حكمة القول من أنا؟
لا تعجل يا جارِ و عُد لقول الحق وكن من الصابرين,ان نور الحق على سبل الخير مُبقينا،و اسأل ذاتك من أنا؟ بعد أن خاب الظن في جيرة غرزت مخالبها في الحشا و الجُرح مدمل مؤلم غير ملتئم,و بُضَعهُ عميق ثخينا.
لا يحجبُ الغمام المتلبد النور الوضاح في الضحى,و لا مطامع إفرنجة,او غدرُ سراحين فُرس لتمام البدرِ طامسة امام صحاح احداق الحقيقة و اعين المبصرينا.
سُخِرَت مقامات الائمة لغدر الإخوة و زعل الاحبة و فرقة الأقربينا,و اْبواق الحروب نُفِختْ و استدعت اجانيد الباطل للوغى سيوفها شاهرة و سهامٌ الضغائن تشابكت و نحونا عوالي القنا سنينا.
خيولٌ جلودها ازبدت للعراك صاهلةٌ بوجه صوارمٌ حملتها احلام المتربصين و اشرُ أيادي المفسدينا،و التفت خِفافُ الانفس حولهم وقد مُدت اياديهم لأجل رشوة مالٍ و مآلٌ,فإذا بالشرف الرفيعُ صرف بغاء,على ماضٍ مجيد يغاوينا، و أعرابُ صحوات على دخان كسرات لفائف البيب نيام الضمائر,سهت مغطغطة، تتقلبُ على وعود احلامُ ابالسةٍ مستشرقينا,و همس فتنة شياطين مستعربينا.
فها نحن وقد أمسينا مع احزان حر الدمع اغراب في خيام الاوطان,و الأغراب فيها اعزة و على الأهل اسياد بأس مواطنينا.
لكن من انت؟ ومن أنا و كلانا تائه وسط سراب غبار الدهر بين ضبا الغاب نحلم بوعودٍ سرابينا.
نحترب و الدماء علت الركاب سواقيا،طيرٌ في فلا سماوينا,جيوش في قفار بوادينا و في عرض البحار صوارينا كلها دأبٌ لتلاشينا.
أهل الدار خارج الدور تتوهُ منفية تمضي جزعاً في زمهرير الاصقاع و بور الأمصار بِوَحشة الفقد تُطاردُ في قفار زوايا الجحيم لواجيء نزح مبعدينٍ و عن الاوطان مهجرينا،
دموعي تسيل سائلة من أنا يا دهر من أنا؟
تحت ظلال شوامخ نخيلها، رمت الغوازي حوامل رحالها على ضفاف غدائرها و حصباء جداولها,ثم استلقت لعبق نسائهم تهجع أمنينا، و على رمل شطوط موج هدير بحرها استرخت تستحمُ سكينا.
أنا نفسي سأل من أنا و ما شأني فهل لنفسك أيها الجار كنت يوماً من السائلينا؟.
قلت لنا: الفرات و النيل و بردى روت عطاشا الحضارات و مستقبل الأجيال و امّم الظامئين،
و كنيسة القيامة للناصري نصارى و لمكة المكرمة نحن في رصٍ للصفوف رُكعٌ مصلينا.
زاهدينا كنّا فيها,فلما اضعنا الصيام و الصلاة و تهنا السبيل؟صرنا صحواةٌ و احزاب تحز الرقاب بشفار سيوف مواضينا،عبدة مال و كفرة تقتل في المساجد التوابين و العابدينا، نسينا أركان الإيمان و كنّا لقدسية الاقصى هاجرينا،ايعقل في هذا الزمان و في ديرتنا ان الأبن قد خان اباه و الأخ هتك عرض اخّاه؟،فعلوها سُبة و هم على فعلتهم مُصّرينا غير نادمينا!.
حرقة القلوب نارها رماد وهموم الأنفس تسأل اين الصواب و أنا نفسي سأل من أنا ؟ أمجنون أنا؟ او أنا احيا في عالم الحمقى و المغفلينا؟
كم بكينا الحق على تربة الحسين و حر الأدمع على ال المصطفى و بين الأجفان دمعة عالقة،و أيادينا شُدت مع سواعد شياطين الردى تبني قبراً لماضي الأمة و نحن على شفا حُفْرَة عافرين الرؤوس و لمستقبلها نهزي بشفاه راجفة نتمتم شعائر اللحادينا.
دار هجرها الأهل على ثقل خطى الأسر و مضض الشقاء ملأتها الأغراب بنظرات الحسد و التمني لها الزوال للردى على اهوائهم و التمني في عسعسة الظلمة ناظرينا؟.
غرباء في ديار فسيحة كانت لنا جنان واسعة شاعت فيها المحبة و الاخاء و الاماني الجميلة,فما بالنا ننكب لملاقاة المنايا و لكل ما هو نحن كارهينا.
هل تحملنا اجنحة الردى من ارض كُنَّا لضرها ساعينا
من شدة الاسى و ضنك العيش حفاة عراة كُعُرنا مبعدينا
و موحَّدين قلّبتنا الأيام على الاعقاب فأمسينا بالكفر بالأنمل العشر متمسكينا،لا نفقهُ لعبة سلام او معارك وغى من عملاء اخساء ولا نفطن لكيد مصائب ُيمطِرُها علينا دخلاء منافقينا.
كن هامساً في إذن الزمان و كن بدنيا الخير لمعنى الوجود بالمكارم هادينا وإلا على شفار الموت سنسير طريق الآلام,و نهاية المطاف سبايا بين مدافن الزوال و العدم بلا اوطان مفلسينا.
اعقل على بركة رجاء الشرق ان الأجيال من دون توهم متحيزة لنا بكل ما هو بين الضلوع من محبة و رضى،نحن لهم وهم لنا مؤازرينا, و هم لشمسنا و لقمرنا ولاء و لسماءنا و دياجينا.
فمن أنا؟ إلا عربي في بلاد أرض الجدود على أطراف جلالها أينما استقرت قوافل الزمان في بيادي قرى او مدينا,و لو تبدلت الأيام من سلام الى وغى,عند نضار خضرة نخيل واحات و خصيب سهول غنية الغمار,على ضفاف ضفاف ماء فرات عزب و نيل خالد بالحياة ينساب سلسبيل تبقى لنا مكة قبلة الأمة معينا.
متى زار الزمان العدل فيافي جنبات ربوعها كان و طيب اَهلها على تبر ثراها من الساجدينا،و في هيبِ الكنائس بهرٌ مهللين و على مآذن ذو الجلال و الإكرام بالعربية موحدين مكبرينا.
من نحن انت وانا,و إلى أين ايلنا؟ ما لم نحمل معنا الهمما وحزم السالفين!
نحن أهل العرب في روعة جنان هذه الأوطان وجدنا الأمة و الحياة فيها،و هي فخر ماضينا و قبس مستقبل اغادينا.