نعم هذه حقيقة، قد يبدو العنوان صادما لكثير من الحالمين ومن تفاءلوا بالخبر الذي نشرته معظم وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية عن قيام مارك زوكربرج مؤسس الفيسبوك بالتبرع بـ99% من ثروته عقب ولادة ابنته الأولى، وكما يقول المثل الإنجليزي الشهير “الشيطان يكمن في التفاصيل”، فهناك حقائق صادمة قد لا يعملها الكثيرون عن هذا التبرع غير الحقيقي، والذي ليس بالصورة المثالية التي اعتقدها الكثيرون.
ما هي تفاصيل الخبر بالتحديد؟
عقب ولادة أبنته الأولى (ماكس) قام مارك زوكربرج وزوجته بريسيلا تشان في بيان نشره أمس عن قيامه بالتبرع بـ 99% من أسهمه في شركة فيس بوك (والتي يمتلك 28.2% من أسهمها) والتي تقدر الآن بحوالي 45 مليار دولار أمريكي من أجل مبادرة “تشان زوكربرج” لأنهما يريدان العمل على أن يكون العالم مكاناً أفضل ليمكن لابنتهما العيش فيه، مُضيفاً أن المبادرة تسعى “لتحسين ودعم الإمكانات البشرية ودعم المساواة بين كافة أطفال الجيل القادم”.
عقب هذا الخبر نشر موقع BuzzFeed وكذلك صحيفة الإندبندنت ومجلة Fortune ومجلات أخرى شهيرة تحقيقا حول هذا الخبر، الذي يشرح بعض الحقائق التي لا يعرفها الجميع عن هذا الأمر والتي نستعرضها معكم بشكل مختصر في النقاط التالية:
1- مارك زوكربرج يتبرع لنفسه!
لا تندهش فهذه فعلاً هي الخدعة، مارك زوكربرج لن يتبرع لجهة خيرية أخرى، بل سيتبرع لمؤسسة Chan Zuckerberg Initiative LLC هو نفسه يمتلكها ويدير نشاطها هو وأسرته ، الثروة التي تبرع بها سيتم بمقتضاها نقل ملكية الأسهم إلى هذه المؤسسة ولم يجر بيعها أو تحويلها إلى صورة سائلة، وتضمن البيان الرسمي الصادر عن المتحدث الرسمي للفيسبوك أن هذه المؤسسة لها الحق في الاستفادة من عوائد الأسهم والحرية الكاملة في التصرف في هذه الأصول أو الأموال بالإضافة إلى تقديم منح خاصة، وهو ما يعني أن هذه الأسهم سوف تظل تحت تصرف مارك أيضاً.
ومن مميزات هذه الصفقة أيضاً بالنسبة لمارك زوكربرج أنها قانوناً بمثابة “تبرع” أي إن نقل الملكية لن يترتب عليه دفع أي ضرائب على عكس ما يجرى في الأوساط المالية في عمليات نقل ملكية الأسهم.
2- المؤسسة نفسها ليست خيرية بشكل كامل!
ووفقا لموقع أرقام ديجيتال وبحسب موقع BuzzFeed فإن مؤسسة “تشان زوكربرج” ليس مؤسسة خيرية بالكامل بل هي LLC (اختصار limited liability company) وتعني شركة ذات مسئولية محدودة، وهي مؤسسة قام مارك وزوجته بتأسيسها عام 2009 وتقوم ببعض الأنشطة الإنسانية والخيرية والخدمات العامة وتمويل المنظمات غير الهادفة للربح، لكنها في الوقت ذاته ليست مؤسسة لا ربحية حيث يمكنها قانوناً جني أرباح والقيام باستثمارات مباشرة، فهي مدرجة ضمن البند c) 501) للمؤسسات.
من النقاط التي طرحها أيضاً بعض الخبراء هو أن من عيوب هذه النوعية من المؤسسات أن لها مطلق الحرية في تقديم منح وعطايا لمنظمات وجمعيات أخرى وهي أيضاً من تقرر أسماء هذه الجهات، مما يفتح الباب نحو فكرة آلية اختيار هذه الجهات والتي ربما قد يتم استغلال هذا الأمر من أجل أغراض شخصية أو سياسية كما يفعل الكثير من المشاهير ورجال الأعمال والساسة في الفترة الحالية بشكل خفي.
3- التبرع لن يتم دفعة واحدة
بالتأكيد لن يتم نقل هذه الثروة الهائلة دفعة واحدة، فبحسب تصريح زوكربرج أن نقل الملكية لن يتم مرة واحدة بل ستكون على دفعات على مدار حياته، وهو ما يساهم في تقليل عبء الضرائب السنوي من على مارك زوكربرج، كما سنشرح أكثر في النقطة التالية.
4- امتيازات ضريبية كبيرة مكتسبة
من عيوب قوانين الضرائب في معظم دول العالم أن التبرعات للجهات الخيرية يتم خصمها من الضرائب المستحقة، ولذلك كما أشرنا في النقطة الأولى من أن صفقة نقل الأسهم سوف تتم بدون دفع أي ضرائب عليها، كذلك ستساهم هذه “التبرعات” في تخفيف الضرائب التي يدفعها مارك زوكربرج سنوياً، بل والأهم من ذلك أن ورثة زوكربرج لاحقاً سيتمتعون بإعفاء من ضرائب التركات (بحسب قوانين ولاية كاليفورنيا)، كذلك هذه المؤسسة والتي تعد قانوناً مؤسسة خيرية جميع أرباحها وممتلكاتها سوف تكون معفاة من الضرائب، وهو ما يحقق الكثير من المكاسب لمارك زوكربرج وأسرته خلال الفترة القادمة.