اسرائيل وإيران تبادل أدوار لدولتين منبوذتين في المنطقة

وطن _ نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية تقريرًا مطولاً حول  اسرائيل وإيران راصدة ما يشبه تبادلاً للأدوار بين الدولتين ومحذرة من مغبة  استمرار كل منهما في مسارها الراهن.

واستهلت بالإشارة- على موقعها الإلكتروني- إلى أنه “رغم المعاداة التي استمرت عقودًا بين إسرائيل وإيران إلا أن بينهما الكثير من الصفات المشتركة، فاليهودية والفارسية اثنتان من أقدم الحضارات البشرية، كما أن إسرائيل وإيران ليستا عربيتين في منطقة عربية، وفي حقبة الخميسينيات من القرن الماضي كان ديفيد بن جوريون في إسرائيل والشاه محمد رضا بهلوي في إيران مثالين للعلمانية، ثم كان العام 1979 الذي شهد الثورة الإسلامية في إيران ومجيء الأصوليين.. وهاهي إسرائيل تواجه خطر صعود اليمين المتطرف للسلطة على غرار إيران وإن تأخرت قليلاً.

الصراع السري بينهما بات الآن مفتوحاً وعلنياً .. “التايمز”: حرب مقبلة بين إيران وإسرائيل ستغير الشرق الأوسط

وأضافت الصحيفة “كما تواجه كل من إيران وإسرائيل في الوقت الراهن تحديات جديدة على صعيد العلاقات مع العالم الخارجي عمومًا والولايات المتحدة على وجه الخصوص.. على مدار السنوات السبع الأخيرة فرضت الأمم المتحدة عقوبات على إيران بهدف صدّها عن تطوير برنامجها النووي، وعلى مدى سنوات ظل الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد يحارب “الشيطان الأكبر”، ولا يزال المرشد الإيراني على خامنئي يعارض الإصلاحات التي ينادي بها إيرانيون أدركوا أن الاستمرار في النهج القديم لن يورث غير المزيد من العقوبات والتبعات الاقتصادية الكارثية”.

وتابعت “مثلما تهب رياح التغيير على إيران، لم تعدم إسرائيل هي الأخرى رياحًا مماثلة، فهاهم الديمقراطيون العلمانيون في إسرائيل يفقدون الأرض من تحت أقدامهم لحساب اليمين الديني المتطرف الذي يجد راحة في مهاجمة الولايات المتحدة التي هي الظهير الأقوى لإسرائيل.. فلم تمر أشهر طويلة على وصف وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري بأنه “مسيحي مهووس”، حتى اقتدى به وزير المالية نفتالي بينيت واصفًا الرجل نفسه بأنه لسان عناصر معادية للسامية تحاول مقاطعة إسرائيل”.

ورصدت “نيويورك تايمز” تزايد مخاوف الديمقراطيين العلمانيين في إسرائيل من أن يكونوا سائرين صوب نموذج شبيه بالنموذج الإيراني حيث السلطة في قبضة اليمين الديني.

ونوهت الصحيفة عن أنه على مدار أكثر من ثلاثين عامًا، سمحت الثروة النفطية في إيران لقادتها الدينيين بالبقاء وادعين في السلطة، حتى جاءت العقوبات كارثية الآثار وأرهقت الشعب الإيراني الذي مل حديث أحمدي نجاد واستبدل به البرجماتي حسن روحاني الذي وعد بإصلاح الاقتصاد واستعادة العلاقات مع الغرب.

وقالت “إن إيران بلد المتناقضات، بينما الصفوة الحاكمة يغلب عليها رجال الدين المسنون وبطبيعة الحال والوصف هم من الرجال، نجد أن نسبة 64 بالمائة من الحاصلين على درجة علمية في العلوم والهندسة من السيدات.. وعلى الرغم من جهود الحكومة الإيرانية من أجل ما وصفه البعض بأنه نظام للفصل العنصري بين الجنسين إلا أن كثيرات من السيدات الإيرانيات تقتحمن العديد من المجالات مثل السينما والنشر والأعمال الحرة”.

وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن أكثر من نسبة 60 بالمائة من الإيرانيين هم تحت سن الثلاثين، والأغلبية الكاسحة بين هؤلاء يؤمنون بالحرية الشخصية، وعليه فلا محل للعجب من إعراب خامنئي الشهر الماضي عن أن أكثر ما يقلقه يتمثل في “الغزو الثقافي” العلماني لإيران.

وفي الوقت الذي يتجه فيه المعتدلون في إيران وبعض القادة صوب البراجماتية والغرب، يبدو العديد من الإسرائيليين يتحولون عن هذه الوجهة، على مدار 66 عامًا هي عمر إسرائيل شهدت الدولة ترددًا بين التودد والمعاداة، وهي تقلبات طبيعية يحركها بالأساس الوضع الأمني للدولة وآفاق السلام.. لكن التحول الراهن يسرع وتيرته كل من الدين والديموجرافيا، ومن ثم فهو مختلف نوعيًا، حيث يسعى اليمين الديني المتطرف إلى تحويل نظام الحكم في إسرائيل إلى ثيوقراطي ديني وتشير الشواهد من حيث معدل مواليد هذا اليمين مقارنة ببقية فصائل إسرائيل إلى أن مساعي اليمين وأحلامه ليست بعيدة المنال.

وتقول الصحيفة إن الحال على النقيض في إيران، حيث يشهد معدل مواليد أصحاب التوجه العلماني ارتفاعًا على حساب الدينيين، وهو ما يؤرق ليل خامنئي فيمضي فحمته ساهرًا.

ورأت  صحيفة نيويورك تايمز أن طول عهد هذه التوجهات الديموجرافية قد يؤدي إلى الانتصار على النظام الديني في إيران وعلى النظام الليبرالي في إسرائيل.

وأكدت الصحيفة أن وصول اليهود المتشددين إلى السلطة لا يعني فقط حكومة دينية، لأن معظمهم يعارضون إبرام أي اتفاق مع الفلسطينيين.. فمع كل يوم يمر تتضاءل فرصة الوصول لاتفاق سلام.. وإذا ما استمرت إسرائيل في توسعها الاستيطاني والتعويل على سياسية الأمر الواقع، فإن التهديد الوجودي لإسرائيل لن يتأتى من البرنامج النووي الإيراني وإنما من العقوبات الاقتصادية في ظل تعالي الأصوات المنادية بمقاطعة إسرائيل.

ونوهت عن أن ما بدأ قبل أعوام قليلة بجهود ودعوات فردية بمقاطعة إسرائيل تحول اليوم إلى حملة دولية منظمة تنادي بفرض عقوبات اقتصادية ضد الشركات والبنوك والمؤسسات الإسرائيلية.

وقالت الصحيفة “في الماضي كان يمكن لإسرائيل الاعتماد على الغرب عمومًا والولايات المتحدة خصوصًا في التصدي لأية دعوات من هذا القبيل ضد إسرائيل، أما اليوم وقد تغير نسيج التعداد الإسرائيلي، وأصبح يهود الغرب أقل تدينًا، بات هؤلاء أقل تعصبًا لدولة إسرائيل وسياساتها فقل ضغطهم على الدول التي يعيشون على أرضها”.

إضافة إلى ذلك، “مع توجه الغرب صوب مزيد من الاحترام لحقوق الإنسان، بات الاحتلال يمثل انتهاكا لمعايير الليبرالية الغربية، كما أن جيلاً جديدًا من اليهود الأمريكيين باتوا يلمسون تناقضًا بين قيمهم الليبرالية والعديد من السياسات الإسرائيلية”.

خطوط أنابيب سرية بين إيران وإسرائيل تكشف فضيحة نفطية

ورصدت الصحيفة اتجاهًا مضادًا تعيشه إيران التي شهدت شتاتًا لأبنائها، فنحو سبعة ملايين إيراني يعيشون في المنفى، وتعج أمريكا بمشاهير العلماء الإيرانيين في شتى المجالات الاقتصادية والعلمية والثقافية ممن ينصبون أنفسهم مدافعين عن الديمقراطية في بلدهم الأصلي إيران ومنادين بتحسين علاقاته مع الولايات المتحدة.

واختتمت الصحيفة بالقول إنه “إذا فشل المعتدلون في إيران في دفع بلدهم على طريق الإصلاح، وأخفق العلمانيون في إسرائيل في صدّ التحول الذي تشهده دولتهم صوب الحكم الديني فمصير الدولتين هو المزيد من العزلة والشتات”.

قد يهمك أيضاً

تعليقات

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

تابعنا

الأحدث