(وطن – حمزة هنداوي) يبدو أن سيناريو “حمص القديمة” بإجلاء “ثوار” المدينة التي وصفها السوريون بـ “عاصمة الثورة” سيتكرر في حي “الوعر” المسمى رسميا لدى السلطات السورية بـ”حمص الجديدة” والذي يعد آخر معاقل المعارضة في مدينة حمص وسط سوريا، بعد نحو عام ونصف من خروج “ثوار” أحياء المدينة القديمة إلى ريفها الشمالي ومحافظات حلب وحماه وإدلب.
وخرج حينها عناصر المعارضة بباصات ذات لون أخضر تركت انطباعاً سيئاً وذكرى مشؤومة لدى جمهور الثورة السورية، ليس لخسارة جزء عزيز من “عاصمة الثورة” وحسب، وإنما أيضا لأن الباصات نفسها أقلت الكثير من شباب المدينة وسوريا عموماً إلى جحيم المعتقلات لدى مخابرات النظام، وهي نفسها التي تأتي ساحات المظاهرات أيام الحراك السلمي محملة بعناصر مخابرات النظام و”اللجان الشعبية” مزودين بسلاحهم الكامل لقمع المظاهرات وتشتيت المشاركين بها بين قتيل ومعتقل وجريح أو طريد هارب بأحسن الأحوال.
تلك الباصات التي استوردتها الحكومة السورية من الصين، قبل الثورة بسنوات قليلة بعد الترويج لها في الصحافة الرسمية على أنها الحل السحري لأزمة النقل المزمنة في كبرى المدن السورية، حوّل النظام مسارها لتنقل السوريين إلى معتقلات صارت تغص بأكثر من ربع مليون شخص بحسب تقارير منظمات حقوقية دولية ومحلية.
والآن ومع دخول أول قافلة مساعدات بعد الاتفاق الأولي على “الهدنة” بين المعارضة والنظام، ينتظر ثوار حي الوعر “باص الصين العظيم”، كما أطلق عليه السوريون حين استقدامه من بلد ارتبط الكثير من بضائعه وسلعه بالغش والأداء الرديء والسمعة السيئة.
ولكن أحداً من السوريين لم يكن يتوقع رداءة استخدام الباص بالطريقة التي حدثت، وحصر خدمته بعناصر الأمن و(الشبيحة)، أو نقل المتظاهرين إلى حيث لقي معظمهم حتفه تحت التعذيب.
* ثلاث مراحل لترحيل المعارضة من الحي:
وحسب تقارير إعلامية فقد تم توقيع اتفاق مبدئي للهدنة بين النظام والثوار في حي الوعر المحاصر، مطلع كانون الأول ديسمبر الجاري، على أن يبدأ تنفيذ المرحلة الأولى من أصل ثلاث مراحل في العاشر منه، (أي بعد 4 أيام).
ويستهل الطرفان بحسب نص الاتفاق، الهدنة بمرحلة “حسن نوايا” لمدة 10 أيام، يسمح النظام خلالها بإدخال مواد غذائية وطبية، بالتزامن مع وقف إطلاق النار، وفتح جزئي للطريق حمص المدينة أمام المحاصرين البالغ عددهم أكثر من 150 ألفا بين سكان أصليين ونازحين من الأحياء القديمة التي لم يسمح النظام لهم بالعودة إلى منازلهم رغم تهدم معظمها بقذائفه.
وأكدت التقارير أن الهدنة ستمر بثلاث مراحل، تنفذ المرحلة على مدى 25 يوما، على أن يتم الانتقال إلى المرحلة التي تليها بعد التنفيذ الكامل للأولى التي تتضمن وقف كامل لإطلاق النار والعمليات العسكرية، وخروج رافضي الهدنة من قوات المعارضة، وتقديم لائحة بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة الموجودة بالحي، والسماح بعمل اللجان الإغاثية، وفتح معبر أمام المحاصرين مشيا على الأقدام، وتحضير لوائح بالمفقودين والمعتقلين.
بينما تضمنت المرحلة الثانية جمع سلاح المعارضة بإشراف لجنتين من النظام والحي، وإطلاق سراح المعتقلين، عدا المحكومين والمحالين إلى القضاء.
أما المرحلة الثالثة، فإنها ستشهد استمرار جمع سلاح المعارضة، بالتزامن مع خروج دفعة أخرى من الراغبين بالخروج، أو الرافضين “المعطّلين” للاتفاق، إضافة إلى إطلاق سراح معتقلين آخرين.