دراسة إسرائيلية: العلاقات بين الرياض وتل أبيب وصلت خلال الشهور الماضية إلى درجة غير مسبوقة
نشر موقع «ميداه» الصهيوني مؤخراً، دراسة له حول طبيعة العلاقات السعودية «الإسرائيلية» خلال الفترة الراهنة، مؤكدا أن العلاقات بين الرياض وتل أبيب وصلت خلال الشهور القليلة الماضية إلى درجة غير مسبوقة من التعاون والتنسيق بين البلدين.
وأوضح أنه على ضوء الأحداث التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط وسقوط العديد من الأنظمة العربية خلال السنوات الماضية، تغيرت سياسات دول المنطقة وبدأت تتخذ مسارا جديدا في علاقاتها الإقليمية والدولية، مضيفا أن هذه التغيرات ساهمت في التقارب السعودي «الإسرائيلي» الذي ظهر جليا خلال الشهور الأخيرة.
ولفت «ميداه»، في الدراسة التي نشرها الخميس ما قبل الماضي، إلى أنه بجانب هذه السياسات الدولية والقضايا الإقليمية التي تشهدها المنطقة، فإن هناك عدة ملفات ساهمت في تعزيز العلاقات بين الرياض و«تل أبيب»، أبرزها المجال النووي، حيث بدأت السعودية مؤخرا خطوات حثيثة نحو بناء 4 مفاعلات نووية.
وأكد الموقع على أن الرياض سعت نحو المجال النووي لمواجهة ما أسماه بمخاطر إيران النووية، بجانب ما شهدته الفترة الماضية من خلافات داخل دول «مجلس التعاون الخليجي» التي تحاول أن تلتئم فيما بينها مجددا عبر التوصل لاتفاق مع قطر.
ويشير البروفيسور «يوسي مان»، المتخصص في شؤون دول الخليج وسوق النفط في منطقة الشرق الأوسط بجامعة «بار إيلان الإسرائيلية»، إلى أنه خلال عملية «الجرف الصامد» ضد غزة، برزت متانة العلاقات بين الرياض و«تل أبيب» في التغطية الإعلامية هناك والتصريحات التي تصدر عن المسؤولين بالمملكة.
وأضاف أن هذا التقارب السعودي «الإسرائيلي»، جاء نتيجة ضعف نفوذ الرياض في منطقة الشرق الأوسط باعتبارها حليفا للولايات المتحدة الأمريكية، فضلا عن تغير تحالفات واشنطن في المنطقة واضطراب العلاقات بين «إسرائيل» وأمريكا خلال الفترة الماضية نتيجة التقارب بين واشنطن وطهران.
وترى الدراسة أن الفترة الراهنة تُعد الوقت الأمثل لتعزيز العلاقات بين الرياض و«تل أبيب»، نتيجة وجود عدة قواسم مشتركة بين البلدين أهمها الملف النووي الإيراني والأزمة السورية، بجانب مخاطر تمدد «الدولة الإسلامية» نحو المملكة، فضلا عن الوضع في لبنان، وأخيرا العلاقات التي تجمع السعودية و«إسرائيل» مع أمريكا خلال الأيام الجارية.
صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، ذكرت منذ أيام إن وزير الخارجية «جون كيري» أكد أنه تم توبيخه كثيراً أثناء رحلته لمنطقة الشرق الأوسط في هذا الشهر، حيث طالب العديد من القادة العرب بتشديد العقوبات على طهران، معتبرين أن أي تنازلات بشأن برنامجها النووي يعد خطأ جسيماً.
وأضافت الصحيفة أن تلك الطلبات لم تكن فقط في الكيان «الإسرائيلي»، ولكن خلال اجتماعه مع القادة السعوديين في الرياض، مشيرة إلى أن التحالف بين كيان الاحتلال والسعودية ودول الخليج «الفارسي» العربية واحدة من أغرب عمليات التزاوج في المنطقة، فالقيادة السعودية وجدت أرضية مشتركة ولغة سياسية متبادلة بشأن مخاوفها تجاه إيران والمحادثات الأميركية الإيرانية بشأن البرنامج النووي للأخيرة.
ونقلت عن «تيودور كاراسيك» محلل الشؤون الأمنية والسياسية في «معهد دراسات الشرق الأدنى والخليج الفارسي للتحليل العسكري» في مدينة دبي: «المثل يقول إن عدو عدوي صديقي، وهو ينطبق على إيران ووضعها مع (إسرائيل) والسعودية».
وأوضحت الصحيفة الأميركية أن المخاوف من البرنامج النووي الإيراني فتحت قنوات خلفية وعلاقات حميمة، ومساحة جديدة للتداخل بين دول الخليج وكيان الاحتلال.
في المقابل وبذات الخصوص سبق لوزير الاستخبارات السعودي الأسبق الأمير «تركي الفيصل بن عبدالعزيز» أن قال «إن إسرائيل يمكنها أن تكون لاعبا رئيسيا في منطقة الشرق الأوسط حال توصلت إلى اتفاقية سلام مع الجانب الفلسطيني».
وأضاف لابد من استغلال الجهود الكبيرة التي يبذلها وزير خارجية الولايات المتحدة «جون كيري»، داعيا إلى عدم انتظار 60 عاما إضافية للتوصل إلى اتفاقية سلام .
وأوضح الأمير السعودي أن اتفاقية السلام مع الجانب الفلسطيني ستفتح المجال لتعاون كبير، معتبرا أن إسرائيل ستكون لاعب رئيسي وهام خاصة في الجهود المبذولة لنزع الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل.
عدو عدوي صديقي
يبدوا أن الإسرائيليون والسعوديون لديهم تخوف من جهود «أوباما» كذلك لاستيعاب الإيرانيين،-حسب تقرير نشرته «هافنتون بوست»- فبالإضافة إلى التخوف المصري الإسرائيلي من «حماس»، وهو ما ظهر في التعاون المصري الإسرائيلي الأخير في محاولة سحق القوة العسكرية لـ«حماس»، يعتقد المراقبون أن هذا التوجه ليس توجهًا استراتيجيًا طويل الأمد، لكنه توجه تكتيكي يعتمد على المصالح المشتركة، وهو يعكس الحاجة لملء الفراغ الاستراتيجي الذي أنشأته عدم قدرة الولايات المتحدة على مواصلة الحفاظ على دورها كقوة مهيمنة في المنطقة.
بكلمات أكثر وضوحاً، عندما تعاملت إدارة «أوباما» مع الواقع الجديد من خلال محاولة استيعاب بعض اللاعبين المناهضين للأنظمة القديمة، قرر السعوديون والمصريون والإسرائيليون مقاومة النهج الأمريكي، والذي يعارض مصالحهم، وكما أظهرت سياسات تلك القوى خلال الحرب على غزة، فهم لا يتوقعون مساعدة أمريكية، هم مستعدون لاتخاذ مواقف شديدة العنف، حتى لو خالفت التوجه الأمريكي أو لم تتماش مع موقف واشنطن.
وكانت الإذاعة العبرية قد نقلت قبل فترة،عن مصدر سياسي إسرائيلي بارز قوله إن الجهود الدبلوماسية التي بذلتها السعودية لعبت دوراً في تقليص عمليات تهريب السلاح للمقاومة في القطاع بشكل جذري. وذكر المصدر أن السعودية مارست ضغوطا كبيرة على الرئيس السوداني «عمر البشير» لكي يوقف التعاون مع الإيرانيين في تهريب السلاح للمقاومة في غزة، وإنهاء دور السودان كمحطة لنقل السلاح الإيراني. وشدد المصدر على أن الدور السعودي تكامل مع الدور الذي تقوم به السلطات المصرية التي قامت بهدم مئات الأنفاق التي كانت تستغلها المقاومة في نقل السلاح من سيناء إلى القطاع.
إطلالة تاريخية
يذكر أنه من المعروف أن «إسرائيل» لا تحظى منذ عام 1948 باعتراف المملكة العربية السعودية وقد أعلنت السعودية الحرب على «إسرائيل» منذ حرب 1948 واشتركت بقوات عسكرية في حرب أكتوبر 1973 على الجبهة السورية كما أوقفت تصدير البترول للدولة الداعمة لـ«إسرائيل» لا سيما الولايات المتحدة عام ٢٠٠٢م قام «عبدالله بن عبدالعزيز» بمبادرة للسلام لحل الصراع العربي الإسرائيلي،عرفت بمبادرة «السلام العربية».
تعتبر المملكة العربية السعودية من بين الدول الأعداء بالنسبة للكيان الإسرائيلي والسعودية لا تقبل المواطنين الإسرائيليين على أراضيها.
في المقابل ضمنت السعودية بابتعادها عن الثلاثة حروب الرئيسية التي خاضها العرب ضد «إسرائيل» عام ١٩٤٨م و١٩٦٧م و١٩٧٣م أماناً لجبهتها الداخلية وثقة القادة الإسرائيليين، وفي عام 78 قال الملك «فهد» أن السعودية ستنظر في مسألة الاعتراف بـ«إسرائيل» إذا اعترفت بها بقية الدول العربية، ثم تقدم الملك بمبادرة عام 82 والتي تتضمن اعترافا غير مباشرا بـ«إسرائيل»، وفي عام 2005 أعلنت السعودية رفع الحظر على المنتجات والبضائع الإسرائيلية، أزيل الحظر لكي يساعد المملكة في الدخول إلى «منظمة التجارة العالمية».
المصدر : العربي الجديد // وكالات