسبق بالعملية العسكرية الإسرائيلية ضد قطاع غزة، وأيدت حدوثها، أملاً في إسقاط حماس، وذلك لارتباطها بجماعة الإخوان المسلمين، وهو ما تسبب في خروج مظاهرات غاضبة أمام السفارة الإماراتية في لندن.
وتحدثت القناة عن لقاء جرى في أبو ظبي، جمع أحد الوزراء الإسرائيليين بمحمد بن زايد ومستشاره للشئون الأمنية محمد دحلان، القيادي السابق في حركة فتح، والمعروف بعلاقته الجيدة مع دول الخليج، والذي يقيم في الإمارات منذ طرده من غزة وفصله من الحركة الفلسطينية.
الإمارات تساهم في تهويد القدس
ورغم كل مؤامراتها ضد الفلسطينيين، إلا أن القيادة الإماراتية لم تترك الفلسطينيين وشأنهم، ففي شهر مايو 2016، كشفت صحيفة “الأخبار” اللبنانية عن ضلوع دولة الإمارات بمشروع صهيوني يعمل علي تهويد مدينة القدس والبلدة القديمة فيها، عبر شراء منازل الفلسطينيين وممتلكاتهم العقارية فيها ونقل ملكيتها إلى مستوطنين صهاينة بالتعاون مع شخصيات فلسطينية نافذة.
ونشرت “الأخبار” تحقيقا مفصلاً ومطولاً حول المؤامرة الجديدة مدعومًا بالصور والمستندات والخرائط الجغرافية والديموغرافية والأنفوغراف، تؤكد كلها التواطؤ الإماراتي الصهيوني في تنفيذ هذا المخطط حيث تقوم شركات إماراتية بشراء العقارات والمنازل من الفلسطينيين وتحويل ملكيتها إلى المستوطنين الصهاينة.
ويرى مراقبون أن العلاقات الاسرائيلية الإماراتية السرية بما في ذلك بيع معدات أمنية لأبو ظبي وعملية تهويد القدس، قد تمت بمساعدة القيادي الفتحاوي المفصول محمد دحلان، الذي اتهمه الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالاختلاس المالي والعمل كعميل إسرائيلي ضمن المتورطين في محاولات الاغتيال التي تعرض لها الرئيس الراحل ياسر عرفات.
يوسف العتيبة رجل إسرائيل المدلل في أمريكا
وفي ظل التقارب الإسرائيلي الإماراتي، يعتبر السفير الإماراتي بواشنطن يوسف العتيبة، رجل إسرائيل المدلّل في أمريكا، حيث كشف تقرير نشره موقع “هافنغتون بوست” الأمريكي، في شهر سبتمبر 2016، أن السفير “العتيبة” يقيم علاقات ودية وثيقة مع السفير الإسرائيلي هناك، حيث يقول مصدر أمريكي إن “كليهما يتفقان في وجهات النظر بأغلب القضايا”، مشيرا إلى أن العتيبة الذي كان مقربا من ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد “يعدّ من ألد المعادين للإسلام السياسي”.
وينقل التقرير عن مسؤول أمريكي كبير لم يسمّه قوله إن “العتيبة والسفير الإسرائيلي رون ديرمر وثيقا الصلة جدا. إنهما متوافقان تقريبا في كل شيء، سوى فيما يتعلق بالفلسطينيين”.
وأكد مسؤول رفيع المستوى في السفارة الإسرائيلية قيمة هذا التحالف الاستراتيجي قائلا “أن يقف إسرائيل والعرب معا لهو المكسب الأكبر الذي يصبو إليه المرء. فهذا الأمر يخرجنا من السياسة ومن الأيديولوجيا. عندما تقف إسرائيل والدول العربية معا، فإن ذلك مصدر قوة لنا”.
ويشير تقرير “هافنغتون بوست” إلى أن السفير الإسرائيلي ديرمر دعا خلال العام الحالي العتيبة لحضور خطاب نتنياهو حول إيران في الكونغرس، إلا أن العتيبة اعتذر بسبب الحساسيات السياسية في بلده. ويقول التقرير إن العتيبة نفى عبر متحدث باسمه أن يكون هو ودريمر أصدقاء