(خاص – وطن – شمس الدين النقاز) على الرغم من التحذيرات التي أطلقتها وزارة الداخلية المصرية وعدد كبير من النواب البرلمانيين وعديد الشخصيات السياسيّة ووسائل الإعلام المحليّة بعدم التظاهر الجمعة، خرجت مظاهرات كبيرة في أنحاء متفرّقة من المحافظات المصريّة.
وكان رواد موقع التدوين المصغر “تويتر” قد دشّنوا هاشتاغ بعنوان “جمعة الأرض” احتجاجًا على ضم جزيرتي “تيران وصنافير” للمملكة العربية السعودية، وتفاعل عدد كبير من النشطاء مع الهاشتاغ، حيث حصل على المركز الثالت ضمن قائمة “تويتر” للهاشتاغات الأكثر تداولاً في العالم بحوالي 200 ألف تغريدة.
وقبل ساعات من انطلاق المظاهرات المرتقبة تحت شعار “الأرض هي العرض” رفضا لما وصف بأنه “تنازل” مصري عن جزيرتي “تيران وصنافير” للمملكة العربية السعودية، شهد عدد من الميادين والمناطق الرئيسية تشديدات أمنية مكثفة، الجمعة.
وكثفت قوات الأمن المركزي، من انتشارها على مداخل و مخارج ميدان التحرير بالقاهرة، مع تشديد الإجراءات الأمنية، لمنع التجمعات من قبل المواطنين ووصولهم إلى الميدان، وقامت قوات التأمين بالتحرير بالتفتيش الذاتي للمارة من المواطنين بالميدان.
تحرّكات في القاهرة تنتهي بالتظاهر أمام نقابة الصحفيين
ورغم الإجراءات الأمنيّة الكبيرة في القاهرة، خرجت مظاهرة، في أحد شوارع منطقة المرج، شرقي العاصمة، شارك فيها عدد من المعارضين لـ”التنازل” عن الجزيرتين، رافعين شعار “الأرض هي العرض” وسط مشاركات عدد من المواطنين وبعض الحركات الثورية على رأسها 6 إبريل والإشتراكيين الثوريين كما أعلنت جماعة الإخوان مشاركتها في التظاهرات.
وتحت عنوان ” الشرطة المصرية تطوق القاهرة لمنع احتجاجات تيران وصنافير،” ذكر موقع “ميدل إيست آي” البريطاني في سياق تقرير الجمعة، أن وزارة الداخلية المصرية كثفت من تدابيرها الأمنية حول العاصمة المصرية لمنع ما وصفته بـ ” اندساس الجماعة الإرهابية”- في إشارة إلى جماعة الإخوان المسلمين المحظورة والتي تقول إنها من دعت إلى تظاهرات اليوم.
وأوضح التقرير أنه وبالرغم من أن السلطات قد اتهمت جماعة الإخوان بتنظيم الاحتجاجات ” المغرضة”- والتي من شأنها أن تمثل خرقا لقانون التظاهر- سارعت العديد من التيارات والقوى وشخصيات سياسية إلى الدعوة إلى التظاهر، من بينها حركة السادس من أبريل وأحزاب سياسية أخرى والمرشح الرئاسي السابق اليساري حمدين صباحي.
وبالرغم من الإجراءات الأمنية الصارمة، انطلقت مسيرات احتجاجية من 30 مسجدا في أنحاء البلاد بعد صلاة الجمعة، للتعبير عن الغضب من إعلان الحكومة نقل تبعية ” تيران وصنافير” الواقعتين في البحر الأحمر عند مدخل خليج العقبة إلى السعودية.
وذكر ناشطون أن قوات الشرطة أطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع بل وأطلقت الذخيرة الحية في الهواء لتفريق المسيرات التي تجمعت وسط القاهرة.
وأظهرت صور حية نشرها ناشطون تجمعا لمئات من الناشطين أمام نقابة الصحفيين في مصر وهم يرددون هتافات مناهضة للحكومة، كما نشرت “حركة السادس من أبريل”، اليوم، صورة يقولون إنها لمتظاهرين وهم يركضون من الغاز المسيل للدموع أثناء مسيرة انطلقت من حي المهندسين في القاهرة في أعقاب صلاة الجمعة، كانت في طريقها للإنضمام إلى مسيرة أكبر في ميدان التحرير.
ومن أمام نقابة الصحفيين، احتشد مئات المتظاهرين المنددين بقرار إعلان الحكومة المصرية أنَّ جزيرتي “تيران وصنافير” سعوديتان، عقب صلاه الجمعة، رافعين لافتات مناهضة للقرار مطالبين الرئيس عبد الفتاح السيسي بالتراجع عن هذا الأمر، مردّدين هتافات “عواد باع أرضه.. يأبو دبوره ونسر وكاب إنت اللي صنعت الإرهاب.. مصر يا تكية باعوكي شوية حرامية” كما ردد المحتجون هتافات: ” مش هنبيع مش هنوافق على التوقيع – خيانة – أيد واحدة”، ورفعوا لافتات تحمل: “قرار الشعب – تيران وصنافير مصرية”.
وانضمَّ أعضاء حركة 6 أبريل إلى عشرات المتظاهرين أمام نقابة الصحفيين؛ للمطالبة بالتراجع عن القرار فيما انتشرت قوات الشرطة مدعومة بسيارات فض الشغب والتدخل السريع، بمحيط النقابة للتدخل حال اندلاع أي أعمال شغب أو عنف.
وأغلقت قوات الأمن شارع نقابة الصحفيين المتفرع من شارع رمسيس، حيث فرضت جدار أمني من الجنود لإغلاق الشارع لمنع دخول متظاهرين جدد، فيما لا يزال الشارع مفتوحًا من جهة نادي القضاة.
واستباقا لأيّ طارئ يمكن أن يحدث جرّاء فضّ المظاهرات بالقوّة، أطلق مركز “النديم” لحقوق الإنسان ثلاثة أرقام طوارئ للتواصل.
وكانت وزارة الداخلية أصدرت الخميس بيانًا، أعربت فيه عن تقديرها واحترامها الكامل لحقوق المواطنين في حرية التعبير عن الرأي، مشيرةً إلى توافر معلومات مؤكدة لدى الأجهزة الأمنية بإطلاق جماعة الإخوان دعوات تحريضية منظمة وتوزيع نشرات تدعو لتنظيم مسيرات تستهدف إثارة الفوضى ببعض الشوارع والميادين، واستثمارها في خلق حالة من الصدام بين المواطنين وأجهزة الأمن، حسبما جاء في البيان.
عبد الفتاح السيسي “يحفر قبره بيديه”
وفي تعليقه على دعوات التظاهر، أكّد الكاتب البريطاني “ديفيد هيرست” إن عبد الفتاح السيسي “يحفر قبره بيديه” مؤخرا، وذلك عبر تنازله عن الجزر للمملكة العربية السعودية، ومقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني على يد قوات الأمنية المصرية، مما لطخ سمعة السيسي، داخليا وخارجيا.
وقال “هيرست”، رئيس تحرير موقع “ميدل إيست آي” البريطاني، في مقال له الجمعة، إن “السيسي يحرق الشمعة من طرفيها، فبعد أن أضرم النار بدربه قمعا واضطهادا لأكبر حزب سياسي في مصر جماعة الإخوان المسلمين؛ ثم الأحزاب الأخرى بما فيها الليبرالية والعلمانية التي دعمته في انقلابه ضد مرسي، ذهب السيسي هذا الأسبوع ليضرم النار بمصدر شرعيته الوحيد المتبقي لديه: المجتمع الدولي”.
وفي الوقت الّذي تدور فيه المظاهرات في أنحاء متفرّقة من مصر، نشرت الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية صورا لتفقّد الرئيس عبد الفتاح السيسى مشروع “هضبة الجلالة البحرية” بالقرب من منطقة العين السخنة والزعفرانة، بصحبة عدد من شباب البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة وشباب الجامعات والصحفيين والإعلاميين.
وفي ظل سخونة الأحداث، غابت القنوات الفضائية الخاصة، والتليفزيون المصري، عن ما يجري في الشارع، وتجاهلت تغطية المشهد والأحداث، مكتفية بشريط أخبار يؤكد أن الأوضاع الأمنية مستقرة، ولا يوجد غاز أو تجمعات.
كذلك أثار الغياب المتعمد لقنوات “الجزيرة” عن تغطية فعاليات جمعة الأرض تساؤلات الشارع المصري و ذلك بسبب ما اعتبره الناشطون الغياب غير المبرر.
وفي سياق متّصل بالغائبين الحاضرين، وجه مشايخ الدعوة السلفية، وقياداتها خطبة الجمعة في مصر لتحريم الإعتصامات والتظاهرات ضد الرئيس عبد الفتاح السيسي.
المظاهرات حرام شرعا!
وأوضحت مصادر بلجنة الخطابة بالدعوة السلفية، أن الشيخ سعيد محمود، مسؤول الخطباء، دعا لضرورة شمول الخطبة على التعاون على البر والتقوى وضرورة مساندة الدولة، والدعوة لنصرتها.
كما نفى الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، ما تردد في بعض وسائل الإعلام حول دعمه للمشاركة في التظاهرات المتعلقة برفض اتفاقية جزيرتي “تيران وصنافير”، مؤكداً أن ما نشر على لسانه كذب رخيص.
وقال “برهامي” في بيان له، إن الدعوة للتظاهر لها خلفية سياسية أكثر بكثير من كونها وطنية.
من جانبه، صرّح الشيخ أحمد الخطيب، أحد مشايخ السلفية بطنطا قائلا “نرفض الخروج للتظاهر، فهو حرام شرعاً، فالقاعدة الشرعية تقول إن منهج الإسلام تجاه التظاهر على الحكام أمر محرم بكافة أنواعه حتى لو أطلقوا عليه حرية تعبير عن الرأي، فكلها أمور محرمة في الإسلام، فأجمع أئمة الإسلام على ذلك، ودونوه في كتب العقيدة.”
وأفتى الدكتور محمود عبد الرزاق الرضواني، الداعية السلفي، بحرمة التظاهر، قائلاً “المظاهرات محرمة، لأنها تعتبر خروجاً على الحاكم، فمن سيخرج يعنى إفساد فى الأرض، ويجب التصدي لهم وبشدة، فكل من يشترك في التظاهر يجب معاقبته، والتصدي لأعمال العنف.”
يذكر أنّ عددا من المشاركين في تظاهرات “جمعة الأرض هي العرض” كانوا قد بدؤوا بالإنسحاب من أمام نقابة الصحفيين بوسط القاهرة مساء الجمعة فيما رفض متظاهرون آخرون الإنسحاب وأكملوا تظاهرهم، مردِّدين هتافات ضد النظام، منها”عواد باع أرضك”، و”إحنا أصحاب الأرض”، والشعب يريد إسقاط النظام”.