تقرير بـ(الكونجرس): إيران غير قادرة على مواجهة السعودية عسكرياً
شارك الموضوع:
قبل أسابيع قليلة من الإعلان عن التوصل إلى اتفاق حول البرنامج النووى الإيرانى بين طهران ومجموعة الـ«5 + 1» فى لوزان بسويسرا، إثر مفاوضات طويلة فى فيينا، نشر الكونجرس الأمريكى تفاصيل جلسة سابقة له، ناقش فيها ما الذى يمكن أن يحدث لو تم بالفعل التوصل إلى اتفاق مع إيران بالجهود الدبلوماسية لإدارة «أوباما»، وما يمكن أن يعنيه رفع العقوبات عنها. وعلى الرغم من أن تاريخ الجلسة التى تم نشر تفاصيلها الكاملة مؤخراً، يشير إلى أنها عُقدت فى أواخر العام الماضى، فإن أهميتها تكمن فى الزاوية التى اختار أعضاء الكونجرس الأمريكى أن يناقشوا التهديدات الإيرانية من خلالها، وهى زاوية الدور الإيرانى فى ضرب استقرار الشرق الأوسط، من خلال الاعتماد على سياسة الانقسامات، واستغلال التوترات الطائفية، واللعب بنيران التطرّف الدينى والحركات الإرهابية، والسعى لهز أركان النظام السنى الذى يتكوّن منه غالبية المسلمين فى الشرق الأوسط، لحساب حركات معارضة شيعية تحظى بالمال والسلاح الإيرانى الذى سيتضاعف حتماً، لو تم رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة حالياً على إيران بسبب أزمة برنامجها النووى. يكشف تقرير الكونجرس الأمريكى أن طموحات إيران بالتوسُّع فى المنطقة عبر استغلال الانقسامات الطائفية فيها، لا يقل خطورة عن برنامجها النووى، وأن طموحات إيران التوسُّعية فى الشرق الأوسط يمكن أن تمثل خطراً على العالم لا يقل عن خطر طموحاتها النووية. وأن التوصل إلى اتفاق نووى مع إيران، لا يمكن أن يعنى أبداً «النوايا الحسنة» لقادتها، هؤلاء القادة الذين يعرفون كيف يصافحون الأمريكان على مائدة المفاوضات بيد، فى الوقت الذى تمتد فيه يد أخرى لتمويل وتهريب السلاح لكل من يجيد الطعن فى ظهور الدول الأخرى من حولها.
وانتقل تقرير الكونجرس لاستعراض شهادة خبير آخر فى الشئون الإيرانية، هو «سكوت مودال»، الخبير فى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، الذى قال إنه سيستعرض أمام لجنة العلاقات الخارجية بالكونجرس، الأهداف بعيدة المدى للسياسة الخارجية الإيرانية، وأسلوبها فى ضرب وزعزعة استقرار المنطقة، إضافة لما أطلق عليه «خطة التحرك» الخاصة بإيران لبسط نفوذها على المنطقة.
وتابع: «ما الذى يمكن أن يعنيه إذن التوصل لاتفاق نووى مع إيران فى ظل المشهد الحالى؟ إن إيران تنظر إلى أى اتفاق من هذا النوع على أنه أمر تحتاجه بشدة لإعطاء دفعة للاقتصاد الإيرانى، فأغلب التقديرات تشير إلى أن التوصل لاتفاق نووى يمكن أن يكون مقدمة تتيح لإيران الوصول لأرصدتها المجمدة فى البنوك الأجنبية التى تصل قيمتها إلى حوالى 100 مليار دولار، إضافة إلى مليارات الدولارات الأخرى التى يمكن أن تتدفق إلى إيران لو تم تخفيف القيود المفروضة على صادرات البترول الإيرانية، فى الوقت نفسه، تبدو العديد من الدول الأوروبية على استعداد للعودة للعمل مع الأسواق الإيرانية، بما يضخ مليارات إضافية فى صورة استثمارات أجنبية مباشرة».
وأضاف الخبير الأمريكى فى شهادته: «كل هذا يمكن أن يمد قدرة شبكة الحركة الإيرانية بموارد مالية هم فى أشد الحاجة إليها لكى يعيدوا مستوى عملياتهم وتحركاتهم الخارجية إلى مستوى أعلى مما كان عليه من قبل، وسيظهر ذلك فى صورة إمدادات للجماعات الموالية التى توقف تمويلها، وتم تقليصه نظراً للعقوبات المفروضة على إيران، وزيادة التدريبات العسكرية المشتركة والبرامج الأمنية مع دول أفريقيا، وزيادة التمويل الإيرانى لحركة حماس».
ولفت الخبير الأمريكى إلى أنه: «أيضاً سيكون على دول الخليج أن تجهز نفسها لمواجهة زيادة فى العمليات السرية الإيرانية ضدها، سواء كان ذلك عبر تدريب الفصائل المحلية المناوئة للحكم فيها، أو عبر إمدادها بالمال والدعم والسلاح، خاصة فى البحرين والكويت والسعودية التى تملك إيران سجلاً حافلاً من دعم الحركات الشيعية فيها، كما أن حكومات دول الخليج سيكون عليها أن تواجه تهديداً إيرانياً متزايداً من ناحية أخرى هى ناحية نظم المعلومات، وعمليات الهجوم الإلكترونى على شبكاتها المعلوماتية. إن القراصنة الإلكترونيين الذين تجندهم المخابرات الإيرانية يستهدفون نظم المعلومات التى تعتمد عليها الهيئات والأجهزة الحكومية والشركات الخاصة فى دول الخليج وحتى فى أمريكا نفسها كنوع من الحرب الإلكترونية التى تعد لها نفسها من الآن».
وتابع: «ومع رفع العقوبات وتزايد تدفق الأموال للاقتصاد الإيرانى، سيجد قائد فيلق القدس، الجنرال قاسم سليمانى، وسائل إضافية لزيادة الدعم العسكرى الذى تقدمه أمريكا لنظام الأسد، إذ إن الحفاظ على بقاء الأسد فى السلطة سيظل أولوية استراتيجية بالنسبة لإيران فى الفترة القادمة، خاصة أنه يزيد من قوة العلاقة ما بين إيران وحزب الله، حليفها الأساسى والأهم فى المنطقة، وأيضاً لأن إيران لا تعتبر أنها تملك خياراً آخر فى سوريا، سيركز «سليمانى» أيضاً على محاصرة النفوذ السنى فى العراق، وسيقدم مزيداً من المبادرات لزيادة تسليح وتدريب وتمويل الميليشيات الشيعية الموالية لإيران، وتكوين ميليشيات جديدة لنفس الغرض، وبالطبع، فإن «سليمانى» يملك الكلمة النهائية فى كل التحركات الإيرانية فى العراق وسوريا، متمتعاً بدعم مباشر من المرشد الأعلى للثورة الإسلامية، أكثر حتى من الرئيس الإيرانى «حسن روحانى».
وأضاف الخبير: «إن دول الخليج محقة فى توجسها من التحركات الإيرانية، ومحاولات إيران استغلال قضايا التطرف الدينى، والضغوط السكانية، وغيرها من عوامل عدم الاستقرار التى تواجه دول المنطقة فى السنوات الأخيرة، والتى تسعى الحكومات الخليجية كل على حدة لمواجهتها والتعامل معها، كما أن خطورة تحركات إيران فى المنطقة، تكمن فى أنها نجحت بالفعل فى أن تقطع شوطاً طويلاً فى تكوين وبناء نظم عمل وأجهزة تعمل فى الخفاء والظل، بشكل يتيح للحكومة الإيرانية دعم الحركات الإسلامية والميليشيات الموالية لإيران من خلال واجهات ومنظمات ثقافية واجتماعية واقتصادية وسياسية ومنظمات تجارة وأعمال، هذا «الجسد» الخفى الكامن وراء كل التحركات الإيرانية لزعزعة الاستقرار فى المنطقة، يحتاج من المجتمع الدولى لمزيد من الرقابة والحذر». وأضاف: «إلا أن الأهم أن أى اتفاق أو صفقة نووية مع إيران لا تتضمن الإشارة لبرنامج صواريخها الباليستية الذى يرفض المرشد الأعلى مجرد مناقشته فيه، فإن إيران سوف تظل تمثل تهديداً على دول الخليج، إذ إن برنامجها للصواريخ الباليستية بعيدة المدى قادر على استهداف أى عاصمة من عواصم دول مجلس التعاون الخليجى، أو عبرها، خاصة أن طهران ستسعى فى الفترة المقبلة إلى زيادة مدى دقة هذه الصواريخ، وقد تنجح حتى فى تحميلها برؤوس نووية».
وتابع: «والواقع أنه حتى فى حالة النجاح «الدبلوماسى» الأمريكى فى التوصل لاتفاق نووى مع إيران، فإن أنشطة شبكة الحركة الإيرانية التى تستهدف زعزعة الاستقرار فى الشرق الأوسط، سوف تظل تفرض تهديداً لا بد من مواجهته على دول الخليج والغرب بشكل عام، كما أن دعم إيران وتسليحها للميليشيات والجماعات المعارضة الشيعية عبر المنطقة يهدد الأمن العالمى، من أجل ذلك، لا بد أن يطالب صناع القرار فى أمريكا بتشكيل قوة دولية مهمتها شن حملة دولية لمواجهة أنشطة وتحركات الأجهزة والمنظمات التى تعمل فى إطار شبكة الحركة الإيرانية، كما لا بد أن تشن أمريكا «حرباً ناعمة» لمواجهة تحركات المخابرات الإيرانية وفيلق القدس وحزب الله، وغيرها من المنظمات الإيرانية غير الرسمية التى تعمل كغطاء ثقافى أو دينى أو اقتصادى لتغطية الأنشطة التوسعية الإيرانية، وربما كان من الضرورى إعلان «حزب الله» اللبنانى كمنظمة إجرامية وليس إرهابية، من خلال الكشف عن تورطه فى أعمال إجرامية عبر العالم كله، تشمل غسل أموال وتهريب المخدرات، بشكل يضعه فعلياً ضمن لائحة المنظمات الإجرامية الدولية، التى تستحق تطبيق القانون وفرض العقوبات الاقتصادية عليها، وليس تركه يروج لصورته باعتباره منظمة «صفوة المقاومة» فى العالم الإسلامى».
واصل أعضاء الكونجرس بعدها توجيه عدد من الأسئلة للخبراء، فسأل أحدهم عن حجم التأييد الداخلى الذى يمكن أن يتمتع به الملالى والمرشد الأعلى للثورة الإسلامية فى إيران حالياً، وكان الرد: «أنه على الرغم من صعوبة التوصل لتقديرات فعلية حول المسألة، مع حرص الإيرانيين على عدم التصريح بآرائهم الحقيقية، إلا أنه من الممكن القول إن الملالى الذين يحكمون إيران لا يتمتعون إلا بتأييد 10% من الشعب الإيرانى.
علق أحد أعضاء الكونجرس على هذه النقطة قائلاً: إنه لا بد من الإشارة إلى أن أمامنا الآن نظام حكم ملالى إيران، قد لا يكون فى هذه اللحظة متمتعاً بشعبية تزيد على 10%، أى أن هناك 90% من الشعب الإيرانى غير راضين عنه، كما أن هناك مسألة الأقليات التى قد لا تكون راضية عن الحكم فيه، هناك ما يقرب من 30 إلى 40% من الآذريين إضافة إلى الأقليات الكردية وأقليات بلوشستان.
وانتقل النقاش بعدها إلى ما يمكن أن يعنيه نجاح إيران فى تصنيع أو الحصول على أسلحة نووية فى سياق سياساتها الإقليمية التوسعية فى الشرق الأوسط، وكان رد الخبراء: «أنه من الطبيعى أن تسعى إيران للحصول على أسلحة نووية تدعم تحركاتها وسياساتها التوسعية، خاصة أنه يوجد الآن فى الخليج نوع من عدم تكافؤ القوى على المستوى التقليدى، فالسعودية وغيرها من دول الخليج تملك قوة عسكرية تفوق إيران بكثير بسبب قدرتها على الحصول على ما تريد من الأسلحة الأمريكية، فى الوقت الذى لا تستطيع فيه إيران الوصول لمخازن السلاح العالمية بشكل مفتوح. وهكذا، ومع عدم تكافؤ قوى التسليح والقدرات العسكرية من الناحية التقليدية مع السعودية وغيرها من دول المنطقة، لجأت إيران إلى محاولة إيجاد نوع آخر من التوازن فى القوى الإقليمية، عبر الاعتماد على شبكات الإرهاب وغيرها، كنوع من ضرب الاستقرار والأساس الذى تقوم عليه هذه الدول من حولها.