فيلم (كوندوم ليد) الفلسطيني ينافس على السعفة الذهبية في مهرجان كان

 

الزوجان يحاولان ممارسة الجنس، إلا أنه يتحول فجأة لفعل يشبه الذنب، عدم قدرة، صوت الطائرة الاستطلاعية بدون طيار يملأ الخلفية ويحل محل الكلام، الزوجة تقترب من زوجها، يهم هو بتقبيلها لكن يبدأ قصف حربي جديد يمنعهما من المواصلة، ابنتهما تبكي، الأم تُهَدهِدها، وترجع إلى جانب زوجها، صوت الطائرة ثابت، تقترب بقدمها تلاعب قدم زوجها، بوووووم…انفجار جديد، الصغيرة تبكي، تذهب الأم لابنتهما، الأب ينفخ الكوندم يتحول لبالون، البالونات تملأ المنزل، بعد 22 يوماً من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة يخرج الزوج إلى الشُرفة، يرى بالونات الكوندم خارجة من كل منازل القطاع في تلك الليلة.
هذه حكاية فيلمCondom Lead  "الواقي المصبوب"، محاكاة ساخرة لاسم الحرب الأولى على القطاع عام 2008-2009 "الرصاص المصبوب" أو "Cast Lead"، والذي وصل مُخرجاه تبيلغ رسمي أنه ترشح لنيل السعفة الذهبية 2013 عن فئة الأفلام القصيرة في إطار المسابقة الرسمية لمهرجان "كان" السينمائي الدولي في جنوب فرنسا بنسخته السادسة والستين، ليعتبر الفيلم الأول الذي يصل من قطاع غزة إلى المسابقة.
المخرجان هما الشقيقان التوأم "عرب وطرزان ناصر" تركا قطاع غزة قبل بضعة شهور للمشاركة في مهرجان سينمائي بالأردن وبقيا هناك ليصورا فكرتهما الجريئة التي لن يستطيعان تصويرها في غزة، هكذا يقول طرزان الذي قابلته المونوتر عبر السكايب.
ويضيف: "أشعر أنني في قمة الفرح وخصوصاً أن مهرجان كان يُعتبر تحدي حقيقي، كما أنه اول فيلم فلسطينى قصير يصل للمسابقة الرسمية، شعرنا أننا أنجزنا شيء حقيقي وكبير"
ويهدي طرزان نجاح الفيلم إلى فلسطين، موضحا أن شقيقه عرب توقع وصول الفيلم للمسابقة النهائية ليس من باب الغرور بمقدار أنهما يعرفان أنهما أبدعا شيء جميل وإنساني.
وبين أن وراء نجاح الفيلم فريق فلسطيني أسس شركة اسمها "صنع في فلسطين"، مشيراً إلى أنه الفيلم الأول للممثل والممثلة كما أنه الأول للشركة، ما يجعل ترشحه في المسابقة نجاح للجميع على كل المقاييس.
ووفقاً للبيان الصحافي الذي نشرته شركة "صنع في فلسطين" فإن اللجنة المكلفة باختيار الأعمال المرشحة لنيل السعفة الذهبية للأفلام القصيرة استقبلت 3500 عمل من 132 دولة، وستتولى المخرجة النيوزيلندية جاين كامبيون رئاسة لجنة الأفلام القصيرة وتسليم السعفة للفائز.
من جهته يقول عرب والذي هو نسخة مطابقة من ملامح شقيقه أنهما صورا الفيلم في شهر فبراير الماضي في تحدي مجنون حيث أنهما صوراه في يوم واحد، وكلف إنتاجه خمسة آلاف دينار أردني أي حوالي سبعة آلاف دولار.
ويضيف عرب: "عملنا يستمد الإلهام الرئيسي من مأساة الحرب الأولى على القطاع والتي استمرت اثنين عشرين يوما ونعتبر أن رسالتنا في الفيلم إيقاظ المجتمع الدولي وتنبيه الضمير الجمعي في العالم العربي إلى قطاع غزة، وأهمية حماية الإنسان والثقافة من سطوة السياسة".
ورغم أنهما يفضلان ترك الفيلم للمشاهد ليقوم هو بتفسيره وتأويله إلا أنهما يشرحان فكرة الفيلم بقولهما: "لا يمكن أن نجعل الحب شيئا هامشيا، فهو نوع آخر من المقاومة، الفيلم يقول أن آلات الحرب ليس من الممكن أن تنتصر على إرادة الإنسان، لكنها في الوقت نفسه تدمير للروح والجسد".
ويضيفان: "الفيلم يتحدث عن حق الإنسان في الحب، فمن الممكن الشفاء من الحرب لكن لا يمكن الشفاء من الحميمية بل على العكس إن الحب والرغبة بالونات تصبح في انتظار ان تنفجر"، ويلفت طرزان إلى أنه أحياناً تكون العلاقة الحميمية بحثاً عن الأمان في وقت الحرب.
ويؤكدان أن الفيلم يتكلم عن تجربة الحرب في أي مكان بالعالم، وفكرة الكوندوم هي رمز ومعادل موضوعي للوقاية وكل قطاع غزة بحاجة للوقاية من الحرب.
وسمح لي المخرجان بمشاهدة الفيلم وهو في مرحلة "البوست برودكشن"، ومجرد مشاهدته تقطع الأنفاس، فهو يوحي أكثر مما يقول، منتصراً للإنسان الذي تعبث بعواطفه ورغباته الحرب ليصبح الحب في لحظة ما فعلاً حرام أو خيانة للوطن.
ويوضحان أن كونهما مقيمان حديثا في الأردن فقد وقفا حائرين أمام العديد من العراقيل إلا أن المنتج قام بتذليلها بسبب كونه مقيماً هناك منذ فترة أطول بعد مغادرته قطاع غزة هو الآخر.
طرزان يرى أن رسالة الفيلم الفلسفية تتحدث عن فكرة الخلود وقت الحرب، وأهمية الفرح، وتفاصيل الرعب الإنساني دون التحدث عن الموت والقتل والدم بل في مشهد حميمي قد يحدث يوميا بين الأزواج في الحروب.
يتمنى الشقيقان الرجوع إلى غزة في وقت قريب، وأن يعملا في السينما دون ضغوط سياسية واجتماعية كالتي كانت تؤرقهما أثناء وجودهما هناك، " في النهاية نحن نعمل من أجل وطننا ومن أجل غزة"، هكذا يقول طرزان، مستدركاً: "لكن هناك الانقسام السياسي من جهة والحرب من جهة أخرى".
ويضيف طرزان أن فكرة الفيلم للمخرج الفلسطيني المقيم في غزة خليل المزين، الذي طرحها عليهما منذ فترة طويلة، ولكن لجرأتها كان من الصعب عليهما حتى التفكير بتنفيذها في القطاع.
وحول فريق الفيلم يوضح عرب أن الفيلم من تمثيل الجزائرية ماريا محمدي، والفلسطيني رشيد عبد الحميد وهو المنتج أيضاً، وساعدهما في انجازه "معمل 612 للأفكار"، ومجموعة من المصورين الموهوبين، مشيراً إلى أن التعامل مع الطفلة كان صعباً للغاية ولكنهما أنجزاه في نهاية الأمر.
ويأملان أن تتغلب فكرة الفيلم على الفكرة النمطية للحرب والموت التي التصقت في غزة ونشرتها كاميرات الحرب والموت.
الشقيقان يضحكان حين يتحدثان عن زي بدلة السموكنج الرسمية التي يجب إرتدائها عند المشاركة في المهرجان إذ سيسافران في 18 من شهر مايو القادم، وبحسب البروتوكول الذي تم إرساله لهما من إدارة المهرجان، فهما مجبران أن يبحثان عن بدلتين تناسبان مقاسهما عدا ذلك سيضطران للبحث عن خياط، فهي ستكون المرة الأولى التي سيرتديان بها بدلة رسمية.
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى