بعد أن تمّ المنّ عليهم من قبل بعض الدول الأوروبية بالموافقة على مطالب اللجوء إليها وسط رفض الدول العربية حتّى التفكير في ذلك، يعاني جزء كبير من السوريين المهجرين والمشرّدين بسبب الحرب الأهلية الدائرة في البلد الأمرّين في لمّ شمل عائلاتهم الّتي تركوها وراءهم إمّا في المناطق المحرّرة داخل سوريا أو داخل مخيمات النازحين في تركيا ولبنان والأردن وذلك بسبب صعوبة الحصول على الأوراق والوثائق المطلوبة، لا سيما أن بعض هذه الوثائق الرسمية ومن ذلك جواز السفر يُشترط أن تكون صادرة عن مؤسسات النظام السوري ودوائره الحكومية، وهو ما ليس متاحا للكثير من السوريين.
فوفق تقرير “لعربي 21” نشر اليوم الإثنين، يتحدث خليل عن تجربته للموقع الإلكتروني، قائلا “إنه وصل إلى ألمانيا منذ سبعة شهور وحصل على الإقامة بعد نحو ثلاثة أشهر، وهو يحاول منذ مدة الحصول على لمّ الشمل لزوجته وأبنائه.”
المهمة المستحيلة للمّ شمل عائلة خليل سببها أنّ “بعض الأوراق المطلوبة موجودة لديه، ولكن بعضها الآخر غير موجود ولا يمكن إتمام المعاملة دونها، وبالتالي فعليه أن يحصل عليها من دوائر النفوس في مناطق النظام”.
ويوضح خليل أنه حاول مرارا الحصول على تلك الأوراق “عبر معارف له يقيمون في مناطق النظام، واللّذين رفض معظمهم مساعدته في ذلك كونه مطلوبا للنظام منذ بدايات الإحتجاجات الشعبية في سوريا، حيث إن هؤلاء “يخافون حتى ذكر اسمه في دائرة حكومية”، وفق تعبيره.
وتابع اللاجئ السوري “كررت المحاولات بشتى الوسائل، إلى أن وصلت إلى أحد معقبي المعاملات الذي قام بدوره باستخراج الأوراق المطلوبة (في سوريا)، لكنه فشل في تصديقها، وأخبره الموظف أن اسمي معمم كمطلوب وخارج عن القانون، ولا يمكن له أن يصادق على تلك الأوراق. ولا زلت حائرا باحثا عن الحل حتى اللحظة”، كما يقول.
حتّى الحيل لم تنفع والمهمّة أضحت مستحيلة
وذكر خليل أنه حاول مرة تقديم أوراق “غير نظامية”، شبيهة بالأوراق المطلوبة، لكن السفارة الألمانية في لبنان رفضت استلام الأوراق من أسرته، حيث اكتشف الموظف أنها “أوراق مزيفة”، وأعطاه مهلة محددة لتأمين أوراق أصلية صادرة عن النظام.
وقال: “رغم أنني أمتلك دفتر عائلة نظامي غير مزيف ومترجم للغة الألمانية، بحيث يعتبر كافيا لإثبات أن مقدمي طلب الفيزا هم زوجتي وأطفالي، إلا أن الموظفين في السفارة (الألمانية) يصرون على نسخ مشابهة لدفتر العائلة، صادرة عن سجلات النفوس (في سوريا)”. وتابع متسائلا: “كيف يطلبون مني أوراقا صادرة عن النظام وأنا أصلا خرجت من سوريا وأصبحت لاجئا؛ لأنني مطلوب من كل السلطات الأمنية التابعة له وهم يعلمون بذلك؟”.
ويرى لاجئون سوريون أن غالبية الحالات التي يعاني أصحابها من عقدة لمّ الشمل توجد في ألمانيا، في حين يرون أن بعض الدول، مثل هولندا، تبدو الأمور أسهل قليلا بشأن الأوراق.
وفي هذا السياق، يقول “عرفان” لـموقع “عربي21”: “حسب ما سمعنا منذ سنوات، فإن المعارضة السورية والائتلاف الذي يمثل جهة رسمية لها؛ جهات معترف بها دوليا، فلماذا لا تقوم مؤسسات الائتلاف الوطني السوري باستصدار هذه الأوراق لمن لا يستطيعون الحصول عليها من دوائر النظام؟ ولماذا لا يهتمون بالأمر ويعملون عليه، لكن فيما يبدو أن الاعتراف الذي حصلت عليه المعارضة السورية هو اعتراف مزيف”، وفق تعبيره.
إشكالات وصعوبات قانونية ولمّ الشّمل لن يكون إلّا في تركيا
ويشار في هذا الصدد إلى محاولات من جانب الائتلاف والحكومة المؤقتة لإصدار وثائق، وتجديد جوازات السفر لحل مشكلة مئات الآلاف من السوريين المحرومين من جوازات السفر في الخارج، لكن قانونيين حذروا من أن مثل هذه الوثائق قد تعرض حامليها لإشكاليات قانونية في مطارات العالم بسبب عدم الاعتراف بها، وهو ما دفع الائتلاف لإلغاء الفكرة.
ويشير “عرفان” إلى أن العديد من الدول لم تعد تمنح أسرة اللاجئ وثائق سفر مؤقتة لاستخدامها في رحلة لم الشمل، بل بدأت السفارات، ومنها الألمانية، تطالب اللاجئ السوري بالحصول على جوازات سفر لكل أفراد عائلته، حتى تتم الموافقة على لمّ الشمل، “وهذه الجوازات من أين ستصدر؟ بالتأكيد ليست من جوازات المعارضة السورية، بل هم يصرون على أن تكون من إصدار النظام”.
ويقول لـ”عربي21″: “قد تستطيع تأمين جوازات سفر لأفراد أسرتك، ولكن السماسرة في دمشق يطلبون 2500 دولار على كل جواز، وبالتالي فإن زوجتي وأطفالي الخمسة يحتاجون حوالي 15 ألف دولار ثمن جوازات”، مضيفا: “يبدو أن لم شملنا لن يكون هنا، بل سيكون قريبا في تركيا؛ لأنني سأعود إن لم أجد حلا في القريب العاجل”، وفق قوله.