الجبالي يكشف لـ”وطن” لأول مرّة أحداث السفارة: أمريكا كانت ستقطع العلاقات مع تونس

By Published On: 20 يناير، 2016

شارك الموضوع:

حاوره في تونس: شمس الدين النقاز

في الجزء الثاني من حوار رئيس الحكومة التونسية الأسبق مع “وطن”، يكشف حمادي الجبالي بعض الحقائق لأول مرة عن أحداث السفارة الأمريكية والتي كان أهمّها القرار المبدئي للولايات المتحّدة الأمريكية بالإنسحاب من تونس وقطع العلاقات نهائيا لولا تدخّل هيلاري كلينتون والإدارة الأمريكية في اللحظات الأخيرة.

كما أكّد الجبالي أنّ حكومته كانت تتحمّل المسؤولية فيما حدث لأنهم كانوا يحكمون وقد أساؤوا التقدير في تلك الأحداث من خلال سماحهم للمتظاهرين السلفيين وقتها من الوصول إلى حدود السفارة الأمريكية، نافيا في الوقت نفسه ما صرّح به الأمين العام لحزب حراك تونس الإرادة عدنان منصر في حوار سابق مع “وطن” من أنّ مؤامرة حصلت يومها من قبل بعض القيادات الأمنية.

وتابع الجبالي “أن الأمر لم يخرج عن تقصير أمني وسوء تقدير من قبلهم وأنّ الحكومة وقتها تتحمّل المسؤولية فيما حدث ولا يتحمّلها الأمنيون فقط.”

رئيس الحكومة الأسبق كشف أيضا أنّ بعض الدول كانت رافضة للتجربة الديمقراطية التونسية وأنّ الغرب كان قابلا بالإسلاميين في الحكم بل كان يدعمهم ويتعجّب في الوقت نفسه من المعارضة الداخلية في البلاد.

كما شدّد حمادي الجبالي على أنّ الشعب التونسي أفشل مشروع المعارضة للإنقلاب على الحكومة إثر اغتيال المعارض السياسي البارز شكري بلعيد، كاشفا في الوقت نفسه تفاصيل ذلك.

كما أكّد الجبالي أنّ سياسة الحكومة في محاربة الإرهاب خاطئة رغم حصول بعض النجاحات الأمني، خاصة فيما يتعلّق بإغلاق المساجد وعزل الأئمة واصفا ذلك بأنه يدخل في الصراع الإنتخابي.

وفي سياق تعليقه على تعيين عثمان بطيخ مفتيا جديدا لتونس خلفا لحمدة سعيّد قال الجبالي إن الأمر يتجاوز شخص الرجل وإنما قد اعترف هو بنفسه أن السياسة تملى عليه.

وفي الحوار أيضا تحدّث الأمين العام المستقيل من حركة النهضة عن مواقفه من عدد من القضايا الداخليّة والخارجيّة.

وإليكم نص الحوار الّذي تنشره “وطن” في جزئه الثاني والأخير

كيف تعامل الغرب مع الإسلاميين في الحكم؟

أنا أقول كيف تعامل الغرب مع أوضاعنا ككل وليس مع الإسلاميين فقط.

أنا قلت للغرب أنتم كنتم بإرادتكم أو بغير إرادتكم سندا للدكتاتورية ولكل ما هو سيء في البلاد بدعوى تحقيق الإستقرار والأمن وصدّ الإرهاب والتطرّف، لكن هم عندهم عقلاء وخبراء ومراكز دراسات وقد اعترفوا بهذا الخطأ وقالوا لم ندعم إلا الديكتاتوريات والإنقلابات التي ظننا أنها تخدم مصلحتنا فاكتشفنا أنها ضدنا ولا تخدم مصلحتنا، لكن مع الأسف يبدو أن المصلحة هي التي غلبت فعاد الغرب من جديد بتعبيرات مختلفة يدعمون الدكتاتوريات والإنقلابات، ودائما نحن نفس الشعار التصدي للإرهاب والعنف والتطرف وهم بذلك يدعمون الدكتاتوريات ولكن الحق يقال فهناك شعوب بدأت تستفيق منذ قيام الثورات.

كيف تعامل الغرب مع النهضة وهي في السلطة؟

لم نجد إشكال مع الدول الغربية بل بالعكس كان عقلاؤهم ومواقفهم وأقوالهم أفضل بكثير من مواقف الداخل، وكانوا يستغربون ذلك وقد قالوا لي “لماذا هذا العداء والتحطيم من قبل الرافضين للديمقراطية وللحريات”، وبعضهم مريض والله سبحانه وتعالى يقول “في قلوبهم مرض” أي من هذا الدين.

وهؤلاء شريحة من المجتمع أعطاهم الشعب التونسي ما يستحقون في مناسبتين في الإنتخابات، لكن لم يستخلصوا الدرس وعادوا للتكلم باسم الشعب وكانوا أشد علينا من الغرب، فالغرب عنده مصالح ومبادئ أيضا، لهذا لم تكن النهضة ولا غيرها تثمل خطرا على مصالحهم.

لهذا قلتم إن أمريكا وأوروبا تشترطان وجود النهضة في الحكم ولا أحد قادر على ضربها !

طبعا، كذلك المحيط الإقليمي والدولي القريب والبعيد، فهم عقلاء ويعرفون ماذا فعلت النهضة ومن هي النهضة.

لكن هناك بعض الدول الخليجية سعت لدعم انقلاب عن النهضة وهذا ما كشفته تقارير إعلامية وذكر من بينها دولة الإمارات العربية المتحدة!

لا أريد أن أسمي أسماء لكن الملاحظ أن هناك صد عن مبادي هذه الثورة من الداخل ومن الخارج لأسباب مختلفة.

ليفني وزيرة خارجية إسرائيل في ذلك الوقت أول من صرح يمكن بعد 20 ساعة قالت هذه هي الكارثة التي تهب علينا وهؤلاء عدوّ.

هم يكرهون هذه القيادات التي ستكون شعبية فهم كانوا يتعاملون مع انقلابيين منصّبين.. وهناك بعض من الدول التي سعت لذلك شرقا وغربا.

سُمّيت بعض الدول وعلى رأسها “الإمارات” وهذا ما قاله الدكتور عدنان منصر؟

أنا لن أسمي وهو ليس مرجع لي وأنا ليس لي مرجع، أنا الذي أعرفه أنه كان هناك منظومة داخلية ومنظومة خارجية.

السؤال هو لماذا أزعجت الثورة الكيان الصهيوني وأزعجت أنظمة أخرى.

لأسباب مختلفة أولها أن الثورة جاءت بقيم الحرية والكرامة وحقوق الإنسان وهذا ما يهدّدهم، في حين هم لا يقدرون على تحمل هذا النمط الديمقراطي والحريات والإنتخابات وحقوق الإنسان وحقوق المرأة…

سمّ أنت من شئت من الدول لكن أنا لن أقول ذلك..فهم يخشون تحرر الإنسان الّذي جاء به ديننا لا أقول المسلم وإنما الإنسان، هؤلاء يصدّون الآن عن الثورة بالمال وبالمؤامرات وبالمخابرات ونحن نعرف ذلك.

وبالضغوطات أيضا؟

أكيد !

ما هو تعليقكم على تواصل منع دولة الإمارات للتونسيين من الحصول على تأشيرات الدخول؟

هذه قضية تجيب عنها الدولة.

فلنبق في العام لا الخاص، التأشيرات الآن تفرضها وتمنعها كثير من الدول بما فيها الإمارات لأسباب مختلفة.

السؤال يوجه مثلا إلى رئيس الإمارات لماذا فرضت التأشيرة على التونسيين… وأنا أرغب في سماع إجابته ولا أريد الدخول في هذا الموضوع.

ما أعرفه أنه هناك صدّ عن قيم الثورة بما فيها حرية اختيار الشعب لحكامه ولممثليه.

فعندما اختار الشعب النهضة وغيرها انزعجوا وليس فقط على النهضة إنما لأنهم يكرهون حرية الانسان ويرون ذلك خطرا كبيرا عليهم.

هل تعرّضتم إلى مؤامرة في أحداث السفارة الأمريكية، فبعض التقارير الإعلامية تحدثت عن ذلك؟

المؤامرة كلمة كبيرة نطلقها جزافا، من قبل من هذه المؤامرة ؟

من قبل بعض القيادات الأمنية لإظهار الإسلاميين أنهم لا يسيطرون على الوضع !

نحن كنا نحكم وقتها عند وجود هذه القيادات الأمنية وكان عندنا وزير داخلية ورئيس حكومة وكانا من النهضة.

يعني إذا كان هؤلاء الأشخاص قد تصرّفوا كان أولى بنا أن نتصرّف أيضا.

لا يجب أن نرمي مسؤوليتنا عن أشخاص آخرين فنحن أصحاب قرار أيضا، فإذن لا نرمي أخطاءنا على غيرنا.

نعرف أن كثيرا من الأشياء قد حصلت ولازالت، ولكن يجب أن نلوم أنفسنا أيضا لماذا لم نتخذ الإجراءات اللازمة.

لماذا لم نتصرف مع هؤلاء اللّذين اجتاحوا السفارة.

سؤالي لكم بسبب تبعات الأحداث، فمن المفروض أن تسند تونس أرضا للولايات المتحدة الأمريكية كتعويض عن الخسائر الماديّة !

أنا لا أعرف ما علاقة أرض أعطتها تونس لأمريكا بهذا الموضوع فأنا أولا لست مطلعا على هذه التطورات فهل إسناد الأرض كان تكفيرا عما حصل أو تعويض؟

تعويض عن الخسائر التي قدّرت بالمليارات وذلك لأنّ تونس عاجزة عن تسديد فاتورة الخسائر مادّيّا؟

هو الأكيد هنالك خسائر ونحن نتحمل ذلك، لكن أن نقول مؤامرة ونرميها على غيرنا فلا، صحيح أن هناك أشياء تمت ويجب البحث فيها.

أولا أن هؤلاء الأشخاص اللّذين هجموا على السفارة كان أولى بنا أن نعلم قصدهم ومن هم لأنهم ليسوا من دعاة السياسة ولا الديمقراطيات ولا الحريات ولا التظاهر ولا يؤمنون بذلك.

ظننا أن هؤلاء كانوا سيقفون سلميا أمام السفارة وسيقدمون للسفير لائحة لوم أو احتجاج ويعودون من حيث أتوا.

ثانيا كان هناك 3 أحزمة أمنية لا بد أن تتوفر وبذلك لا يمكن أن يقترب هؤلاء.

الحزام الأول: على مستوى انطلاقهم من جامع الفتحو الكرم.

ثانيا: حزام متوسط على مستوى الطريق السريعة المرسى تونس وهو ما لم يتمّ.

ثالثا: أما السفارة.

هؤلاء لم يكن غايتهم الإحتجاج السلمي وإنما اقتحام السفارة، لهذا كان تقديرنا خاطئا.

هناك أمر لا يعرفه كثير من الناس، فهناك مجموعتين يوم الحادثة.

المجموعة الأولى جاءت مع 11.30 ووقفوا أمام السفارة محتجين ثم قدّموا رسالة إلى السّفير الأمريكي ثمّ انصرفوا.

المجموعة الثانية أعدت العدة بأدوات العنف منذ البداية فهؤلاء كان علينا أن لا نتركهم يقتربون قيد أنملة بل لا يخطون الخطوة الأولى.

بصراحة هل هناك تقصير أم تواطؤ؟

لا لا ! دعك من حديث الأشخاص المرضى “في قلوبهم مرض”، تقول له لا يقول لك تواطأ تقول له لا يقول لك النهضة إرهاب.

هناك تقصير وأكبر دليل وهذا ربما لا يعرفه التونسيون أن أمريكا كانت قاب قوسين أو أدنى من قطع العلاقات والإنسحاب من تونس وغلق السفارة بعد الأحداث وخاصة ما حدث لهم في بنغازي وقد كان الضغط كبيرا على هيلاري كلينتون وإدارة أوباما للإنسحاب.

من قبل من هذا الضغط؟

من قبل المعارضة والقوى الموجودة في الكونغرس وغيره وكان هناك تقييم جديد للثورات العربية مفاده ماذا ربحنا من هذه الثورات فقد مات رعايانا في بنغازي وتمّ ضربنا في تونس فما لنا وما لهم وليكن ما يكون.

ولكن الإدارة الأمريكية وهيلاري كلنتون وإن كان موقفهم المبدئي بالإنسحاب سحبوا هذا القرار بعد مشاهدة أشرطة الأحداث لساعات وكان تقييمهم موضوعي فليس هناك تواطؤ وليس هناك مؤامرة لا من النهضة ولا من الترويكا ولا من الحكومة ضدّ السفارة الأمريكية، لهذا لم ينسحبوا بعد تقييمهم الموضوعي ولهذا وقفت هيلاري كلينتون أمام الكونغرس وقالت لن ننسحب لأن الأمر لم يكن إرادي ومؤامرة وذلك بعد تحليل الصور ومعرفة حقيقة ما حدث والتصرف الأمني وغيره.

لهذا لم يكن تقييم الولايات المتحدة الأمريكية مؤامرة وتواطؤ على سفارتها إلا في عقول بعض التونسيين.

وهل مارست عليكم أمريكا إثر تلك الأحداث ضغوطا لمحاربة السلفيين ؟

لا، فليست هكذا تبنى العلاقة بين الدول، صحيح أن أمريكا انزعجت وعبرت عن ذلك، فقد كانت الأوضاع خطرة بعد أن تمّ الهجوم عليهم في عقر دارهم وكادوا يقتلونهم في السفارة وكان المتواجدون في داخلها يبحثون عن مخابئ وعن أنفاق، ولم يكن ما حدث احتجاج ولم تمارس علينا أي ضغوط وإنما كانت الضغوط على أنفسنا حتّى لا نعيد ما قمنا به من أخطاء.

وأنا لم أتلقّ أي تهديد ولا ضغوط، وإنما هم قدّروا الظروف وقدّروا ما حدث أكثر من أي طرف آخر ولهذا بقوا في تونس وقد كان من الممكن أن تكون انعكاسات انسحاب أمريكا انسحاب دول أخرى أيضا.

كشفتم مؤخرا في حواركم مع أحد المواقع الإلكترونية التونسية “الشاهد” عن بعض الأحداث التي أعقبت إغتيال المعارض شكري بلعيد، فهل كانت هناك بوادر انقلاب بعد هذا الإغتيال ؟

أنا قلت من الأول هناك فرق ومجموعات وأحزاب لا تؤمن بالديمقراطية تتشدق بذلك لكن لا تؤمن بها.

ما هي الديمقراطية، هي أن الشعب يختار ونحترم هذا الإختيار.

أسعى إلى تغيير هذا الإختيار بالطرق الديمقراطية نعم ! لكن أن أرفض وأعمل على إسقاط هذه النتائج بالقوة وبالعنف والإعتصامات وبقطع الطريق وبالإحتجاجات وهذا ما فعلوه وعندما لم يفلحوا جاء اغتيال بلعيد بالنسبة إليهم منطلقا أو منعرجا لإسقاط الحكومة وهو ما لم ينجح وأنا على كل كانت دعوتي وقتها لتشكيل حكومة كفاءات ثم استقالتي لسحب البساط من تحتهم.

كان هدفهم الزحف لإسقاط الحكومة سميه انقلاب مؤامرة أنا لا يهمني.

ومن هذه الأطراف التي قلت إنهم اجتمعوا في منزل حمة الهمامي؟

هي واضحة، وأنا تابعت تصريحاتهم وقتها وبين قوسين كان تصريح حمة الألين في ذلك الوقت وليس هو من كان الأعنف بل كان بعضهم من حمل النهضة المسؤولية ولا بد من معاقبتها وإسقاطها وقد كانوا رؤساء أحزاب وبطبيعة الحال كان الإعتقاد أن تكون الجنازة منطلقا وتكون مليونية وكانت الهليكوبتر تقوم بتغطية الجنازة وكانوا ينوون الزحف على 3 مواقع الداخلية والقصبة وباردو للثأر ولإسقاط الجكومة.

ومن منعهم من ذلك؟

الشعب !

أليس السلفيون واللجان الشعبية؟

لا لا ! هذه خرافة وأوهام، ماذا فعلت لهم اللجان الشعبية.

هل هي التي تركتهم يجمعون 37 ألف متظاهر فقط من مليون أرادوا جمعه؟

هل هي التي منعتهم من تأجيل الجنازة إلى يوم الخميس لجمع المتظاهرين؟

ليس الأمن من منعهم ولا وسائل الإعلام إنما الشعب وليس في تلك الحادثة فقط وإنما في اعتصام الرحيل وفي الهجوم على الولايات لكن لنتجاوز ذلك.

فتونس تحتاج إلى كل أبنائها اليوم وكما يقال إن سقطت الدار فستسقط علينا جميعا لا قدر الله.

هم يظنون أنفسهم بديل أو ناجين وهم يحدثون أنفسهم قائلين لو ذهب هؤلاء سنأتي نحن في حين أنهم سيحطمون كل شيء لأنه لن ينجو أحد فليفهموا أنه لا نجاة لأحد ولهذا يجب علينا أن نتواضع لبعضنا البعض وأن نغير عقلية القرون الوسطى.

لا يجب أن نكون على على نقيض الآخر أو نحطم الآخر أو نتمنى زواله فإما أنا أو هو في حين أنك أنت لا تستطيع.

ولهذا يجب أن تعرف قدرك بنتائج الإنتخابات التي أعطتك وزنك لا أن تغيب أسبوع أو أسبوعين ثم تعود للظهور على التلفزيون وتهدد .

فللنظر إلى الأمام فالأخطار الإجتماعية والمالية تهددنا فنحن في وضع لا نحسد عليه وضع عجز لا يريدون أن يفهموه ويقولوه ونحن في وضع أمني سيء داخليا وخارجيا فهل يعتقد هؤلاء أنه بإزالة الآخر وتحطيمه سيحسنون الوضع لا كما سمعت أحدهم يقول مادامت النهضة موجودة لأنها راعية الإرهاب وصاحبة الإرهاب، وهذا كلام مسؤول حزبي فهل بالمواقف هذه سنتصدّى للمخاطر الموجهة على البلاد، فبصرف النظر عن الخلاف فالقضية قضية تونس.

لماذا قال حمادي الجبالي “الدواعش قادمون وسيحكمون تونس”؟

لا لم أقل سيحكمون تونس، هذا ليس صحيحا وأنا ترددت كثيرا قبل الحضور في الإذاعة لاقتناعي أنهم يريدون استضافتي لغرض ما وغرض الشخص الذي كان موجودا وقتها “زياد كريشان”، ولكن على كل حال أقول إنّ الفيديو مقتطع من سياقه.

ما قلته ابحثوا عن أسباب الإرهاب والدواعش فإن كانت أسبابهم قائمة فهم قائمون ومن هذه الأسباب التهميش والدكتاتورية والبطالة والفقر وفقدان الأمل وفقدان المشروع فالدواعش ليسوا أشخاصا نزلوا من المريخ وقاموا بغزو الأرض فهم متواجدون وينتعشون بهذه الأسباب.

وحذاري من هذه الأسباب ومن الفوارق الإجتماعية والجهوية والتي لازلنا نغذيها بالخطب وبالممارسات من النخبة فهذا ما ينتج “داعش.”

لنرى الأماكن التي فيها “داعش” الآن العراق سوريا سيناء والعريش ونبحث في أسباب تواجده، ولهذا قلت لهذا السيد الذي كانت مهمته أن يأخذ مني هذا التصريح مع رفيقه بعد أن قرؤوا علي ورقة مهيأة إنّ “المقاومة لهذه الظاهرة تكون بإنهاء هذه الأسباب بالإضافة إلى المقاومة الأمنية والقانونية والتشريعية.”

لماذا في أوروبا تم القضاء على الـ BRIGADE ROUGE وغيرها من الجماعات، لأن المجتمع لم يقبلهم ورفضهم بالإضافة إلى أنهم لم يجدوا الأرضية لذلك.

لكن “داعش” ضربت أوروبا !

لا هذه ظاهرة أخرى أن تضرب في باريس أو في أي مكان.

المشكلة الحقيقة هل هؤلاء عندهم أرضية للتواجد أم لا، وعقلاء الغرب يعالجون هذا الآن.

ما هو رأيكم في سياسة الحكومة الحالية في محاربة الإرهاب؟

هناك نجاحات بلا شكّ، لكن الظاهرة أعقد، فهذه ظاهرة جديدة ويجب علينا أن تكون هناك عقلية وعقيدة جديدة ونحن مازلنا لم نتهيأ لهذه الظاهرة بعد لا ماديا ولا بشريا ولا فنيا، ثم هل نتصور أن الأمن وحده سيقوم بهذه المهمّة بمفرده، فالشعب أيضا معني بذلك لكن لا يعمل إلا عندما يكون مقتنعا بذلك عن طريق العيش الكريم وانخراطه في هذا العمل.

ماهي الحلول لمقاومة هذه الظاهرة؟

هناك مقاربات، ففي تدريس المنهجية التي تدرّس في الجامعات يجب أن تكون هناك 3 أسئلة

“QUOI ماذا” “POURQUOI لماذا” “COMMENT كيف”، نحن في تونس وضعنا كيف في حين الغرب يقوم بالبحث عن الحلول بعد الإجابة عن الأسئلة الثلاث. والحلول هي أن نتصدى لسؤال لماذا فأن تبقى جهات وأجيال محرومة والفساد والدكتاتورية فهذا خدمة للإرهاب.

فالإرهاب هو ظاهرة مركبة ومعقدة لا بد لها من معالجات ومقاربات شاملة.

هل عادت تونس دولة أمنية بوليسية مثلما كانت في عهد بن علي؟

لا، فلا يعني أننا لا نحكم أن نكون معقّدين، لكن هناك ممارسات بدأت تظهر وهي مؤشر سلبي وهناك عقلية بدأت تظهر ونعيد الكرة من جديد ونؤجل قضايا مهمة جدا أو ننساها ونتركها بدعوى مقاومة الإرهاب، مثل الحريات وحقوق الإنسان والديمقراطية فهي أهم أداة لمعالجة ومقارعة ارهاب وليس مثلما قال أحدهم نحن في وضع استثنائي فيجب أن تكون هناك قوانين استثنائية، فهذه عودة لعقلية الخطاب الأول التي مفادها نجمد الدستور في هذه المرحلة ونحتاج إلى قوانين استثنائية.

ليس هناك استثناء، فالدستور جعل ليحترم في أوقات الحرج والخوف والضعف،الدستور لا يحترم فقط في السراء .

ميزان الديمقراطية هو عندما تواجه الدولة مخاطر وتحترم دستورها لا تعلّقه وتأتي بقوانين استثنائية فهذا مدخل من مداخل الدكتاتورية.

هل يحارب الإرهاب بإغلاق المساجد وتجفيف المنابع؟

هو يغذّى بذلك وكما قال أحدهم “في كل ضربة ستغلقون ثمانين مسجدا” ما دخل المساجد ولماذا إلا المساجد، أنا عوض أن أغلق المساجد أفتح مراكز تكوين مهني وجامعات وأحسن البنية التحتيّة للبلاد وأزيد من الإتصال بالشعب.

لكن بإغلاق المساجد فنحن نخدم الإرهاب بذلك وهم بمناسبة ذلك يقولون “ماذا قلنا لكم نحن ها أنتم ترون محاربة الدين وعزل الأئمة”.

فهل نور الدين الخادمي إرهابي ومتطرف، من يصدق ذلك؟ فهو عالم جليل عندما يذهب إلى العالم يرحبون به ويبجلونه.

وغيره وكذلك الشيخ رضا الجوادي…

ما هو رأيكم في التحوير الوزاري الأخير الذي قام به رئيس الحكومة الحبيب الصيد وتقييمكم لعام من حكمه؟

مازال الوقت لم يحن بعد وأنا لا أعارض من أجل المعارضة كما يفعل البعض الّذي جُعل لكلمة لا، وهذه هي العبثية.

يجب أن يكون هناك تقييم موضوعي قائم على اتفاق وعلى برنامج وعلى أهداف وأنا الى حد الآن لم أر هذا، ننتظر يمكن أن يأتي ويمكن لا، فما هو البرنامج الذي قامت عليه الحكومة قبل تشكيلها.

الملاحظ أن الحكومة الجديدة فيها أشياء إيجابية في حين قال البعض إنها مقربة من النهضة مباشرة ولهذا نحن معارضين.

ولهذا لم يحن الوقت للتقييم ولنا المجال للنصح والبحث عن التوافق وعن حكومة قوية معبرة على إرادة شعبها وتخدمه وتحترم المؤسسات والدستور ورئيس الحكومة يجب أن يتمتع بصلاحيات دستورية ينفذها وأراها الآن غير موجودة مع الأسف أو منقوصة.

الفريق الحكومي لا يجب أن يكون مشتت عن طريق المرجعيات الحزبية بل يجب أن تكون المرجعية مرجعية الدولة والحكومة ومصلحة الشعب وأن يخدم هؤلاء بلادهم لا أشخاصهم ولا أحزابهم ويكون أفضل الموجود فإذا كان هذا موجودا يا مرحبا، لكن هنالك نقص هو توافق الحكومة على برنامج واضح.

ماهو تعليقكم على تعيين عثمان بطيخ مفتي جديد لتونس ؟

لا أريد أن أعلق على ذلك فالرجل كان مفتيا في فترة حكمي وليست القضية شخصية معه وأنا أعرف الرجل، القضية تتجاوز شخصه وأنا مشفق عليه وهو نفسه قال.

ماذا قال؟

قال أنا السياسة تملى عليّ.

هو أداة يعني؟

لا أقول أداة وإنما هو كان وزيرا لم نفهم دور الشؤون الدينية في عهده، فدور الشؤون الدينية هو توعية الناس وليس حرمانهم بعزل الأئمة ومعركة مساجد.

عدنا إلى معركة المواقع في البلاد تهيئةً لمعارك الإنتخابات وكذلك تنفيذا لمشروعات من أسميهم مرضى القلوب.

ما هي ملاحظاتكم على تقرير الحكومة البريطانية أن الإنتماء للإخوان المسلمين مؤشر محتمل التطرف؟

..أنا أتمنى أن أطلع على التقرير الأول وكان بودي أن يطلع العالم عليه وماذا جرى بين التقريرين وأنا سمعت عن التقرير الأول أنّه برّأ الإخوان من هذه التهم وأزعج البعض…

ماهو تعليقكم على الأحداث الجارية في ليبيا؟

أنا كل ما أتمنى أن يتأكّد الليبيون أن قضيتهم ومصلحة بلادهم تكمن في إيجاد حل ويجتمع الليبيون حول بعضهم وأن يجدوا حلا لمشاكلهم وأن تنظر القوى التي تنوي التدخل الأجنبي في ليبيا أنه هذا يمكن أن يرجع عليها بالوبال وعلى البلدان المجاورة بالويلات وباللاجئين والعنف والإرهاب والهجرة…

ماهو تعليقكم على توتر العلاقات بين إيران والسعودية؟

..أخشى أن ندخل في حرب بين البلدين عوض أن نهتم بمجتمعاتنا وبشعوبنا.

..وأنا أستغرب موقف إيران من مئات الآلاف من الضحايا في سورية..فكيف ندافع عن نظام يقتل شعبه وندين بصرف النظر عن صحة الإدانة إعدام شخص.

كيف نسكت على إعدام مئات الآلاف بل ملايين من الشعب ونقيم الدنيا على شخص واحد رغم أهمية الشخص والنفس البشرية.

وكيف ندافع أيضا على دكتاتور في اليمن الذي حمته السعودية في وقت من الأوقات وهذا هو ما يسميه البعض باللعبة السياسية.

كفانا زجا بشعوبنا في هذه الحرب المذهبية والحرب الدينية، ليست قضية شعوبنا لا في سوريا ولا في اليمن ولا في غيرها شيعة وسنة أنا هذا موقفي المبني على مبادئ ثورة تونس وليس فقط موقف شخصي.

شارك هذا الموضوع

One Comment

  1. سعاد مرايدي 21 يناير، 2016 at 11:46 ص - Reply

    الا يخجل الجبالي وعناصر النهضه او بالاحري النقمه مما فعلوه بتونس وما جلبوه للخضراء حتي باتت صفراء
    اثناء حكمهم ادخلوا الارهاب والفساد اصبحت تونس متاسلمه كان الاسلام يدخل لاول مره الي تونس كان يتحدث عن الخلافه السادسه واصبح السلفييون هم الناهون في البلاد يحتلون المساجد ويتحكمون في البلاد والعباد يدمرون المزارات ومقامات الصالحين يهاجمون السياح وسفاره امريكا ويرفعون العلم الاسود وادخلوا الي تونس الزواج العرفي وفكره تعدد الزوجات خربوا عقليه التونسي وهم في تواطئهم مع الصهيونيه باعوا تونس لقطر ونهبوا خيراتها
    فهل يجرا ان يجيب عن سؤال من اين لك هذا لان ما اصبح يملكه الجبالي والعريض والغنوشي والبحيري وبوشلاكه والقائمه تطول فيما يخص حزب النقمه علي تونس يفوق الخيال والاموال الموجوده بالبنوك الاروبيه يعرفها التونسيون

    اقول ان من يساند هذا الحزب الا اصحاب المصالح الشخصيه الانتهازيون الفاسدون ومن يريد شرا بتونس فليكف هذا الزنديق عن الهراء لانه مخجل ومقزز

Leave A Comment