حكاية أشجان.. الطفلة السودانية التي تزوجت بعمر الخامسة
أشجان يوسف.. عمرها ثمانية أعوام. هي طفلة بحسب مقاييس الأعمار المتعارف عليها دوليا، لكنها زوجة منذ ثلاث سنوات في السودان.
تم تزويج أشجان ولم يكن عمرها تعدى الخمس سنوات لرجل في الأربعينات، وحال صغر سنها دون إدراكها لفظاعة ما ينتظرها داخل القفص “الذهبي”.
واليوم، تثير قضية فسخ زواج أشجان ردود فعل واسعة في السودان وخارجه لأسباب عدة، من بينها القانون المعمول به في البلاد والذي يجيز زواج القاصرات في سن العاشرة، ما يجعل من أشجان واحدة من بين آلاف الطفلات اللواتي يعانين بسبب تشريعات تغتصب حقهن في الطفولة.
اشتياق واحدة من هذه الطفلات، تقول في مقابلة مع “راديو سوا” إنها عرفت أنها متزوجة فقط بعدما اغتصبها زوجها الذي كانت تعتقد أنه قريبها، وذلك رغم تعهده بعدم معاشرتها حتى تبلغ سن الرشد وتنهي دراستها.
فاطمة والدة اشتياق تبرر تزويج ابنتها بضعف موارد الأسرة المالية، كون الوالدة مرت في التجربة المريرة نفسها في طفولتها لم يثنها عن تكرار الأمر مع فلذة كبدها.
لكنها تتأسف اليوم لاتخاذها هذا القرار بسبب عواقبه السلبية على ابنتها وعلى العائلة ككل.
معاناة اشتياق كسرت لا محالة أشياء عديدة داخل الطفلة لكنها عززت إصرارها على متابعة دراستها لتكافح ضد زواج القاصرات والزواج المبكر، حسبما صرحت لراديو سوا.
و إذا كانت اشتياق قادرة على الحديث عن مأساتها، فالوضع النفسي لأشجان لم يسمح لها بالحديث عن معاناتها داخل عش الزوجية لتتحدث فقط عن طموحاتها وحلمها بالالتحاق بالمدرسة لتصبح محامية.
أشجان تخلصت من قيود زوجها بعدما أقدم خالها على اختطافها وتبنيها بطلب من والدتها لأن الزوج تراجع عن الاتفاق الذي أبرم بينه وبين عائلتها والذي يقضي بتسليمها إليه عند بلوغها 15 سنة.
بتأثر شديد، يستنكر خال أشجان ما تعرضت له الصبية ويقول إن تزويج أشجان في هذه السن المبكرة مخالف لتعاليم الشريعة الإسلامية.
ثورة على التشريعات السودانية
تقول مديرة مركز سيما ناهد جبر الله والتي أثارت قضية الطفلة أشجان إن هذه القضية ليست إلا نموذجا لما تعانيه الفتيات في السودان، وتشير إلى أن نسبة زواج الأطفال بلغت 37 في المئة في البلاد بحسب الإحصاءات التي نشرتها الدولة.
وتضيف ناهد أن الزواج حتى لو لم تعاشر الفتيات أزواجهن، يعرض القاصرات إلى أمراض نفسية مدمرة أحيانا.
وتؤكد أن تحقيق حلم الطفلة أشجان وأحلام غيرها من الفتيات يحتاج إلى تحركات وتغييرات جذرية في البلاد تؤدي إلى إسقاط القوانين التي تسمح بزواج القاصرات وتفتح المجال أمامهن لمتابعة الدراسة.
ولكن كيف ينظر المسؤولون لمثل هذه الحالات؟ وهل من تحرك للتصدي لزواج القاصرات؟
يقول عضو المكتب السياسي في الحزب الحاكم في السودان ربيع عبد العاطي إن حزب المؤتمر الوطني العام يعمل على قدم وساق لتعديل القانون الصادر عام 1991 بشأن زواج القاصرات بعد تولي الرئيس عمر البشير السلطة في البلاد.
لكن الأمينة العامة للمجلس القومي لرعاية الطفولة أمل محمود تؤكد أن القوانين ليست كافية لوقف ظاهرة زواج القاصرات في البلاد.
وتتابع أمل محمود إن القضية تندرج تحت الأعراف والتقاليد، لكنها تؤكد أن سن العاشرة القانوني هو غير منطقي وغير مقبول وأن المسألة تتطلب تعديل السياسات والقوانين و حملات توعية.
ويبقى الأمل في أن تتوقف الأسر عن الرمي ببناتها إلى التهلكة وانتهاك طفولتهن كيفما كانت الحجج والتبريرات.
المصدر: راديو سوا