وطن _ منذ سقوط نظام مبارك، تزعزع الاستقرار في مصر ولم تتوقف اللعنات على فرعون مصر الجديد التي كانت في الماضي قوة إقليمية عظمى، تصارع اليوم على عدد من الجبهات من الأهرامات وحتى شبه جزيرة سيناء”.
كانت هذه مقدمة تقرير لموقع القناة الثانية الإسرائيلية، حاول التشبيه بين اللعنات التي أنزلها الله بفرعون وأهله في مصر لاضطهادهم بني إسرائيل بقيادة النبي موسى، والتي وردت في سفر الخروج، وبين ما تعانيه مصر اليوم في عهد فرعون مصر الجديد الرئيس السيسي، من فقر وإرهاب، وانقسام سياسي، وما إلى ذلك من ضربات مفترضة، على حد زعمه
وأضاف التقرير:” عندما نجلس حول مائدة الفصح هذا العام ونسترجع قصة الضربات العشر التي نزلت بمصر، يمكننا مجددا أن نتخيل كيف كانت معاناة المصريين كبيرة، مثلما تصف لنا الرواية. لكن على أرض الواقع ليست هناك حاجة لتشغيل الخيال لفهم أزمة حياة جيراننا من الجنوب: عندما نقف على ما يجري في مصر، يمكن أن نميز بسهولة ملامح الضربات الـ 10 الجديدة التي تنزل بمصر منذ الثورة في ميدان التحرير منذ أربع سنوات، والتي أسقطت حسني مبارك وزجت بمصر إلى فترة من الاضطرابات وانعدام الاستقرار”.
تقرير القناة الإسرائيلية ذهب إلى أبعد من ذلك بقوله:” للحقيقة، يمكن أن نحصي أكثر من 10 ضربات ( لعنات)، لكن من أجل الرمزية التي في الموضوع، ركزنا أمامكم على أكبر المشكلات، وأكثرها تأثيرا على مصير أكثر من 90 مليون مصري. هي أيضا قائمة المشاكل التي تسكن رأس الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ اليوم الأول في منصبه”.
1- لعنة الإرهاب: أغرقت الهجمات الإرهابية محافظات مصر في أعقاب الثورة قبل نحو أربع سنوات، كجزء من مظاهر الفوضى العنيفة. ومازال الإرهاب منذ ذلك الوقت بمثابة لعنة دولة. لا يمر يوم تقريبا دون عمليات إرهابية في مصر، ووصل عدد القتلى نتيجة الإرهاب وفي إطار الحرب على الإرهاب إلى بضع آلاف.
2- لعنة الانقسام السياسي: مصر منقسمة حتى النخاع بين مؤيدين ومعارضين للنظام الحالي. ويواصل متظاهرون مؤيدون للإخوان المسلمين الذين فقدوا الحكم مع الإطاحة بمرسي في 2013 الصراع مع المعارضين على الميادين والشوارع الرئيسية بالقاهرة، والإسكندرية وباقي المدن الكبرى.
في المقابل يتعامل النظام معهم بيد من حديد، يحظر نشاطهم، ويصدر بحقهم أحكاما بالسجن، ويرسلهم أيضا إلى المشنقة. في الشهر الماضي، تم للمرة الأولى منذ الثورة، إعدام أحد ناشطي الإخوان المسلمين، كان قد أدين بقتل أطفال خلال اضطرابات بالإسكندرية.
3- اللعنة الاقتصادية: منذ 2011 بدأ الاقتصاد المصري في الانهيار، في أعقاب الأزمة السياسية، انخفض الناتج القومي، وتوقفت المشاريع، وفر المستثمرون الأجانب. فقط منذ أسبوعين، وخلال مؤتمر اقتصادي طارئ هدف إلى إعادة الاستثمارات الدولية لمصر، أعلن السيسي أن إخراج مصر من المستنقع الاقتصادي يتطلب من 200 إلى 300 مليار دولار. في الأثناء تتبرع دول الخليج بيد سخية، لكن مصر لا تزال بعيدة عن الهدف الذي حدده السيسي.
بانوراما الواقع المصري منذ 25 يناير 2011م (5)
4- لعنة داعش: كذلك يستهدف التنظيم الفتاك مصر، وفي العام الماضي أعلن عن إقامة فرع له بسيناء. من غير الواضح عمق تورطه هناك، لكن التهديدات والتصريحات جلبت خلفها موجة من العمليات وقطع الرؤوس بشمال سيناء.
إذا لم يكن هذا كافيا، فقد فتحت جبهة ثانية لتنظيم الدولة الإسلامية ضد المصريين، حيث تم اختطاف وإعدام مصريين يعملون في ليبيا. وبعد بث فيلم فظيع يظهر إعدام أكثر من 20 مسيحي قبطي مصري على سواحل ليبيا، أصدر السيسي أوامره للجيش بالهجوم على أهداف تابعة لداعش في الأراضي الليبية. هذه الجبهة أيضا لا تزال مشتعلة ونازفة.
5- لعنة حماس: في العام المنصرم، وتحديدا بعد عملية الجرف الصامد، نشب صراعا بين حماس ونظام السيسي على خلفية علاقة التنظيم بالإخوان المسلمين. هذه الخصومة أدت إلى حرب شنها النظام المصري على صناعة التهريب الخاصة بحماس، كذلك أيضا- وبحسب ادعاءات عناصر أمنية مصرية- تتزايد محاولات الذراع العسكري لحماس لتصعيد الأزمة الأمنية شمال سيناء ومساعدة العناصر الإرهابية هناك.
6- أزمة حقوق الإنسان: أدت يد النظام الباطشة ضد معارضيه وكذلك خطوات ضد وسائل الإعلام الناشطة في مصر- بما في ذلك سجن صحفيين أجانب قاموا بتغطية الأحداث- إلى احتجاج دولي، لاسيما من قبل منظمات حقوق الإنسان، ضد أجهزة أمن النظام وضد السيسي بشكل شخصي. كل هذا يوِجد ضغوطا أجنبية تلزم من يقود الدولة بالبحث عن مسار جديد في كل ما يتعلق بقمع الحريات في الدولة.
7- أزمة في العلاقات مع الولايات المتحدة: الرئيس أوباما الذي لم يخف تودده للإخوان المسلمين، خلال فترة حكمهم، لم يبد تفهما على الأقل حيال الخطوات التي قام بها السيسي، منذ الإطاحة بالإخوان من الحكم.
وبدا أن العلاقات بين الإدارة الأمريكية و النظام المصري مشحونة ولا تزال تحت تأثير الخلافات الشخصية بين الزعيمين. وعندما ساءت العلاقات، طُرحت مسألة تجميد المساعدات الأمريكية لمصر. لذلك يسعى السيسي أن يوجد لنفسه خطة بديلة، كالتحالف مع بوتين مثلا.
8- التهديدات الإيرانية: مصر قلقة من صعود” الإمبراطورية” الإيرانية، التي لا تهدد فقط بتغيير نظام القوى العسكرية بالمنطقة، بل أيضا السيطرة بشكل عملي على قطع من الشرق الأوسط. صحيح أنه ليست هناك احتكاك مباشر بين المصريين والإيرانيين، لكن يكفي التذكير بأن في إيران شارع يحمل اسم قاتل السادات، وإيران وفقا لبيان حماس هي أكبر مورد سلاح للتنظيم.
خلال الأيام الماضية زعمت صحف عربية أن مصر أرسلت قوة بحرية للتصدي لمحاولات إيرانية للتقدم عبر سفن حربية إلى مضيق باب المندب، بوابة الاتصال بالبحر الأحمر، وذلك برعاية سيطرة الشيعة على اليمن.
9- لعنة السياحة: كانت السياحة واحدة من أكثر القطاعات التي تدر دخلا في مصر، لكنها تضررت بشدة نتيجة للأوضاع الأمنية. وينجم جزء كبير من الضرر الاقتصادي في مصر من غياب ملايين السياح الذين كانوا قبل أربع سنوات يزورون سنويا المواقع الأثرية وكذلك الشواطئ.
شبه جزيرة سيناء التي كانت واحة صحراوية، جنة عدن على الأرض، تحولت إلى جحيم الإرهاب. فقط منذ نحو عام قتل في طابا 5 سياح كوريين، و العملية الواسعة التي يشنها الجيش المصري بسيناء ضد خلايا الإرهاب، لم تنجح حتى الآن في الرد على التهديدات الإرهابية.
10- المشكلة الفلسطينية: صداع كان وما يزال، منذ توقيع اتفاق السلام بين إسرائيل ومصر. بموجب هذه الاتفاقات، ما تزال مصر تحاول أن تكون الدولة التي تقود الفلسطينيين وإسرائيل لاتفاق سلام. وبالفعل تنشغل مصر تحديدا بمحاولات تقليل التوترات، وتنسيق عمليات وقف إطلاق النار، وإطفاء الحرائق. لذلك أكد السيسي في خطابه الأخير أن إنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني هو المفتاح الرئيس لاستقرار المنطقة. هذا أيضا مفتاح بعض مشكلات مصر.