مايا الحاج و ضجة البوركيني …
حاورتها: هدى درويش| الجزائر.
سيدّة جميلة بقلمها … بتاريخها الاعلاميّ … بعفويتها و خفتها الكتابية , صحفية لبنانية متألقة … مشرفة على ركن ” مكتبتي” بمجلة “لها” الشهيرة ..قررّتْ منذ قترة ليستْ ببعيدة الانتقال من الكتابة الصحفية الى احتراف الكتابة الأدبية في أوّل عمل لها رواية بعنوان” البوركيني” متبوع بِ:”اعترافات محجبّة” … عالجتْ من خلاله شيئا من السيكوسوسيولوجيا على الطريقة العربية و موضوع الحجاب خصّيصا كرمز ديني … كلّ هذا في مزيج روائي رائع بأسلوب سردي, وصفي يقارع الحجّة ببراعة … و كانتْ لي فرصة اللقاء بها صديقةً و محاورة :
°° لو سألتك من أنت، كيف تُجيبين ؟
قد يبدو السؤال في ظاهره بسيطاً وطبيعياً، لكنّه في الواقع يحمل في طيّاته من الصعوبة ما يجعلني أعجز عن إيجاد الجواب المناسب. نعم، أنا ناقدة، وروائية، وإمرأة، وإنسانة… ولكن ثمة شيء آخر نود أن نضيفه هنا لكي نمنح هذه الأنا خصوصيتها. وهذا الشيء هو ما أبحث عنه، ومازلت أبحث عنه. وفي روايتي الأولى “بوركيني” سيتجلّى للقائ بوضوح أنّ وراء البطلة المتمزقة والمتخبطة في متناقضات حياتها، تختبئ كاتبة تسعى جاهدة لأن تكتشف أناها. وعندما أصل إلى الجواب قد أعتزل الكتابة، أو بمعنى آخر قد أفقد شهيتي إلى مواصلة هذا العمل الفكري الشاق.
°° من مواليد أي مدينة في لبنان تحديدا ؟؟
أنا من مواليد بيروت، هذه المدينة التي تُشبهني بازدواجيتها وتناقضاتها وجرأتها وتمنعها وخوفها ورغبتها… لكنني أنتمي في الأصل إلى الجنوب اللبناني. فأنا من قرية جنوبية تُدعى “شحور”، وقد خرج منها علماء دين طليعيين، بالإضافة إلى ناشرين كبار. ولا أدري إن كان عملي في الكتابة والصحافة هو أمر قدري بالنسبة إلى أهالي هذه القرية الذي يعمل عدد غير قليل منهم في مجال الكتابة والنشر وبيع الكتب…
°° ما هي مختلف الوظائف و الأعمال التي شغلتها مايا ؟
لم أعمل إلاّ في الكتابة، لأنني لا أعرف سوى أن أكتب. بُعيد تخرجي من الجامعة وقبل أن أبدأ في العمل مع دار الحياة، اشتغلت مدرسة لغة فرنسية في إحدى المدارس الخاصة في بيروت، لكنني قدّمت استقالتي بعد شهرين فقط. علمتُ منذ البداية وقبل أن أقرّر إلى أين سأتجّه أنّ هذا العمل لا يُناسبني. وقد لا يُناسبني أي عمل آخر لا يكون في الأساس هوايتي وشغفي.
°° من عائلة مايا الحاج … من يمارس النضال القلمي أيضا ؟
شقيقتي حنان الحاج وهي تكبرني بسنوات عدّة درست الإعلام وعملت في مجال الصحافة المكتوبة، وهي اليوم تكتب في جريدة الأخبار اللبنانية كمسؤولة عن قسم أزياء وموضة. لكنّ عملها المبكر في الصحافة جعلني أقترب شيئاً فشيئاً من هذا العالم، وبعد تخرجي من الجامعة كانت شقيقتي هي النافذة التي دخلت عبرها إلى مجال الكتابة الصحافية.
°° كيف قرّرت الانتقال من الكتابة الصحافية إلى الكتابة الإبداعية؟
لم أنتقل من الصحافة إلى الرواية، بل إنني كتبت روايتي الأولى بالتزامن مع عملي كمحررة ثقافية وناقدة أدبية في جريدة الحياة اللندنية.
°° اخترت في روايتك الصادرة حديثاً عن منشورات ضفاف في بيروت والإختلاف في الجزائر بعنوان “بوركيني” التي اخترت لها عنواناً فرعياً “اعترافات محجبة”، موضوعا شائكاً ألا وهو الحجاب. لماذا؟
في معظم الأعمال الأدبية والسينمائية العربية كان الحجاب يُقدّم في صورته النمطية على أساس أنّه مرادف للتزمّت الديني أو تقليداً للأعراف الإجتماعية في البيئة الإسلامية العربية. لكنّ الحجاب قد يحمل أبعادا أكبر بكثير من كونه رمزاً عقائدياً أو سوسيولوجياً, من هنا أحببت أن أعمل على هذه الفكرة المنتشرة حالياً والتي هي مثار جدل كبير في العالم اليوم من خلال تصوير الأبعاد النفسية للمرأة المحجبة. كيف تعيش المرأة حين تحاول إلغاء أنوثتها؟ كيف تنظر إلى جسدها؟ وكيف يُنظر إليها؟ ومن هنا، لم أرصد موضوع الحجاب فقط، بل دؤست موضوع الجسد بذاته، سواء في حجابه أو حتى في عريه.
°° كيف تقوّمين الحالة الاعلامية والثقافية والفنية في لبنان والوطن العربي؟
عندما تكون الثقافة بخير يكون الفنّ بخير والإعلام هو أيضاً بخير. إنها سلسلة مترابطة، إذ لا يمكن أن تكون الحالة النقدية حقيقية وموضوعية وواعية وأن نرى في المقابل حالة من الإستسهال في الكتابة والفنون عامة. والواقع الرهان يتحدّث عن نفسه طبعاً، عندما تفقد الأوطان أمنها وأمانها ماذا يُمكن أن ننتظر منها أكثر؟ ما نمرّ اليوم به جميعنا في الدول العربية من تونس ومصر إلى سورية واليمن وليبيا والسودان صعب جداً، لكنّ أملنا كبير بأن تتغيّر الأمور نحو الأحسن. وعندما نرتقي بوضعنا السياسي والأمني والإقتصادي والإجتماعي، سينعكس ذلك حتماً على بقية المجالات الفنية والعلمية والأدبية…
°° كمثقفة عربية كيف يمكن تقييم الحراك السياسي الشعبي العربي … المسمى ثورات ؟
الثورات تحتاج دوماً إلى قائد وإلى استراتيجية وإلى تكاتف بين الثوّار، لكنّ ما شاهدناه كان أشبه بحركات تمرّد شعبية فاقدة للتنظيم والرؤية والإستراتيجية. بدأت الثورات قوية وفرحنا بها جميعاً ومن ثم أخذت تتقهقر وتضيع وتودي بنا نحو أنفاق مظلمة. نحن مجتمعات لم تعتد الديمقراطية ولا التخطيط السياسي لذلك هي مرحلة عصيبة نشهدها الآن، لكننا اعتدنا أن نقول ستُفرج إن شاء الله، علماً أنّنا لا نعوّل على شيء، لا ثقافة ولا فكر ولا أخلاقيات سياسية.
°°من أكثر الأدباء الذين تأثرت بهم ؟
أنا أعتقد أنّ كلّ قراءة هي كتابة، بحيث أنّ كل كتاب نقرأه يُمكن أن يؤثّر فينا بطريقة معينة، وكلّ كاتب يُمكن أن يترك فينا أثره في مكان ما. ولكن من أكثر الكتّاب الذين قرأت لهم وأحببتهم دوستويفسكي، ألبير كامو، بيكيت، فرناندو بيسوا، ميلان كونديرا، نجيب محفوظ، طه حسين، محمد شكري، غادة السمّان…
°°ما هي منابع الوحي الكتابي لديك …؟؟ و ما موقع الحب في حياتك ؟؟
الوحي ليس كما يعتقد بعض الناس أنّه إلهام يهبط على الكاتب من السماء، بل قد يكون مشهداً أو كلمة أو حادثة تُحرّك فينا أحاسيسنا الخامدة وتستفزّ طاقتنا للتعبير عن تلك الاختلاجات. أمّا الحبّ فهو أساس طبعاً في حياة أي كاتب وأي شاعر وأي إنسان، وأنا أعتبر الحبّ وقود الحياة، من دونه يتعب الإنسان وقد يعجز عن مواصلة الحياة. وأقصد الحبّ هنا بأوجهه المختلفة.
°° هل هنالك مشاريع سترى النور قريبا … و كلمة أخيرة ؟
هنالك كثير من الأفكار ستتجسد قريبا و سأفصح عن تفاصيلها في الوقت المناسب … و أشكركِ و اشكر هذا المنبر الثقافي على الالتفاتة الطيبّة .