دوسي الروسية: “صفقة سرية” بين روسيا والولايات المتحدة حول سوريا

صرّح الباحث في العلاقات الدولية، كارلو كارو، في مقال نشره في صحيفة هافينغتون بوست أن “روسيا أظهرت مُرونة في الإستراتيجية التي انتهجتها في سوريا مقارنة مع نظيرتها الولايات المتحدة “المتهورة”.

 

وأضاف أنّ انسحاب القوات العسكرية الروسية من سوريا هو جزء من “صفقة سرية” عقدتها روسيا مع الولايات المتحدة عشية محادثات السلام.

 

وكتب كارلو كارو أيضا على صفحات هافينغتون بوست “لا نستطيع أن نقول أن روسيا قد استوفت تماما مهمتها في سوريا، ولكن من المؤكد أنهم نجحوا أكثر من الأميركيين”. ويرى أيضا أن “تصرفات روسيا “إستراتيجيّة” في حين أن تصرفات الولايات المتحدة تنمّ عن “تهوّر”.

 

ووفقا له، فإن روسيا في الآونة الأخيرة أولت اهتمامها فقط بمحاربة عناصر تنظيم الدولة، وقبل ذلك استهدفت الجماعات المسلحة المرتبطة بتنظيم القاعدة، بما في ذلك العديد من فصائل الجيش السوري الحر.

 

ويرى أن استهداف هذه المجموعات أولا هو أمر منطقي نظرا لأن “لا أحد آخر حاربهم من قبل”. بل على العكس، كانت كلّ من الولايات المتحدة ودول الخليج تدعمهم وتُظهر نفسها وكأنها تقاتل من أجل الحرية السورية، وهو في الأصل مجرّد “كذبة”.

 

وهذا المشهد حسب العديد من السياسيين يطرح تساؤلات عديدة حول الأشخاص الذين يقاتلون، وطُرق تمويلهم بالمال والسلاح. و في الواقع إنه أمر يعيد إلى الأذهان الطريقة التي موّلت بها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية المجاهدين الذين قاتلوا ضد القوات السوفيتية في أفغانستان.

 

ووفقا للتقرير الّذي ترجمه موقع إيوان24 يقول كارلو كارو أنه “على الرغم من أنّ روسيا ساعدت الأسد لمدة خمسة أشهر”لتحويل دفة الحرب” إلا أنّني لا أعتقد أن بوتين حذّر الرئيس السوري من انسحاب القوات مقدما”. والسؤال هنا هو لماذا قرر الكرملين فجأة سحب جزء كبير من قوته العسكرية من سوريا؟

 

يقترح كارلو جوابا شاملا مفاده أنّ “بوتين تقاضى الكثير من المال من الولايات المتحدة بالإضافة إلى أن تحسن الوضع في شبه جزيرة القرم والحرب المفتوحة على جبهتين، أنهكت القوات الروسية ما دفعها إلى الانسحاب. كما أن التدخل المباشر لكلّ من تركيا والمملكة العربية السعودية في الصراع السوري، كان له دور مباشر في سحب بوتين لقواته العسكرية”.

 

وأضاف كارو “بالطبع، روسيا تدفع بالكرة في الحفرة وأنا على يقين من أن موسكو قد وقّعت صفقة سرية مع واشنطن للتخفيف من حماسة حلفائها في الشرق الأوسط”.

 

وبحسب كارلو، فإن “واشنطن لن تعترف بذلك أبدا، ولكن الجميع يعلم أن الصفقات السرية بين الحكام لطالما كانت موجودة وكل الأنظمة الاستبدادية لطالما رغبت في إرسال قوات إلى سوريا، وهو ما نلمسه اليوم بشكل رسمي”.

 

ومن الممكن أن يكون الأمريكان قد أعطوا وعدا لروسيا بمنع تدخل كل من تركيا والمملكة العربية السعودية، وهذا يعني أن واشنطن سوف تجبر أنقرة على إغلاق الحدود.

 

ومن الممكن أيضا أن تكون روسيا قد اتخذت قرارها بالانسحاب قبل بدء مفاوضات السلام، وهو ما دفع بالجانب الأمريكي إلى عقد صفقة مع روسيا لتُظهر أنّها اتخذت موقفا “شرعيّا” وحتى لا تكون في مواجهة مع “النقاد”.

 

وهذه الصفقة ستساعد روسيا على عدم ترك سوريا في قبضة كل من تركيا والمملكة العربية السعودية، “ليتقاسما غنائمها”، بينما تظهر الولايات المتحدة على أنها الدولة الأكثر نفوذا.

 

ووفقا لكارلو، “بالنسبة لبوتن، العمل مع باراك أوباما أسهل بكثير من العمل مع المحافظين الجدد، مثل ماركو روبيو، كريس كريستي أو هيلاري كلينتون”.

 

ويعتبر كارلو كارو أنّ إعلان وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف استعداد روسيا للتعاون مع التحالف الغربي لمكافحة الإرهاب هو أمر هامّ. ويقول أنّ “اقتراح روسيا المتعلّق بالشروع في عملية التفاوض حول الصراع في سوريا من شأنه أن يساهم في درء الاتهامات عنها، حتى ولو كانت النتيجة سيئة”.

 

وقد أظهرت موسكو في القضية السورية “مُرونة” حيث لعبت دورا هاما في “صد هجمات النقاد”، الذين اتهموها في وقت سابق بالإمبريالية والتحيّز.

 

وفي الختام تساءل كارلو حول من سيحلّ محلّ الأسد إذا ما تنحّى النظام السوري عن الحكم، هل هو زعيم “جبهة النصرة” أم زعيم “الجبهة الإسلامية”؟

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى