السكّر يٌؤدّي إلى الإدمان تمامًا كالكوكايين
شارك الموضوع:
يستجيب دماغُنا للسكر تمامًا كما يستجيب للكوكايين، ولا يُؤدّي السكر للإدمان بصورة أقلّ عما يُحدثه التبغ، الكحول والمخدّرات الثقيلة. فكلّما احتجنا للمزيد من السكّر، نطلبه أكثرَ فأكثر.
هذه هي الفكرة المركزيّة لفيلم أمريكي قصير نُشر مؤخّرًا في الولايات المتّحدة ليُحذّر من شيوع وباء السكّر. في الفيلم، يقوم عدد من المختصّين ذوي أسماء عالميّة في مجال الطب والتغذية بإجراء مقابلات، بحيث أنّ جميعَهم مُدمنون على الأطعمة المُحلاة. يشترك جميعهم على تمرير رسالة واحدة جليّة، إذ يستطيع، بكل سهولة، تحقيقَ هذه الرسالة جميعُ أبناء الجيل الجديد المُدمنين على السكّر. وفي الحقيقة، إنّ 80% من مُنتجات الغذاء التي نجدها على رفوفنا، في جميع أنحاء العالم، تحوي سُكّرًا بنسب مُختلفة.
وفقًا للفيلم، عمليّة الإقلاع عن تناول السكر مشابهة للإقلاع عن استعمال المُخدّرات، وفيها يمرّ الشخص بأعراض معيّنة كالعصبيّة والإرهاق. تأتي هذه المعطيات وفقًا لأبحاث – إذ يعرض الفيلم تجربة أقيمت في جامعة بوردو في فرنسا، تمّ فيها إيصال 43 فأرًا إلى مرحلة الإدمان على الكوكايين. يوميًّا، ولمدة 15 يومًا، قاموا بمنح الفئران (التي أدمنت على الكوكايين) الاختيار بين ماء مع سكّر وبين الكوكايين. اختار 93 بالمائة من الفئران (40 من بين 43) شُرْبَ السكر مرةً تلوَ الأخرى.
أثار هذا الفيلم ردودًا غاضبة، وهناك مَن يدّعي أنّ تأثيره لن يكون أقلّ من تأثير الفيلم الوثائقيّ “زدني حجمًا” (size me up)، الذي أدّى إلى تغييرات في قائمة أغذية ماكدونالدز، وبفضله أضيفت إلى القائمة أغذية صحيّة وتمّ إظهار القيم الغذائيّة بشكل أوضح في الوجبات المختلفة.
أين يختبئ السكر؟
وفقًا لمُنتجي الفيلم وللأشخاص الذين تمّت مقابلتهم فيه، فالسكر هو المسئول عن السمنة عند الأطفال والشبيبة في الولايات المتّحدة، وهو أيضًا السبب، في بداية الأمر، بقِصَر حياة الجيل الحاليّ مُقارنةً مع أهاليهم. زُعِمَ في هذا الشريط أنّ سبب ذلك يعود إلى عدم إظهار تحذيرات على عُلب الحلوى وعلى باقي المُنتجات الغنيّة بالسكّر التي تُحيطنا من جميع الجهات، والمقصود؛ هو كتابة تحذيرات كتلك التي تُكتب على عُلب السجائر تحذيرًا من مخاطر التدخين.
لا يتواجد السكر فقط في الحلويات، إنّما أيضًا في المشروبات الخفيفة، في الحبوب، في الصلصات (فمثلا، صلصة الطماطم تُعرّف في عالم التغذية كسُكّر)، في لبن الزبادي مع الفاكهة وحتّى في المسلّيات المالحة. تكمن المُشكلة في أنّنا لا نستطيع دائمًا تمييز السكّر بتمعّننا بقائمة المُحتويات لأنّه يظهر بعدة أسماء–غلوكوز، فركتوز (سكر الفاكهة)، شراب الذرة، الكراميل وغيرها-كل هذه الأسماء تُشير إلى احتواء المُنتج على السكّر.
ما المُفزِع في السكّر؟
صحيح أنّ الإدمان على السكّر أفضل من الإدمان على الهيروين، لكن أيضًا للسكّر هناك لائحة طويلة لأضراره. يُشدّدون بكلامهم في الفيلم حول وباء السمنة ونسبة الأولاد المصابين بالسمنة في الولايات المتّحدة. إذ تُصاحب السمنةَ الكثيرُ من الأمراض، كأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم. بالإضافة إلى مرض السكّري أيضًا، والفطريات التي تُسبّب التلوُثات والالتهابات، وإلى مشاكل في جهاز الهضم وإلى أدواء أخرى؛ مشاكل الجلد، تقلبات في المزاج، نقص فيتامينات B و C، حصى الكلى وغيرها.
وأُثبت علميّا أنّ الزيادة في تناول السكريّات تُؤدّي إلى إخماد الآليات المناعية في الجسم. إذ يؤدّي السكر الفائض في الجسم إلى انخفاض عدد كريات الدم البيضاء الأكولة، التي تقوم ببلع الجراثيم وقتلها، وبالتالي تتضرّر قدرة جهاز المناعة في الدفاع عن الجسم من حالات التلوث المختلفة.
ما هي كمّيّة السكر التي يجب استهلاكها؟
تنصّ الطموحات على تقليص استهلاك السكر قدر المُستطاع وتعويد الجسم وغدد التذوّق بالفم على أطعمة أكثر اعتدالا. مع ذلك، يُدرك الباحثون أنّنا بحاجة إلى الطعام الحلو وأنّه بالنسبة لكثير من الأشخاص فإنّه من الصعب إلغاء الأطعمة الحلوة من اللائحة الغذائيّة خاصّتهم. فالجرعة المعقولة هي مرة واحدة في اليوم.
عند الأولاد مثلا، يتم الحديث عن نوع واحد من المسلّيات في اليوم على الأكثر، في حين تكون الحبوب، البوظة، ومُنتجات الحليب مشمولة داخل هذه القائمة. بالنسبة للمشروبات المُحلاة فمن الأفضل عدم شربها البتّة، نظرًا لسرعة امتصاصها، ومن المفضّل دومًا الحصولُ على السكر من مصدره الطبيعيّ، مثلا، الفاكهة أو الربّ أو محليّات مثل نبتة الستيفيا السكّريّة.
كيف نفطم أنفُسنا عن السكّر؟
يُمكن الانفطام عنه بشكل مستقلّ، أو بمساعدة مهنيّة، مثلا من قبل مستشار تغذية وملائمة لائحة أغذية خاصة. لا تتوفّر طريقة علاج واحدة للجميع، ويجب مُلائمة العلاج للشخص المُعالَج ولاحتياجاته.الأمر الأهمّ هو المعرفة والتيقّن بأنّه يتم الحديث حول إدمان يجب علاجه. وبهدف الانفطام عن الحلويات يجب تنفيذ عمليّتَيْن: اتخاذ قرار، التزام ومثابرة.
بعض النصائح لغذاء صحّيّ أكثر، يحوي سُكّرًا أقلّ:
• الحصول على السكر من مصدر طبيعي: من المحبّذ تزويد الجسم بوجبة السكر على صورته الطبيعيّة، كالفواكه التي تسدّ الحاجة للسكّر.
• إحداث تغيير تدريجي وليس إخراج الحلويات من لائحة الغذاء مرة واحدة فورًا: ينبغي تعويد غدد التذوّق، التي اعتادت على مذاق الطعم الحلو، على طعم أكثر اعتدالا.
• أن نكون واعين: من المهمّ جدًا الانتباه إلى الحاجة النفسية للحلو، والمحاولة لإيجاد مُتع وملذّات لا تتّعلق بالطعام والأكل.
• اكتساب عادات أكل صحيّة: عمليّة أكل بطيئة وزيادة المضغ تكشف لنا مذاق الأطعمة، بما في ذلك المذاق الحلو. إيجابيّة أخرى: تؤدّي عملية الأكل بصورة بطيئة إلى شعور أكثر بالشبع وإلى تقليل بكميات الأكل التي نستهلكها.
• دمج الحلو الطبيعيّ مع أغذية غنيّة بالألياف: تناول المربّى على شريحة من الخبز كامل القمح، مثلا، تُؤدّي إلى تفكيك أبطأ للسكرّيات في المربّى.
(المصدر)