أيها الأهالي، احذروا من قول “الأكاذيب البيضاء” لأطفالكم
شارك الموضوع:
قد تكون الأبوية أمرًا معقدًا أكثر مما يجب، وتتطلّب دهاءً وقدرة كبيرة على المناورة. يستخدم الآباء جميع أنواع الحيَل من أجل عمل الأفضل لأولادهم، حيث إنّ هذا الأمر الجيّد يصطدم في مرات كثيرة مباشرة مع رغبات الطفل. وهكذا يحدث في العديد من الأحيان، بشكل لا يُعترف به، أن الأهل يكذبون على أولادهم. تحذر دراسة جديدة الأهل وتقرّر أنّ هناك أيضًا ثمن للكذب الأبيض، وقد يؤدي إلى فقدان ثقة الطفل.
استخدمت الدراسة التي أجريت من قبل معهد ماساتشوستس للتقنية، MIT، ألعابًا من أجل فحص قدرة الأطفال على التعرّف على الكذب: حصل الأطفال أبناء السادسة والسابعة على لعبة وطُلب منهم اكتشاف جميع وظائفها. أعطيت لإحدى المجموعات لعبة ذات أربعة أزرار، وبالمقابل حصلت المجموعة الثانية على لعبة ذات زرّ واحد. شاهد الأطفال شخصًا بالغًا يعرض اللعبة ويظهر لهم وظيفة واحدة فقط. طُلب منهم أن يشيروا إلى أي مدى ساعدهم هذا الشخص البالغ من 1-20. فالأطفال الذين عرفوا أنّ للعبة وظائف أخرى أعطوا للشخص البالغ علامة أقل من أولئك الذين تلقوا لعبة ذات زر واحد. في دراسة تالية، قام نفس الشخص البالغ بعرض لعبة أخرى، ومرة أخرى أظهر لهم واحدة من وظائف اللعبة فقط. حقّق الأطفال الذين جرّبوا عرض هذا الشخص الجزئي في التجربة السابقة اللعبة الجديدة بشكل أكثر شمولا، وظهر أنهم فقدوا ثقتهم بالمرشد.
“بالنسبة للأطفال، حين يتعلمون معظم المعلومات الخاصة بهم من العالم عن طريق وساطة البالغين، فمن المهمّ جدّا أن يعرفوا بمن يثقون”، هذا ما قاله الباحث الرئيسي في الدراسة، التي نُشرت في المجلة المتخصصة “كوغنيتسيا”. وأضاف “حين يوفر لنا شخص ما معلومات فنحن لا نتعلم المحتوى فقط وإنما عن الشخص الذي أمامنا أيضًا. إذا كانت المعلومات دقيقة وكاملة نثق بنفس الشخص في المستقبل كذلك أكثر. إذا أخطأ الشخص الذي يمرر المعلومات أو غيّر شيئًا مهمّا من المعلومات، فمن الممكن أن نرجأ ثقتنا، أن نشكك به بل وأن نبحث عن مصادر معلومات أخرى”.
انشغلت الدراسات السابقة بشكل أساسيّ بفكّ رموز مسألة إذا ما كان الأطفال يلاحظون الكذبات أم لا، ولكن هذه المرة لم يكن ذلك هدف الباحثين، لأنّه قد تمّ بالفعل توطيد هذه الحقيقة في الماضي. لقد أرادوا أن يفحصوا شيئًا أكثر شبيهًا بما يحدث في الديناميكية الأسرية، بين الوالدين والأطفال. “لقد درسنا سوى تلك المشاعر موضوع الصدق والكذب”، هكذا يشرح الباحث الرئيسي. “أردت أن أفحص في الدراسة الحالية إذا ما كان الأطفال حساسين أيضًا لمن يحكي لهم أنصاف الحقائق، بخلاف الحقيقة الكاملة، أي من لا يعطيهم كل المعلومات التي يحتاجونها. يُظهر فقدان الثقة المكتسب الذي تمّ الكشف عنه في التجربة الثانية كم الأطفال حساسون في تقييمهم، وكم يقلّلون من قيمة من يخيّب أملهم ولا يعطيهم التفاصيل الدقيقة. إنّهم يتعلّمون من ذلك درسًا ويطبّقونه”.
الاستنتاج الواضح من الدراسة هو عدم تجنّب الأسئلة الصعبة، وحين توجّه إليكم، أجيبوا عليها مباشرة وبوضوح. حين يسأل الطفل ماذا يحدث بعد أن نموت، فهذه فرصة لأن نحكي له عن مجموعة المعتقدات المختلفة التي يحملها البشر حول الموضوع. هل سيموت أبي؟ نعم، في يوم ما، ولكن بالتأكيد ستكون أنت كبيرًا وسيكون لديك أطفال. إذا قلنا للأطفال إنّنا لا نموت، فسوف يطمئنهم ذلك لحظيّا، ولكن ذلك أشبه بأننا نقودهم مباشرة لسقوط كبير.