بعد أن تعرّضت “وطن” لمضايقات من تونس: هل عادت ميليشيات عمار 404 للعمل من جديد؟
وطن – رسالتان منفصلتان من إدارة موقع الفايسبوك في 48 ساعة،مفاد الأولى أنه تم منع نشر المقال المعنون بـ “حقائق منسية عن الثورة التونسية: 13 يناير وخطاب “سيد الرئيس”بن علي” وظهوره مدعوما “Sponsorisé” في تونس وذلك بعد ثلاث ساعات من نشره على صفحة “وطن” على موقع التواصل الإجتماعي فايسبوك بدعوى التبليغات المتواترة التي انهالت على “Facebook” حيث كان مفادها أنّ المقال المنشور عبارة عن رابط وهمي وهو ما منع من ظهور المقال لمتابعي الصحيفة في تونس.
إدارة الصحيفة تعجبت من الأمر وراسلت إدارة “Facebook” والّتي بقيت في سبات عميق إلى حدّ الآن ولم يتمّ الردّ على الرسالة وهو ما أثار الإستغراب فمن هي الجهة التي تقف وراء منع هذا المقال بالتحديد بأن يظهر للتونسيين في حين أن اخبارا ومقالات أخرى لم يتمّ منعها.
كذلك فإنّه وفي تاريخ الصحيفة لم يحصل هذا الأمر إلّا مرّتين كانتا مع دولة خليجية قامت سلطاتها بشن هجوم متزامن على “الفايسبوك” لإلغاء دعم المقال والسعي إلى عدم ظهوره لمتابعي الصحيفة المحجوبة في تلك الدولة وفي البلدان الأخرى.
تجاوزنا الأمر وأحسنا الظن وقلنا يمكن أن يكون الأمر مجرّد التباس أو تبليغات من متابعين لم يعجبهم المقال، ولكن وبعد حوالي 48 ساعة من منع ظهور المقال المشار إليه للتونسيين، تكرّر الأمر ثانية مع حوار رئيس الحكومة التونسية الأسبق والأمين العام لحركة النهضة المستقيل حمادي الجبالي،فبعد مرور 3 ساعات من نشر المقال وإقبال آلاف القراء ومئات المعلقين والمشاركين ووسط خشية إدارة الموقع من إلغاء الدعم على الحوار الخاص بـ “وطن”، أرسلت إدارة “Facebook” مرّة أخرى رسالة ثانية إلى إدارة الموقع تعلمهم فيها بوقف الدعم ورفعه Sponsoring عن الحوار بعد مئات التبليغات المتتالية طيلة 3 ساعات، وهو ما حرم متابعي وقراء الصحيفة في نسختها الإلكترونية من متابعة الحوار في جزئه الأول.
إدارة “الفايسبوك” علّلت قرار المنع هذه المرّة بسبب جديد أثار استغرابنا، حيث جاء في قرار المنع و رفع الدعم أن الحوار ليس خاصا بالموقع كما أنه قصير وذلك بعد تشكيات بعض الجهات المجهولة التي لم تدّخر جهدا في التبليع عن هذه المادّة الصحفيّة الخاصّ بالموقع وذلك في إطار انفتاح وقرب صحيفة “وطن” في نسختها الإلكترونية من متابعيها في العالم العربي عامّة وتونس خاصّة.
إنّ وطن كانت من الصحف الممنوعة والمحجوبة في تونس قبل 14 يناير، وكان لزاما على التونسيين الّذين يرغبون في متابعة مقالاتنا المنشورة أن يستعملوا “البروكسي” لكي يستطيعوا تصفّحها، ثمّ وبفضل ثورة 14 من يناير وتضحيات الشعب التونسي تمّ رفع الحجب عن الصحيفة وهو ما دفعها من الإقتراب من القارئ التونسي بعد أن حرموها من التواصل معها لسنوات طوال.
الخوف كل الخوف من أن تكون هناك بعض الجهات النافذة في الدولة التونسية أو بعض الميليشيات الحزبية المجنّدة لإلغاء بعض المضامين الإعلامية التي تقدّمها الصحيفة في نسختها الإلكترونية خاصّة وأنّ الأمر قد تكرّر ليومين متتاليين وبعد بضع ساعات من نشر المقال والحوار، وهو ما يتنافى مع الدستور التونسي الجديد الّذي نصّ على حريّة الإعلام وحرّيّة التّعبير إن كان الأمر مدبّرا من قبل بعض الجهات الرسمية، ويعارض أيضا “الأخلاقيات بأنواعها” إن كان الإلغاء من قبل بعض الميليشيات الحزبية أو المنظمات التّي تبدو مجهولة الهوية إلى حدّ كتابة هذه السّطور.
الأمر المحيّر أيضا هو لماذا تمّ منع هذين المضمونين الإعلاميين خصوصا في حين تمّ السّماح بالإنتشار الواسع لتقرير وكالة الصحافة الفرنسية المعنون “من منفاه بالسعودية.. هكذا يعيش بن علي” على صفحتنا في موقع “Facebook” في حين أنّ كليهما مواد إعلامية متعلّقة بتونس.
إنّ تونس وبحسب ما خلص إليه تقرير مؤسسة فريدوم هاوس عن “المؤشر العالمي لحرية الإنترنت” (2014-2015) والذي تضمن دراسة أوضاع الإنترنت في 65 دولة في العالم هي من ضمن الدول العربية التي لم يقع تصنيفها تحت بند الدول الحرة، وإنّما وقعت الأولى في تصنيف الدول “الحرة جزئيًّا” بالإضافة إلى المغرب ولبنان والأردن وفقًا للمؤشر وهو ما يعني أنّ “عمّار 404” الّذي بدأ التونسيون بعد سنوات من الثورة من التخلّص منه نسبيا قد عاد من جديد، ولكن يبدو أنّه عاد هذه المرّة مرتديا ثوبا جديدا ومختفيا تحت أسماء ومنظمات وميليشيات أخرى ربّما، بعد أن كان قد خصّص له قسم واسع فسيح الأرجاء في وزارتي الداخلية والإتصال في فترة حكم بن علي.
سياسة تكميم الأفواه التي يحاول البعض أن يرسيها في دول الثورات العربية نجحت في أكثر هذه الدّول، لكن في مقابل ذلك نجحت تونس في البقاء عصيّة على ذلك وفق ما صرّح به المسؤولون و بعض الحقوقيّين وعموم الشعب التونسي أمس في إطار الإحتفال بذكرى الثورة وهو ما يدفعنا لمزيد القرب من المتابع التونسي وللطموح لتقديم إعلام يلبّي انتظاراته.
فهل ستواصل هذه الجهات الرسمية أو الميليشيات الحزبية أو المنظمات المشبوهة مجهولة الهوية، سياسة التبليغ ومنع المواد المنشورة عن تونس من الوصول إلى التونسيين؟ خاصّة بعن أن تمّ منع حوار حمادي الجبالي من الإنتشار بعد 3 ساعات من نشره في ذكرى ثورة الياسمين وفي تاريخها الرمزي 14 يناير ومنع مقال حقائق 13 يناير قبله بيوم؟
وفي الأخير هذا أهم ما جاء في الدستور من فصول تمنع سلفا إصدار قوانين وهياكل مخصصة لفرض الرقابة على حرية النشر والإعلام واستعمال شبكات التواصل الإجتماعي:
الفصل 24: تحمي الدولة الحياة الخاصة، وحرمة المسكن، وسرية المراسلات والاتصالات والمعطيات الشخصية.
الفصل 31: حرية الرأي والفكر والتعبير والإعلام والنشر مضمونة.
لا يجوز ممارسة رقابة مسبقة على هذه الحريات.