قال الرئيس السابق للائتلاف الوطني السوري، أحمد معاذ الخطيب، إنه مستعد للقاء أي مسؤول في النظام السوري من أجل “حل توافقي حقيقي”، موضحا أن زيارته الأخيرة مع عدد من المعارضين السوريين إلى موسكو كانت للبحث عن “تقاطعات سياسية” بين الدول التي لها مصالح في سوريا.
وشدد الخطيب على أنه تم إبلاغ الروس بأن رئيس النظام السوري بشار الأسد لا يمكن أن يكون جزءا من أي مرحلة في المستقبل.
وكان الخطيب قد أعلن السبت عن زيارة قام بها إلى موسكو مع عدد من الشخصيات في المعارضة السورية، وذلك بالتزامن مع زيارة يقوم بها المبعوث الدولي إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، إلى العاصمة دمشق، ولقائه مسؤولين بالنظام السوري بينهم الأسد؛ لبحث اقتراحه بـ”تجميد” القتال في حلب كمرحلة أولى لتوفير أرضية لإطلاق المفاوضات.
وبينما وصف الخطيب في مقال مطول نشره على صفحته على “فيسبوك” تحت عنوان “هل ستشرق الشمس من موسكو؟”؛ النظام السوري بـ”المتوحش”، ووصف بعض أطراف المعارضة بأنها “محنّطة لم تجتمع لقصف شعبنا بالسلاح الكيميائي، ولكنها اجتمعت مرتين في نفس اليوم لمحاسبة من ذهبوا إلى موسكو.. وفوق ذلك وعود مزيفة بالدعم الذي لم يتفق أصحابه على شكله بعد أربع سنوات من بحار الدماء”.
وفي إشارة إلى الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، الذي كان الخطيب أول رئيس له، قال: “كان ينتظرُ من مؤسسة موقرة أن تساعدَ الشعب في أزمته، وتنقذه من أنياب النظام، وما عدا بضعة أشخاص منهم فإن التفكير المحنط والجدال العقيم والعقلية الحزبية الانتهازية هو فكرها الأوحد لذا فقد زادت الطين بللاً” حسب قول الخطيب.
وتحدث الخطيب مطولا عن زيارته الأخيرة إلى موسكو، وقال: “دُعيتُ مرات لزيارة موسكو واعتذرت، وتمنيتُ أن يكون من استلموا المِقودَ قد انتبهوا للأخطاء السابقة، وجعلتْهم مأساةُ شعبنا يُحسون بضرورة التغيير السياسي والفكري”. وأضاف: “كنا نحاول العمل الهادئ، بالتواصل مع إخوة في الداخل وتيارات مختلفة، والتناصح، والاتصال مع بعض الأطراف الدولية (..)، ولكن كل الأمور كانت أضعف مما هو مطلوب”.
وحذر الخطيب من “أن تموتَ قضيتُك، وإن لم تحركها أنت فلن يحركها أحد”، وهذه المرة “مع مجموعة من الإخوة قررْنا كسر الجمود”. واعتبر الخطيب أنه “مخطئ من ظن أنها نزوة فردية، فلنا أشهر نتشاور حولها، ونفكر في أبعادها ومآلاتها ومحاذيرها وفوائدها وأضرارها، وقد أخبرْنا بها قبلاً بعض الفصائل العسكرية من الثوار، وبعد ذلك كله قررنا أن نذهب، واخترنا وفداً نوعياً فيه أكبر ضابطين في صفوف الثورة، وهما لواءان: أحدهما رئيس هيئة الإمداد والتموين، والآخر رئيس الأكاديمية العسكرية الوطنية، ومعنا سفير للمعارضة، ودبلوماسي سابق مختص بالقانون الدولي”. وقال: “إننا مواطنون سوريون نعيش الألم كل لحظة ومن حقنا أن نبحث عن مخرج إنقاذي لبلدنا”.
وحول مجريات الزيارة إلى موسكو، أوضح الخطيب “اجتمعنا يومين، وترأس أحدَ الاجتماعات من قبل الروس المفوضُ بغدانوف مبعوث الرئيس الروسي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقية (..) وفي اليوم التالي اجتمعنا بوزير الخارجية الاتحادي سيرغي لافروف”.
وأضاف: “الاجتماعان كانا ناجحين إلى درجة كبيرة، ولم يكن معنا أحد من غير السوريين أو من النظام، وقد كنا واضحين تماماً معهم من أننا نُصر على استقلال القرار السياسي السوري، واستقلال سورية ورفض تقسيمها (..) ورفض التدخلات الإقليمية والدولية، ونحن ضد الانجرار إلى أي حرب طائفية، ونحن حريصون على ترابط النسيج الاجتماعي السوري، وأننا نريد علاقات نِدّية متوازنة مع كافة الدول، وقد كان للروس دور في بناء بعض مؤسساتنا الاقتصادية والعسكرية والتي هي ملك للشعب السوري، ونرحب بمساعدة أي طرف في مهمتنا لإنقاذ سورية”.
وتابع: “قلنا لـ(لافروف) صراحة وبكل موضوعية: قد يكون قسمٌ من الشعب السوري مع بشار الأسد، وقسم ضده ولكنه المسؤول الأول عما جرى، وبالتالي فإنه لا يمكن بأية طريقة قبول أن يكون جزءاً من مستقبل سورية السياسي، وصحيح أن هذا لا يتم خلال يوم وليلة، ويحتاج إلى ترتيبات ما، ولكنه أمر أساسي بالنسبة لمصلحة سورية”.
وحسب الخطيب، “لم يعترض الروس على كل ما قلناه، وأخبرونا أنهم يفكرون في عقد مؤتمر يضم بعض الشخصيات من المعارضة السورية، ويهمهم أن يكون هناك توافق على خطوط أساسية، وطلبْنا منهم أن يسعَوا بالتفاهم مع الأميركان ويتوافقوا على صيغة – وليسموها جنيف 3 إن شاؤوا – لفتح نوافذ حل سياسي تفاوضي. ووعد الوزير لافروف بطرح الأمر مع وزير الخارجية كيري الذي كان سيلتقي به يومها ساعاتٍ في الصين، ولم يصلنا بشكل رسمي ما اتفقا عليه بخصوص هذا المؤتمر”.
وقال إن روسيا أكثر تمسكا الآن بسورية بعد خسارتها ليبيا والعراق، “وستكون شرسة جداً في الخروج منها”، محذرا من أن “الشعب السوري وحدَه هو من سيدفع ثمن صراعات دولية متجددة في سورية”.
وأكد الخطيب أنهم واعون لما يمكن أن يكون من محاولات من جانب الروس لـ”التلاعب”، وقال: “كل ما نراه تفريطاً ببلدنا أو محاولة لإعادة إنتاج النظام المتوحش، فلن نكون جزءاً منه، بل سنتصدى له قدر ما نطيق ونطالب جميع السوريين بأن يكونوا معنا في ذلك”.
واعتبر الخطيب أنه يعمل مع مجموعة تمثل “تيارا موجودا” بالفعل، “ولكنه بلا اسم لأن ما يهمنا هو النتائج، وقد يكون هناك ضرورة خلال وقت قريب إلى وجود اسم معلن ووقتها سيحصل ذلك”.
ورأى أن “المعارضة السياسية قد أُعطيتْ فرصتها، وكل ما صنعته حصل تحت أنظار الناس، وذهبت مع وفد النظام إلى جنيف 2 بالقوة القاهرة لكليهما، وللأمانة فقد كان أداؤها أفضل من أداء النظام، ولكن الصلَف سيطر على الوضع، ولم يكن هناك من نتيجة وراء ذلك”.
وعبّر الخطيب عن اعتقاده بأن تحركاته تحظى بتأييد “الرأي العام السوري بكل ألوانه، من الموالي للثورة إلى الموالي للنظام، ومن الإسلامي إلى العلماني، وبكل ألوان الشعب السوري الدينية والثقافية والقومية”، لأننا “ما لم نجد صيغة نتعايش فيها فستنهار سورية ونهوي جميعاً بلا عودة”. كما اعتبر الخطيب أنه يعتمد أيضا على “حاجة كل الأطراف التي لها علاقة بما يجري في سورية إلى مخرج (..) فالحريق سيخرج إن بقي هكذا عن السيطرة، وسيكون من مصلحتها حتى هي وجود أمن واستقرار في سورية”، مشيرا في الوقت نفسه إلى أنه “نحن السوريين لا يمكننا التحرك من دون حلفاء وأصدقاء، ومن دون تشاور وتواصل، ولكن الكل لديهم مشاغلهم ومشاكلهم، وفي السياسة مصالحهم (..) ولن يقتلع أحدٌ شوكنا إلا إذا اقتلعناه بأيدينا”.
وأضاف: “نحن نبحث عن التقاطعات بين مصالح الدول، والعمل عليها سيوجد مساحة تؤمِّن حداً أدنى للإقلاع الوطني”، لكن “لن نكون مطيةً لأية دولة، وفي نفس الوقت سنتواصل مع الجميع، ونعتقد أن التفاوض السياسي هو الأنجح والأقل خسائر، ونمد الأيدي إلى كل أبناء سورية الذين يبحثون عن العدل والحرية”.
وفي إشارة إلى ما يتردد عن إمكانية تشكيل حكومة انتقالية في سورية في ظل حكم بشار الأسد، قال الخطيب: “لا نبحث عن مواقع سياسية، ونرفض الأدوار التجميلية، وليس الحل بمشاركة صورية في حكومة انتقالية وهْمية كما تُشيع بعض الجهات الإعلامية كل فترة، بل بحل توافقي حقيقي، ترافقه عدالة انتقالية”، مشيرا في الوقت نفسه إلى أنه لا يمانع “من اللقاء مع أي مسؤولٍ من النظام، وسبَق أني دعوت حتى بشار الأسد عندما تقلدت منصب رئيس المعارضة السورية إلى مناظرة تلفزيونية علنية عبر الفضائيات، لنجد حلاً لمأساة سورية فتم التعالي على ذلك. ودعَونا مسؤولين آخرين على وسائل الإعلام ولا أعلم ممّ يخافون”.
وكرر الخطيب مطالبته ببوادر حسن نية قبل بدء التفاوض السياسي، “وهي خطوة إنسانية محضة، تتمثل في تمديد جوازات السفر للمواطنين السوريين بدل تركهم لعصابات البحر وأمواج الظلام ومافيات التهريب والتزوير، والأهم من كل ذلك إطلاق سراح النساء والأطفال من سجون النظام”.
وعاد الخطيب في نهاية مقاله للإجابة عن السؤال “هل ستشرق الشمس من موسكو؟” الذي عنون به، ليقول: “لم نكن نبحث عن الشمس بل عن التقاطعات السياسية”.
وكان الخطيب قد استهل مقاله بقوله إنه سمع من الأمريكيين والروس رفضهم للتقسيم في سورية، كما اعتبر أن النظام لا يريد التقسيم في المرحلة الحالية، علاوة على المعارضة السورية “بكل أطرافها السياسية والعسكرية”. واتهم الخطيب قوى “فاعلةٌ شرسةٌ” متمثلة في “مافيات” الأعمال يهمها إبقاء الأوضاع على ما هي عليه في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، بحسب الخطيب.
وذهب الخطيب إلى حد القول بأن وجود “نظام من اللصوص يسرق (..) يبقى أقل سوءاً من فوضى عارمة، متحدثا عما قال إنها كميات كبيرة من الغاز والنفط قبالة السواحل السورية يمكن أن تتعرض لاستغلال “الدول الإقليمية والمافيات العالمية” حسب تعبيره.