«شارلي ايبدو» “تصفع” الحكام المسلمين المتضامنين معها بنشرها من جديد صورا مسيئة للرسول

وطن- وضعت المجلة الفرنسية، “شارلي إيبدو”، قادة وزعماء وممثلي الدول التي شاركت في المسيرة التي شهدتها باريس هذا الأسبوع، تضامنًا معها في أعقاب الهجوم الذي استهدفها وأسفر عن مقتل 12 شخصًا، في حرج بالغ أمام شعوبهم، بإصرارها على نشر صور مسيئة للنبي محمد (صلي الله عليه وسلم) بـ16 لغة مختلفة، في عددها القادم.

وتنشر المجلة غدًا، أول أعدادها بعد الهجوم الدامي الذي أودى بحياة عدد من صحفييها، الأربعاء الماضي، متضمنا رسما كاريكاتوريا جديدا على غلافها للنبي محمد خاتم المرسلين.

ووفق صحيفة “ليبراسيون” التي تستضيف المقر المؤقت لـ”شارلي إبدو“، يتكون العدد الذي يحمل الرقم “1178”، من 8 صفحات ويحمل اسم “عدد الأحياء”، ويستهدف القائمون على الصحيفة، توزيع 3 مليون نسخة في 20 بلدا، بـ16 لغة.

وقال ريتشارد مالكا، محامي الصحيفة الأسبوعية، الساخرة في تصريحات نقلتها صحيفة “لوفيجارو” مؤخرًا، إن العدد الجديد سيشمل رسومًا للنبي محمد ومواد تسخر من ساسة وأديان أخرى.

ووفق تصريحات للقائمين على الصحيفة نقلتها صحف محلية، فإن غلاف العدد الجديد سيكون عبارة عن رسم كاريكاتوري للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم) والدموع تنهال من عينيه، حاملا لافتة مكتوب عليها “أنا شارلي”، في إشارة إلى عبارة كانت رمزًا للتضامن مع الصحيفة في الأيام الماضية ضد الهجمة التي تعرضت لها.

وأعلى الرسم الساخر من الرسول، دونت عبارة “الجميع مغفور له”، كما تضمن الغلاف عبارة “عدد غير مسؤول”، باللون الأحمر.

ومن شأن خطوة كهذه أن تضع الدول الإسلامية التي سارعت إلى إدانة الهجوم على المجلة الفرنسية في حرج أمام الشعوب التي أعربت في السابق عن غضبها للإساءة إلى نبيها، خاصة وأن الأمر بدا وكأنها تصر على المضي في استفزازها لمشاعر المسلمين.

وخلال مسيرة مناهضة للإرهاب شهدتها العاصمة الفرنسية باريس، يوم الأحد الماضي، رفع مشاركون رسومًا مسيئة للإسلام وللنبي محمد عليه الصلاة والسلام، تضامنًا مع الصحيفة المعروفة بنقدها اللاذع للأديان، ما دفع وزير الخارجية المغربي، صلاح الدين مزوار إلى مقاطعتها.

ومن أبرز الزعماء المشاركين، في المسيرة، المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ورؤساء وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون، وإيطاليا ماتيو رينزي، وإسبانيا ماريانو راخوي، وتركيا، أحمد داود أوغلو، ورئيس مفوضية الاتحاد الأوروبي جان كلود يانكر، والرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو.

كما شارك في المسيرة، الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ورئيس مالي إبراهيم أبو بكر كيتا، ورئيس النيجر محمد يوسف، وغيرهم.

وعبر عميد مسجد باريس، دليل بوبكر، وتجمع مسلمي فرنسا (غير حكومي)، عن قلقهم من زيادة الاعتداءات ضد المسلمين، داعين السلطات الفرنسية إلى “السهر على أمن المساجد”، حسب بيان مشترك حصلت “الأناضول” على نسخة منه.

ودعا البيان جميع المسلمين إلى “الهدوء قبل صدور العدد الجديد من شارلي ايبدو يوم غد الأربعاء”.

وحذرت دار الإفتاء المصرية، من إقدام المجلة على نشر عدد جديد مسيء للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، ردًّا على الهجمات التي تعرضت لها المجلة، معتبرة أن إقدامها على هذا الفعل، هو استفزاز غير مبرر لمشاعر مليار ونصف مسلم عبر العالم، يكنون الحب والاحترام لنبي الرحمة صلى الله عليه وآله وسلم.

وأشارت إلى أن هذا العدد سيتسبب في موجة جديدة من الكراهية في المجتمع الفرنسي والغربي بشكل عام، كما أن ما تقوم به المجلة لا يخدم التعايش وحوار الحضارات الذي يسعى المسلمون إليه، مما يعد تطورًا خطيرًا مناهضًا للقيم الإنسانية والحريات والتنوع الثقافي والتسامح واحترام حقوق الإنسان التي تحمل أهمية كبيرة للهدوء المجتمعي والسلام، كما أنها تعمق مشاعر الكراهية والتمييز بين المسلمين وغيرهم.

فيما طالب الدكتور علي القرة داغي، الأمين العام لـ “اتحاد العلماء المسلمين”، عبر حسابه على موقع “تويتر”، دول العالم بـ “أن تهب للدفاع عن مقتل الملاين في الشام والعراق مثلما هبوا للدفاع عن صحفيي الجريدة”.

وانتقد القرة داغي، موقف رؤساء دول عربية وأجنبية، قائلاً إنهم “يجتمعون في باريس لإدانة حادثة “شارلي إيبدو”، وفي سوريا والعراق يُقتل يوميًّا أضعاف ضحايا الحادثة”، معلقًا بسخرية: “هذه قيمة دمائهم ودمائنا”.

وتابع: “كل دولة بالعالم تُسَعِّر قيمة لمواطنيها وقيمة لدمائهم، فبالغرب سَعَّرُوا دماء مواطنيهم بأغلى الثمن، أما ببعض بلادنا فجعلوها بلا قيمة”، مضيفًا: “(رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو في مسيرة باريس ضد الإرهاب، ويداه القذرتان ما زالتا تقطران بدماء أطفالنا ونسائنا وشيوخنا في فلسطين”.

واستنكر الداعية السعودي سلمان العودة، موقف الدول العربية مما حدث، قائلاً: “من شارك في مسيرة باريس آثم شرعا”، متسائلاً باستنكار: “كيف يجوز المشاركة في مسيرة تسب رسول الله؟”.

وطالب العودة من قادة العرب بـ “أن يهبوا وينتصروا لرسول الله، وأن ينظموا مليونيات ومسيرات لدعمه”، مؤكدًا أن “المسلمين عليهم توحيد صفهم في ظل الهجمات التي يتعرضون لها الآن”.

وكانت صحيفة “يولاندس بوسطن” الدانماركية، أول من أثارت أزمة الرسوم المسيئة للنبي عام 2005، حيث خرج ملايين المتظاهرين في شتى أنحاء العالم الإسلامي منددين بالصحيفة، قبل أن تعلن صحيفة “شارلي ايبدو” تضامنها مع نظيرتها الدانماركية وأعادت نشر الرسوم المسيئة بالإضافة إلى رسوم كاريكاتيرية أخرى استفزت مشاعر المسلمين.

وقالت صحيفة “يولاندس بوسطن“، إنها “لن تعيد نشر الرسوم المسيئة للرسول التي نشرتها أو ستنشرها صحيفة (شارلي ايبدو)”.

وقال جورجن ميكلسن، رئيس تحرير “يولاندس بوسطن” في تصريحات نقلتها جريدة “لو كورييه انترناسيونال” الفرنسية، اليوم: “إعادتنا نشر الرسوم الكاريكاتورية عن الرسول محمد التي سيتم نشرها في شارلي ايبدو أو التي سبق نشرها، سيكون في الواقع تصرفًا غير مسؤول”.

وأضاف: “على يولاندس بوسطن أن تتحمل المسؤولية تجاه نفسها وتجاه الموظفين لديها”، في إشارة إلى احتمالية تعرض الصحيفة والعاملين بها لهجمات في حال إعادة نشر الرسوم المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم.

YouTube player

قد يهمك أيضاً

تعليقات

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

تابعنا

الأحدث