وزيرة فرنسية تصف النساء المحجبات المسلمات بـ “السبايا اللاتي يفضلنّ العبودية” !
أدى البيان الذي أدلت به وزيرة الأسر والطفولة وحقوق النساء في فرنسا، لورانس روسينول، يوم الخميس الماضي، إلى زيادة الهجمات المعادية للمسلمين من اليمين المتطرف.
كما قدّم الدفاع لجزء كبير من وسائل الإعلام الفرنسية المعروفة بتصوّرها السلبي عن المسلمين. وهذا تناقض صارخ لوزيرة تهاجم حرية اللباس في بلد ديمقراطي مثل فرنسا، وفي الوقت نفسه، ورئيسة وزارة تدافع عن حقوق المرأة.
في نوع الديمقراطية الليبرالية التي تؤمن بها الوزيرة الفرنسية، يبدو أن كل شكل من أشكال حرية الشخص في اختيار اللباس، بما في ذلك التنانير القصيرة أو اللباس الداخلي الشيق، يستثني حرية المرأة المسلمة في اختيار ملابسها.
وفي تصريح لإذاعة مونتي كارلو وقناة “ BFM”، خلال تعليقها على الاتجاه المتزايد لبيع ملابس النساء المسلمات في المحلات العالمية الشهيرة مثل دولتشي آند غابانا وH&M، وصفت الوزيرة الفرنسية النساء المحجبات المسلمات بـ “السبايا اللاتي يفضلنّ العبودية”.
وبالرغم أن هذه مسألة مرتبطة بحرية الاختيار ذهبت الوزيرة إلى أبعد من ذلك، وأضافت: “هناك نساء يخترن ارتداء الحجاب. وهناك أيضًا أمريكان أفارقة فضّلوا أن يكون عبيدًا.”
هذه عداوة عنصرية صريحة لا تُطاق وفقًا للمعايير الحديثة. والسؤال هنا: هل تجرؤ تلك الوزيرة أن تدلي بنفس التصريحات التحريضية عن النساء اليهوديات الملتزمات بقواعد السلوك المذكورة في الكتب المقدسة لليهود؟ وماذا عن المسيحيات الملتزمات بتعاليم الدين المسيحي؟.
هل النساء اليهود والكاثوليك والبروتستانت “تفضلنّ العبودية” أيضًا؟ بطريقة متغطرسة تدّعي روسينول أنَّ هذه المحلات التجارية الشهيرة التي تبيع ملابس المرأة المسلمة خطيرة.
وتقول: “نفس تلك العلامات التجارية، التي تبيع الملابس الإسلامية، تعطي صورة للمرأة تشكّل خطرًا على حقوق وحرية المرأة المسلمة في فرنسا.”
الوزيرة التي أثارت الكثير من الغضب والسخط، تزعم أنَّ الحجاب “يشجع على إخفاء جسد المرأة “.
في حين كانت الوزيرة قلقة بشأن المرأة الفرنسية المسلمة التي تختار بحرية ارتداء الزي الإسلامي، من اللافت للنظر أننا لا نسمع موقفًا حاسمًا إزاء استغلال جسد المرأة في الحملات الإعلانية على سبيل المثال.
تستغل صناعة الإعلان الحديثة جسد المرأة كأداة للتسويق، وتعرض الإعلانات المتطورة أجساد شبه عارية من أجل بيع منتج مثل سيارة باهظة الثمن، أو ساعة فاخرة، أو عطور أو جهاز إلكتروني على سبيل المثال لا الحصر.
إنَّ الإعلانات التي تصوّر المرأة بالبكيني هي في الواقع تبيع منتجين لا منتج واحد، الأول هو السلعة، والثاني هو الجسد العاري للمرأة كجزء من ثقافة الاستهلاك.
أو ربما يجب أن تدلي وزيرة حقوق المرأة بدلوها حول “الاعتداء الجنسي المقزز” من الجنود الفرنسيين التابعين للأمم المتحدة للنساء في جمهورية أفريقيا الوسطى.
في يوم الجمعة 1 أبريل عام 2016، ذكرت قناة الجزيرة أنَّ “قوات حفظ السلام الفرنسية التابعة للأمم المتحدة متهمة بارتكاب انتهاكات جنسية مروّعة في هذه الدولة الأفريقية المضطربة، بما في ذلك الوحشية والبربرية تجاه الأطفال”.
كما ذكر تقرير صادر عن مجموعة مناصرة لحقوق الإنسان أنَّ ثلاث فتيات في جمهورية أفريقيا الوسطى أخبرنّ مسؤولي الأمم المتحدة أنّه تمّ تقييدهنّ وإجبارهنّ على ممارسة الجنس مع كلب من قِبل قائد عسكري فرنسي في عام 2014″.
وعلاوة على ذلك، نود أن نرى موقفًا حاسمًا من الوزيرة بشأن كيفية عرض أجساد النساء بشكل مقزز واستغلالهنّ في عشرات المجلات الجنسية التي تُباع في جميع أنحاء فرنسا، والتي أصبحت مُتاحة للشباب والأطفال.
ونود أيضًا أن نسمع صوت الحكمة من الوزيرة إزاء استغلال أجساد النساء كموضوع جنسي في صناعة السينما.
في فرنسا، وكذلك أجزاء أخرى كثيرة من العالم، عشرات من القنوات التلفزيونية للبالغين يمكن الوصول إليها من قِبل الأطفال والشباب. وهناك مئات الأفلام الجنسية المروّعة في الطريقة التي تقدّم بها الممارسة الجنسية العنيفة ضد المرأة، والتي هي بالتأكيد ليست صحية على معنويات والنمو النفسي للأطفال والشباب.
من خلال الإدلاء بتصريحات نارية ضد النساء، تهدف الوزيرة الفرنسية، روسينول، إلى إقصاء المسلمين الفرنسيين. وهذا يؤدي إلى اتساع الفجوة بين المجتمعات ويعزز خطاب “نحن” و “هم”.
يذكّرنا هذا النقاش بعصر الاستعمار ومنطقة ما بعد الاستعمار التي شرعنت سبب وجودها في المستعمرات على أساس “نحن” المتحضرون و “هم” المختلفون، “نحن” الأسياد، و “هم” العبيد”.
وبحسب التقرير الّذي ترجمه موقع “إيوان 24” فإنّ الحملات الإعلامية ضد المسلمين في أوروبا هي التي تؤدي بالفعل إلى توتر الأجواء وزيادة الذعر يؤدي بدوره إلى ازدهار الجماعات اليمينية المتطرفة. في يوم السبت 2 أبريل عام 2016 قرر ناشط يميني متطرف مطاردة امرأة مسلمة بسيارة في حي مولينبيك بمدينة بروكسل. ومن المتوقع أن تتزايد هذه الأفعال التي تدفعها الكراهية بسبب الأجواء المتوترة والمضطربة.
فهل يأخذ صنَّاع السياسات تدابير استباقية لردع تصاعد الإسلاموفوبيا في أوروبا؟
هاي قحبة