دراسة إسرائيلية: المبادرة العربية المحدثة ستحول (خجل) العرب إلى (فجور علني)

وطن – قالت دراسة إسرائيليّة جديدة، صادرة عن مركز أبحاث الأمن القوميّ، التابع لجامعة تل أبيب، إنّ مبادرة عربيّة متفّق عليها من شأنها أنْ تحمل مغزى استراتيجيًا ايجابيًا في حال دفعت الدول العربية البراغماتية بقيادة مصر والعربية السعودية والأردن لجعل القضية الفلسطينية مكونًا مسيطرًا عليه في المنظومة الإقليميّة الجديدة المتبلورة، بمعنى أنْ تأخذ على عاتقها مسؤولية منع انحراف أو ترك الفلسطينيين للنظام الوليد، على حدّ تعبيرها.

ورأت الدراسة أنّ المعضلة الجوهرية الماثلة على جدول الأعمال، وبالتأكيد من ناحية إسرائيل، ما زالت الواقع الإقليمي المتغير، حتى فيما لو توصلت الأطراف إلى اتفاقيات وترتيبات، فمن غير الواضح بتاتًا إلى أيّ حد تستطيع الحكومات العربية في وضعها الحالي أنْ تكون قادرة على الوفاء بها، فالكثير من تلك الحكومات باتت ضعيفة في السنوات الأخيرة وأخرى قد تضعف في المستقبل، بحيث يصعب عليها أنْ تقوم بدورها في الاتفاق مع إسرائيل في حال تحققه على أساس المبادرة العربية، مُشيرةً إلى أنّهى في حين أنّ ضعف العالم العربي اليوم يُفسَّر من قبل البعض بأنّه الوقت الأنسب، وأنّ فرصة إستراتيجية لتحسين مكانة إسرائيل الإقليمية من خلال دفع التعاون مع عدد من الدول العربية التي تتقاسم معها المخاوف والمصالح المتشابهة تجاه إيران والمحور الشيعي الذي تقوده، وكذلك تجاه القوى السياسية غير الحكومية التي تصنف مع الإسلام الراديكاليّ، ولكن  مقابل هؤلاء هناك آخرون يظنّون إنّ ضعف الدول العربية في أوج قوة انحلال النظام الإقليمي مغزاه أنّ ليس هذا هو وقت محاولة الدفع باتجاه الاتفاق معها حول ترتيبات طويلة المدى، لأنّها قد تجد صعوبة في تطبيق الاتفاقات مع إسرائيل في حال أنجزت.

إضافة إلى ذلك، أوضحت الدراسة، في هذه المرحلة ليس من الواضح أبدًا إلى أيّ حدٍ ستؤثر التقلبات الإقليمية على مستوى الليونة التي سيكون العالم العربي مستعد لإظهارها بشأن المبادرة. ورأت الدراسة أيضًا أنّه ما زالت المصلحة التي من شأنها أنْ تفرض سعيًا إسرائيليًا للتوصل إلى صيغة منسقة ومتفق عليها بالنسبة للمبادرة العربية باقية على حالها، هذه الصيغة قد تتحول إلى منطق منتظم لمنظومة إقليمية أكثر استقرارًا تتضمن ترتيبًا متفقًا عليه أيضًا للقضية الفلسطينية. كما لفتت إلى أنّ استعداد العرب لمناقشة المبادرة بحث توائم الواقع  المتغير في الشرق الأوسط ستُسّهل على إسرائيل أيضًا اتخاذ خطوات بناء ثقة مهمة تجاه الوضع الفلسطيني وتمهيد التأييد الدولي الأساسي في الاتفاق الإسرائيليّ الفلسطيني صوب ترتيب إقليميّ إسرائيليّ عربيّ على أساس فهم متعدد الأطراف. وشدّدّت الدراسة على أنّ صيغة متعددة الأطراف أساسها المبادرة العربيّة بنسختها المحدثة والمتوافق عليها ستكون أفضل من التركيز في القناة الإسرائيلية الفلسطينية الثنائية التي يُخيّل لنا أنّها في الظروف الحالية مخيبة للآمال، كما قالت الدراسة. ورأت الدراسة أيضًا أنّه على خلفية الجمود في العملية السياسية مع الفلسطينيين وارتفاع منسوب المخاطر الأمنية على إسرائيل إثر تزايد قوة الإسلاميين الراديكاليين والتصعيد في الصراعات التي يشاركون فيها، تتعالى الأصوات الداعية للتعامل بإيجابية مع مبادرة السلام العربية كأساس للمفاوضات بين إسرائيل وجاراتها في الشارع الإسرائيلي، العربية السعودية ودول الخليج من جانبها، وعلى الأقّل على مستوى التصريحات، بالإضافة إلى جهات من المجتمع الدولي، يُطالبون بإحياء المبادرة وعرضها على إسرائيل كأساس مناسب لحل الصراع الإسرائيليّ الفلسطينيّ.

شركة أمنية اسرائيلية تعمل بدول الخليج ومصر والعراق وتونس والمغرب والجزائر وليبيا وفلسطين

ولفتت إلى أنّه بعد الحرب ضدّ غزّة الصيف الماضي ألمح السعوديون بأنّ المبادرة ما زالت مطروحة على الطاولة بالنسبة لهم، وأنّه بالإمكان إجراء تغييرات عليها بما يتوافق مع الواقع الإقليميّ المتغير، بما في ذلك إدماج مبدأ تبادل الأراضي فيها، مُشيرةً إلى أنّ إسرائيل تُجري حاليًا اتصالات وتعاونات مع عددٍ من الدول العربية المهمة ليس لها معها اتفاقات سلام، ولكن حتى الآن تتمتع هذه الدول من مزايا الاتصالات مع إسرائيل دون مطالبتهم بدفع ثمن تلك المزايا، في الرأي العام العربي المعارض لإقامة علاقات مع إسرائيل نهائيًا، سيما ما لم يطرأ تقدم في العملية السلمية مع الفلسطينيين، ولذلك فإنّ محاولة تحويل هذه العلاقات إلى علاقات علنية دون تقدم حقيقي في المفاوضات مع الفلسطينيين من شأنه أنْ يضر بهم، وأكثر من هذا، أوضحت الدراسة، يمكننا القول إنّه وفي حال عجلّت المفاوضات مع الفلسطينيين فإنّ تلك الدول تفضل مواكبة العملية من بعيد، حسبما ذكرت.

وخلُصت الدراسة إلى القول إنّه من أجل ذلك، فإنّه من الصواب أنْ تصرح إسرائيل عن وجهة نظرها في المبادرة العربية كأساس للمفاوضات التي تناقش بلورة مبادئ متفق عليها لاتفاق إقليمي يستند إلى نظام أمني إقليمي، إذ أنّ القضية الفلسطينية هي لبنة أوْ جزء من العقدة الإقليمية الكبيرة وليست قضية معزولة، وإسرائيل بحاجة إلى دفع رغبتها لجعل المبادرة العربية المتفق عليها بعد مفاوضات بين الأطراف وإجراء تعديلات (مثل التطرق إلى هضبة الجولان من خلال وضع سوريّة المتفككة) إلى نوعٍ من المنطق التنظيميّ الجديد يلزم من بين أمور أخرى العالم العربي بتبنّي مسؤولية كبرى تجاه القضية الفلسطينيّة، على حدّ تعبير مُعدّي الدراسة الإسرائيليّة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى