“خاص- وطن”- لا تزال ذاكرة الأردنيين والفلسطينيين من هواة اقتناء المذياع ” الراديو ” على قلتهم ، تستذكر بان امتلاكها لم يكون بالأمر السهل ، خاصة ما تحكمه من موافقات وتراخيص رسمية تخضع لتصاريح سنوية وبرسم مالي يقدر آنذاك دينار سنوياً ، مع أحقية عدم تجديد التصريح وفق مدى التزام صاحبها من عدمه في متابعة محطات تسمح بمتابعتها.
وتظهر وثائق أرشيفية أن امتلاك راديو في خمسينيات القرن الماضي، يحكمه نظام التلغراف اللاسلكي رقم 1 لسنة 1941 ، برخصة اقتناء تمنحها وزارة المواصلات ، إضافة لتحديد موقع تواجدها سواء في منزل المقتني او في محال تجارية ” بقالة ” تخضع لرقابة الدولة.
الدولة كانت تراقب المستمعين إلى الإذاعات خاصة الممنوعة في ذلك الوقت، ومنها إذاعة ” برلين” التي كانت تبث أخبار المانيا والحرب، يتابعونها في ” السر ” وخفية عن تتبع دوريات تفتيش يرغمون في حال تواجدهم في المنطقة تحويل الموجة إلى إذاعة عمان وإذاعة لندن ، وإذاعة صوت العرب التي تسمح السلطات وقتها بمتابعتها.
يذكر الرواة ان اعدادها محدودة جداً في المملكة وحصريتها في طبقة الأغنياء والوجهاء فقط نظراً لارتفاع سعره إلى جانب إجراءات اقتنائه التي تتطلب موافقات رسمية لا تخلو من تدخل السلطات الأمنية استمرت لأواخر الستينات.
يعد الراديو من المقتنيات الثمينة التي تعكس وجاهة مالكها ، يتجمع أهالي الحي والمنطقة في المضافات والمقاهي على ندرتها ، التفاعل مع الإخبار التي تبث سواء من إذاعة عمان، أو الإذاعات الغربية كان كبيراً، فالجميع يقلد صوت المذيع، ويصدق كل ما يقال، وتعلوا أصواتهم بالتهليل والتكبير لدى سماعهم أخبار حماسية، تتعلق بالحرب العالمية.
الإذاعة الأردنية التي كانت تبث من القدس أرغمها الاحتلال الإسرائيلي انذاك على الانتقال إلى مدينة رام الله وبدأت البث عام 1948، ثم انتقلت إلى منطقة جبل الحسين بالعاصمة عمان عام 1956 ، والذي اعتبر وقتها احد ارقى ضواحيها ، يقتصر بثها ساعتين يومياً قبل ان يتم زيادتها إلى ثلاث ساعات.
في ظل محدودية عدد الذين يقتنون الراديو في ذلك الوقت، فقد كانت الأجهزة الرسمية، تراقب ذلك وتضع الشروط للاقتناء والرقابة على الاستماع.