رسائل #جمعة_الأرض .. الشارع للمصريّين والحُكم للمدنيّين لا للعسكريين
![](https://www.watanserb.com/wp-content/uploads/2024/09/watan-no-image.png)
(خاص – وطن – شمس الدين النقاز) خرج آلاف المصريّين في “جمعة الأرض” متحدّين الخوف والبطش الّذي أعدّته لهم الأجهزة الأمنيّة المصريّة، وذلك للإعلان بصوت عالٍ أنّهم يرفضون تنازل بلادهم عن جزيرتي تيران وصنافير لصالح المملكة العربيّة السعوديّة.
مظاهرات عديدة شهدتها مختلفا المحافظات المصريّة كان أبرزها الوقفة أمام نقابة الصحفيين المصريين في العاصمة القاهرة والّتي هتف فيها المتظاهرون مطالبين بعدم تفويت بلادهم في الجزر وصولا إلى المطالبة بإسقاط النظام وما أسموه بحكم العسكر.
ردود الأفعال الّتي أعقبت مظاهرات الجمعة 15 أبريل والّتي وعد منظّموها بتكرارها في 25 من الشهر نفسه حملت رسائل عديدة وفق ما صرّح بذلك الخبراء والمختصّون أبرزها أنّ الشارع المصري لازال بإمكانه التحرّك والإحتجاج رغم التهديدات الّتي تطلقها الحكومة.
“ثورة ثالثة جديدة”
وفي هذا السياق، قال الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إنَّ مظاهرات “جمعة الأرض هي العرض”، الرافضة لاتفاقية إعادة ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، والتي بموجبها إعلان تبعية جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، وضعت النظام فيما أسماه “مأزق شديد الخطورة وتنذر بثورة جديدة”.
وأضاف، في تصريحاتٍ إعلاميّة السبت أنّ “اتفاقية إعادة ترسيم الحدود فيما يتعلق بالجزيرتين ابتعدت عن روح ثورتى يناير ويونيو.. ومؤسسة الرئاسة مطالبة بضرورة تشخيص الحالة الحقيقية التي تعيشها البلاد في الفترة الأخيرة, وأن يتم الإفراج عن جميع الشباب الذين تمَّ إلقاء القبض عليهم في مظاهرات الجمعة، لا سيَّما أنَّهم مارسوا حقهم القانوني والدستوري في التظاهر ورفض الإتفاقية”.
وحذَّر نافعة قائلاً: “استمرار الأوضاع وتجاهل رغبات قطاع عريض من فئات المجتمع برفض سعودة الجزر سيجعل البلاد تدخل في ثورة ثالثة, وبخاصةً أنَّ المجتمع يقف على باب الثورة الثالثة، وعلى النظام أن يستفد من تجربة الماضي”.
وفي سياق تعليقها على أحداث “جمعة الأرض”، قالت النائبة في البرلمان المصري نادية هنري، إن تظاهرات “جمعة الأرض”، تعتبر إنذارا وبداية فقدان جزء من الشعب للثقة في البرلمان، مشيرة إلى أنه في كل دول العالم البرلمان هو صوت الشعب وعندما يفقد المواطن الأمل في البرلمان يفكر في اللجوء إلى الشارع.
وأضافت “هنري”، في مداخلة هاتفية لبرنامج “عين على البرلمان”، عبر شاشة “الحياة 2″، السبت، أن اتفاقية ترسيم الحدود مع السعودية لم تتحول بعد إلى مجلس النواب وبدأ فقدان الثقة فيه، مطالبة الدولة بالتوضيح وبشكل رسمي آليات العمل والخطوات التي اتبعتها في تلك الاتفاقية منذ البداية.
وعن رأيها في آلية التظاهر، أكدت النائبة البرلمانيّة أن التظاهر أمر محمود والتعبير عن الرأي أمر جيد ومكفول للجميع، متابعة “أنا مع التظاهرات مادامت سلمية، وعلى الأجهزة الأمنية التعاون مع الشعب وتسهيل التظاهر له مدام هو يعبر عن رأيه بسلمية.”
من جانبه دعا المهندس هيثم الحريري، البرلمان المصري، المواطنين إلى مواصلة الضغط الشعبي على البرلمان والحكومة، لحين الفصل في قضية ترسيم الحدود مع المملكة العربية السعودية وملكية جزيرتي تيران وصنافير.
وقال “الحريري”، عبر صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، السبت، إن “المواطن المصري هو ضهرنا وسندنا، القضية النهارده قضية وطنية بأمتياز، باختلاف توجهاتنا وانتمائتنا سواء كنت مؤيد للنظام الحالي أو معارض ليه”.
وأضاف: “نحن جميعا يجب أن نكون في خندق واحد ندافع عن كل شبر فى مصر، لازم الناس في الشارع وعلى القهوة وفي الترام تعرف إن تيران وصنافير مصريتان إلى أن يثبت العكس، أكيد طبعا مش هنحب نكون مغتصبين لأرض مش متابعتنا ده لو ثبتت إنها مش بتاعتنا”.
وأكد أنه لا يمكن التنازل عن شبر واحد من الأرض المصرية بدون يقين كامل، وبدون استنفاذ كافة الطرق الممكنة للحفاظ على الأرض بالدستور والقانون والتحكيم الدولي والاستفتاء.
وعن التظاهر خلال جمعة الأرض هي العرض، قال إن “التظاهر السلمي حق مشروع، لكن من المهم أن يسبقه خلق حالة من الوعي الشعبي بأهمية القضية بعيدا عن الموقف الشخصي من النظام”.
وأشار إلى أن الضغط الشعبي هو الطريق الوحيد للحفاظ على حقوق الشعب في جميع القضايا، المتمثلة في العيش والحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية والاستقلال الوطني.
وتابع: “أنا بعترف إن البرلمان الحالي لا يمثل إرادة الشعب المصري بشكل حقيقي لذا ضروري جدا الضغط الشعبي مثل ما حدث في قانون الخدمة المدنية.. هناك قضايا لا يمكن أن نتركها تمر مرور الكرام لأن هناك أخطاء إذا حدثت قد يكون من الصعب أو المستحيل تصحيحها.. هذا ليس قانون أو دستور يمكن إعادة تشريعه أو إعادة كتابته.. دي أرضك وعرضك وحق ولادك”.
كسر حاجز الخوف والقمع
من جهة أخرى أعلن عدد من الأحزاب المصريّة عن أنّ مظاهرات الجمعة كانت استكمالا لمسار ثورة 25 يونيو وأنّه بوادر لوعي شعبيّ جديد داعين في الوقت نفسه إلى مواصلة التحرّك يوم 25 أبريل القادم، حيث أعلنت حركة الاشتراكيين الثوريين، أن يوم 25 إبريل، هو استكمال لتظاهرات جمعة “الأرض والعرض”؛ احتجاجًا على تنازل عبد الفتاح السيسي عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، دون وجه حق.
وقالت الحركة -في بيان لها- إن آلاف المتظاهرين الذين خرجوا بالأمس، وتجاوزت شعاراتهم قضية الجزيرتين، إلى المطالبة بالحرية والعدالة والإفراج عن المعتقلين، إلى رحيل السيسي وإسقاط حكم العسكر.
وأشارت الحركة إلى أن قوات الأمن تعاملت بهمجية مع المتظاهرين، بالخرطوش وقنابل الغاز، واعتقلت العشرات من المتظاهرين في القاهرة وفي الإسكندرية والدقهلية والسويس والإسماعيلية والبحيرة وغيرها، مؤكدة أن المطلب الأول هو الإفراج الفوري عن هؤلاء المعتقلين، وعن كل المعتقلين في سجون العسكر.
وأضاف البيان “لأول مرة منذ عامين يكسر الآلاف حاجز الخوف والقمع ومصادرة النظام للشارع وللمجال العام، منذ الانقلاب العسكري في صيف 2013 وما تلاه من مجازر وجرائم في حق الشعب المصري وحريته”.
من جهته، نشر حزب الحرية والعدالة الذي يعتبر الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، تقريرا زعم فيه تحقيق مكاسب في جمعة “الأرض هي العرض” والتظاهر على خلفية ما وصفه بـ”التنازل” عن جزيرتي تيران وصنافير إلى المملكة العربية السعودية.
وذكر التقرير أن من أول المكاسب “إنهاء ثنائية العسكر والإخوان، فالحركة الإسلامية تناضل منذ انقلاب 3 يوليو 2013 من أجل استرداد المسار الديمقراطي الذي أجهضه السيسي في ظل دعم معظم القوى الليبرالية واليسارية، وبرر بعضها جرائم الانقلاب الرهيبة بحق الإسلاميين، وعلى رأسهم الإخوان المسلمون، ولكن يحسب للحركة الإسلامية أنها حافظت على الزخم الثوري رغم التضحيات الجسام التي لا يمكن إنكارها.”
وأضاف التقرير أن المكسب الثاني هو “الشارع يستعيد شرعيته وهيبته، ويرى الكاتب الصحفي جمال سلطان أن من أهم مكاسب الجمعة هو استرداد الشارع شرعتيه وهيبته.. و كسر حاجز الخوف، إلى جانب أن يناير ما زالت حية نابضة.”
وختم التقرير أن المكسب الخامس يتمثل بـ” فشل مؤسسات الانقلاب، حيث أن الملاحظة الثانية التي تكشف عنها المظاهرات الجديدة فتتمثل في أن كل الهياكل المؤسسية التي تم بناؤها منذ 3 يوليو 2013 وحتى الآن، من حكومة وبرلمان ومنظومة تشريعية، فشلت فشلا ذريعا في ملأ الفراغ السياسي،” بحسب ما نقله التقرير عن الكاتب سلطان.
وفيما يتعلّق بقانونيّة المظاهرات من عدمها، اعتبر الباحث المصري، عاطف بطرس، المقيم في ألمانيا، أن تظاهرات جمعة “الأرض هي العرض” التي انطلقت الجمعة للاحتجاج على قرار التنازل عن جزيرتي “تيران وصنافير” إلى المملكة العربية السعودية، تحدٍ لقانون التظاهر.
وقال بطرس في تغريدة له على موقع التدوينات المصغر”تويتر” “بعيدًا عن إشكاليات “الأرض” و”العرض” و”الدم” و”عواد” وأم الجنرال وخالته، فيه كتلة صلبة في المجتمع المصري قدرت تتحدى قانون منع التظاهر الباطل وتسقطه وقدرت تكسب المعركة الأهم على المجال العام اللي الدولة بتحاول تحتكره، عشان كده امبارح كان يوم مهم”.
ويلزم قانون التظاهر في مصر منظّمي المظاهرات بإبلاغ السلطات قبل ثلاثة أيام على الأقل من موعدها، ولوزير الداخلية أن يقرر منع المظاهرة؛ إذا كانت تشكل “تهديداً للأمن”، وحتى الآن لم تعلن وزارة الداخلية أن أياً من القوى الداعية للمظاهرات أخبرتها بذلك.
جدير بالذكر أنّ (هاشتاغ) “#جمعة_الأرض” كان قد احتلّ المرتبة الأولى عدة ساعات، عالمياً ومصرياً، من حيث نسبة المشاركة في وقت محدد على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” للهاشتاغات الأكثر تفاعلاً الجمعة، ودوّن فيه المغرّدون أكثر من 200 ألف تغريدة.