“واشنطن بوست”: كل ما تفعله سلطة الانقلاب فى مصر هو وضع الناس فى السجون فقط!

كتبت الصحفية “إيرين كنينجهام” مقالا فى جريدة الواشنطن بوست الأمريكية تناولت فيه بالشرح والتحليل أوضاع المعارضة المصرية فى ظل الإنقلاب العسكري.

 

جاء فيه :-

فى مكتبه الكائن بوسط القاهرة ، أخذ المحامي المصري “محمود بلال ” يدخن سيجارته بشراهة و يتناول مزيدا من القهوة التركية بينما يتلقي العديد من المكالمات الهاتفية التي تستغيث به من قمع السلطات للمعارضين.

“نحاول أن نكون فى كل مكان فى نفس الوقت :فى المحاكم ،أقسام الشرطة، المستشفيات، السجون،والمشرحة “

قائل العبارة السابقة هو المحامي سالف الذكر و الذي قضي سنوات من عمره مدافعا عن السجناء السياسيين فى عهد الرجل القوي حسني مبارك واستمر فى عمله فى فترة حكم الرئيس مرسي،وقد اعترف المحامي بأن عهد مبارك لم يكن بمثل الزخم الحاصل الآن،حيث لخص المشهد قائلا بأنهم فقط يعتقلون الناس كي يضعوهم فى السجون!

إن العدد المتزايد للمواطنين الذين تعتقلهم السلطات المصرية -كجزء من حملتها المسعورة ضد المعارضين للحكومة ذات الخلفية العسكرية-قد مثل ضغطا كبيرا على منظومة العدالة المنكسرة أساسا وهو ما أدي بدوره إلى سوء استخدام وسع للسلطة من قبل النيابة والشرطة ومصلحة السجون- على حد قول بلال.

لقد قمع آلاف المصريين فى موجة من الإعتقالات وذلك منذ الإنقلاب العسكري الذي أزاح الرئيس مرسي فى الصيف الماضي، ولم تشمل الإعتقالات مؤيدى الرئيس فقط ، بل طالت النشطاء اليساريين والصحفيين و حتي الموطنين العاديين وذلك فى فوضي مدهشة، حيث ألقت قوات الأمن القبض على العديد من الناس بتهمة تصوير المظاهرات ،فى الوقت الذي تتهم المناضلين الإسلاميين بالإرهاب .

لقد أصدر النائب العام أوامره باحتجاز الآلاف دون تهمة فى الوقت الذي يتم التجديد فيه للمعتقلين مدد عديدة وذلك فى ضوء القانون الجديد للحبس الإحتياطي ، بينما يقوم ضباط السجون بممارسة الضغوط البدنية والنفسية لمواجهة وضبط العدد الرهيب من المعتقلين ، وذلك حسب رواية المنظمات الحقوقية التى وثقت تلك المعاملة بالتفصيل.

أحمد زارع –عضو أحد المنظمات الحقوقية التي تعني بتقديم المشورة القانونية لسجناء الرأى يقول أن أعداد المساجين قد أصبح ضخما للغاية!

سلسبيل الغرباوي -21 عاما- اعتقلت من داخل حرم جامعة الأزهر فى 30 ديسمبر الماضي وذلك فى مظاهرة مناهضة للحكومة،وقد استمر احتجازها 40 يوما .

تقول سلسيل أنها تعرضت للضرب والتهديد بالإغتصاب، كما نقلت 3 مرات لتنظيف وتجهيز المكان الذي سيأوي دفعة جديدة من المحتجزات الجدد.

سلسبيل التي تم إطلاق سراحها الشهر الماضي تقول أن السلطات يبدو أنها لا تمتلك الموارد للسيطرة على كل هذه الأعداد من المحتجزين ، كما ذكرت أن السجينات غير السياسيات كن يشتكين من الزحام الشديد القائم فى السجون حاليا !

 

الإنتهاكات تتزايد

الحكومة المصرية تمتنع دوما عن التصريح بأعداد المحتجزين منذ الصيف الماضي حين بدأت قوات الأمن حملتها الوحشية على الإخوان المسلمين أولا ثم على الناشطين غير الإسلاميين لاحقا، هذا فى الوقت الذى لا يستجيب فيه النائب العام أو وزارة الداخلية أو مكتب رئاسة الجمهورية للطلبات المتكررة والتى تدعوهم للإعلان عن أعداد المعتقلين أو الرد على الإتهامات الخاصة بالقمع والوحشية.

إحصائيات المركز المصري للحقوق الإقتصادية والإجتماعية ( والذي يضم فريق ويكي ثورة ) تقول بأن أعداد المحتجزين منذ الإنقلاب العسكري فى 3 يوليو الماضي وحتي نهاية العام 2013 قد بلغ 21317 محتجزا ، كما يقول فريق ويكي ثورة أن عددا قليلا فقط قد تم إطلاق سراحه وذلك فى ظل القانون الذي أصدره الرئيس المؤقت فى سبتمبر الماضي والذي يسمح للنائب العام بتجديد حبس المعتقلين لمدد مفتوحة على ذمة التحقيق.

يقول النشطاء بأن المعتقلين يتم احتجازهم داخل أقسام الشرطة والثكنات العسكرية والتى تعمل خارج نظم ولوائح السجون ، حتى أن جلسات التحقيق قد تجري أحيانا فى تلك الأماكن وليس فى قاعات المحاكم ، كما يقول المحامون بأن الإجراءات المتبعة الآن هى أكثر صرامة مما كانت عليه فى عهد مبارك الذى كانت أقصي مدة احتجاز فيه لا تتعدى العامين.

إن ممارسات الشرطة علي مدى عقود كانت سببا فى قيام ثورة 25 يناير ، بينما يقول النشطاء بأن الإنقلاب العسكري – والذي قام بتحريك النعرة المؤيدة للجيش على على طول الخط- قد أعاد الحياة من جديد إلى قوات الأمن التي اكتسبت ثقة كبيرة مكنتها من قمع المعارضين السياسيين.

يستطرد المحامون فى وصفهم للمنظومة القضائية قائلين بأنه رغم أنه قد جري إفسادها فى عهد مبارك، ولكنهم – على الأقل- كانوا يستطيعون التعامل معها ويتخذون الإجراءات المناسبة والتي كانت تمكنهم من إطلاق سراح بعض المعتقلين ، أما الآن فقد وصل الحال إلى أن بعض المحامين قد باتوا لا يعرفون مجرد مكان احتجاز المتهمين ، كما أن أعضاء النيابة – والذين أمامهم كم غير عادي من التحقيقات- يضطرون أحيانا للتحقيق منتصف الليل، وفيى بعض القضايا تجدهم يوجهون نفس الإتهام لأعداد كبيرة من الناس والذين قد يواجه أحدهم قائمة طويلة من الإتهامات !

” إن الإنتهاكات قد فاقت الحد للدرجة التي يستحيل معها حصرها على سبيل الدقة، وذلك وحده يمثل قمة الفوضي” يقول بلال.

 

سوء استخدام واسع للسلطة

لقد أنكر وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم إدعاءات سوء المعاملة والتعذيب الذي يلاقيه المحتجزون ، فى الوقت الذى وثقت فيه منظمات حقوق الإنسان تلك الإنتهاكات وأيدتها فى ذلك إحصاءات المعتقلين و أحوالهم وتصريحات من أطلق سراحه منهم.

سلسبيل الغرباوي والتي كانت محتجزة فى سجن القناطر القريب من القاهرة كانت شاهدة على ما حدث، فقد روت أن حراس السجن قد أحضروا ذات يوم عددا من المساجين السياسيين و جردوهم من ملابسهم وضربوهم قبل أن يجبروهم على أن يغنوا الأغنية المؤيدة للجيش ( أغنية تسلم الأيادي)،كما أجبروا الفتيات على الوقوف بينما وجوههم متجهة للحائط وكانوا يعتدون بالضرب على اى فتاة تلتفت للخلف.

وفى واحدة من أكثر القضايا إثارة للرأى العام،فقد اعتقل المواطن الامريكي محمد سلطان – 25 عاما- أثناء فض اعتصام المؤيدين للرئيس مرسي فى القاهرة.

محمد سلطان كتب رسالة -تم تداولها على نطاق واسع من خلال أقاربه- ذكر فيها أنه تعرض للحرمان من الطعام لأيام عديدة ،كما تم حبسه انفراديا ، بالإضافة إلى قيام أطباء السجن بإجراء عملية جراحية فى ذراعه المكسور وذلك بدون أى مخدر!

بينما أطلقت السلطات المصرية سراح الناشط البارز خالد السيد – 30 سنة- والذى اعتقل إثر مظاهرات انطلقت فى الذكرى الثالثة لثورة 25 يناير ، لكنه لايزال يواجه تهم كثيرة منها حيازة سلاح !

خالد صرح لزوجته أثناء إحدي زياراتها له بالسجن بمدى الإنتهاكات التي يتعرض لها هو ورفاقه، فقد كانوا يربطون يديه خلف ظهره ويتركون بالساعات ، كما كانوا يرشونه باالماء البارد ويتركونه حتى تجف ملابسه فى طقس الشتاء شديد البرودة- على حد قول زوجته هدى محمود.

أما ثالثة الأثافي فقد كانت اعتقال فادي سمير-19 عاما –وذلك فى مظاهرة لدعم الطلاب والناشطين السياسيين المعتقلين،وقد وجهت له النيابة تهمة الإنتماء للإخوان المسلمين ،هذا بالرغم من كونه مسيحي الديانة كما تقول والدته ، ولا يزال فادى محتجزا حتي اليوم دون محاكمة فى سجن طنطا العمومي- 60 ميلا شمال القاهرة.

تقول والدة فادى سمير :-

“لقد وصلنا للنقطة التي نستشعر فيها بالعجز التام ، فلم يعد لدينا ثقة فى منظومة العدالة فى مصر … نعم ، ليست لدينا ثقة الآن إلا في الله “

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى