لماذا كل هذا الانزعاج من صحيفة “وطن – يغرد خارج السرب”

هكذا أثبت النظام المصري بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي بشكل قاطع أنّه عدوّ لوسائل الإعلام الّتي تخالفه الرأي والمتمرّدة على السائد والفاضحة لكلّ انتهاك صارخ لحقوق الإنسان رأته أو سمعته أو واطلعت على بيان يتحدّث عنه.

تحذير صادر عن مجلس الوزراء المصري لكلّ الجهات الرسمية في الدولة بعدم التعامل مع مجموعة من الصحف والمواقع لأنها تحرّض على “الإرهاب” ومعادية للدولة المصريّة الّتي لا نعلم ماذا بقي منها، بعد أن دمّر رئيسها سيناء وهجّر سكانها من أجل عيون إسرائيل، وتنازل عن جزيرتين قيل إنهما مصريتان لصالح المملكة العربية السعودية.

في هذه العجالة لسنا بصدد التحدث عن جزيرتي “تيران وصنافير” وعن أحقّيّة كل من مصر أو السعوديّة في امتلاكها والسيطرة عليها، وإنما نحن بصدد التعليق على البيان الهزيل الّذي أراد منه مجلس الوزراء المصري محاربة وسيلة إعلاميّة يعلم تمام العلم كلّ من يقرؤها في الولايات المتحدة الأمريكية أو في نسختها الإلكترونية في كل أنحاء العالم، أنها بعيدة كل البعد عن تهمة الإرهاب أو أنها إخوانيّة تابعة للتنظيم العالمي للإخوان المسلمين مثلما يقول جهاز المخابرات الإماراتيّ الّذي لا نستغرب أن له يد في صياغة هذا البيان السرّي.

“وطن يغرّد خارج السرب” منذ أن بدأت بالصدور في الولايات المتحدة عام 1991 اختارت التغريد خارج سرب الطغاة والوشاة وهو ما سبّب لها متاعب ومصاعب جمّة لا يعلم حجمها إلا الله ثم مسؤولوها والعاملون فيها، بل تعلم الدول الّتي اختارت حجب موقعها والتضييق على المتعاملين معها في أمريكا وفي عالمنا العربي، أنّ إمكانياتها المتواضعة جدّا لا تكاد تضاهي مكتبا محلّيّا لأيّة وسيلة إعلاميّة مصريّة أو إماراتيّة أو سعوديّة بل لا تكادي تضاهي إمبراطوريات إعلاميّة دوليّة على غرار صحيفتي الشرق الأوسط والحياة اللندنيّة مع احترامنا لهاتين المؤسستين العريقتين.

إنّه لمن الفخر أن تصنّف “وطن يغرّد خارج السرب” في صفّ المغضوب عليهم لدى الحكومة المصريّة الّتي لم ترقب في طالب إيطاليّ اختار الوضع العمّالي في مصر كموضوع لرسالة الدكتوراه، إلّا ولا ذمّة، بل قتلته شرّ قتلة بعد أن عذّبته شرّ تعذيب ونكّلت به أشدّ تنكيل.

نعم لقد اختارت “وطن يغرّد خارج السرب” أن تكون مع إرادة الشعوب العربيّة بدون استثناء، ومن خبر تغطيتها أثناء أحداث الثورات العربيّة سيتأكد من ذلك ولعلّ أرشيفها المتاح لكلّ القراء أبرز دليل على ذلك، حيث كانت ولازالت منذ نشأتها ملاذا للمعارضين الباحثين عن مساحة لإيصال رسائلهم علمانيين كانوا أم إسلاميين.

نعلم تمام العلم أنّ تقاريرنا وأخبارنا ومقالاتنا الأخيرة أوجعت الحكومة المصريّة ودفعتها لصياغة هذا البيان والتعميم، بل إنّنا متأكّدون أنّ تصنيفنا في خانة المخفيّين في الوثيقة الّتي احتوت أكثر من وسيلة إعلاميّة على غرار الجزيرة نت والعربي الجديد والعرب القطريّة وشبكة رصد وصحيفة المصريون وغيرها، لم يكن صدفة وإنّما كان خوفا من وضع مكان تواجدنا الولايات المتحدة الأمريكية الّتي يعلم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وزمرته أنّها لن تنتظر أن يتّهمنا هو أو غيره بالإرهاب حتّى تتّخذ الإجراءات اللازمة.

كان من الأجدر بمن قام بصياغة هذا البيان واتخاذ هذا القرار أن يضيف صحيفتي “نيويورك تايمز وواشنطن بوست الأمريكيتين” ومجلّة فورين بوليسي وكبريات الصحف البريطانيّة على غرار الغارديان والإندبندنت والتايمز وغيرها بالإضافة إلى وكالات الأنباء العالميّة وفي مقدّمتها وكالتي رويترز وآسوشييتد برس إلى هذه القائمة، لأنّ وسائل الإعلام المذكورة لم تتوان في كشف الحقائق الخفيّة عن مصر وفضح انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة داخلها، حيث أنّ النظام الحالي لم يفرّق بين إسلاميّ وعلمانيّ خلال حفلات التعذيب الجماعيّة بالسجون المصريّة وداخل مراكز الإيقاف.

بعض الصحفيين والإعلاميين المصريين برّروا تصنيف “وطن يغرّد خارج السرب” في قائمة المغضوب عليهم بل وشنّوا عليها حربا لا هوادة فيها، فهذا يتّهمها بالإخوانيّة والإرهابيّة، والآخر يؤكّد أنّها معادية للدولة المصريّة ويستشهد بجملة من التقارير المنشورة على صفحاتها لتبرير ما ذهب إليه، في حين كان من الأجدر به أن يطْلع المتابعين عن فحوى تقاريرنا الّتي نتحدّى أيّا كان أن يثبت أنّها غير مهنيّة أو أنّها غير موضوعيّة.

شعار “وطن يغرّد خارج السرب” كان ولازال منذ نشأتها “لاسعة لاذعة ناشرة لما لا يجرؤ الآخرون على نشره” وواقعها يؤكّد إلى الآن أنّها ملاذ لكلّ الأفكار والآراء والتوجّهات مهما كان مصدرها بدون استثناء، فكلّ من طرق بابها تفتح له وتكرم وفادته وتقدّم له المساحة اللازمة لإيصال رؤاه وأطروحاته وتوجّهاته.    

أثناء فترة حكم الرئيس المصري السابق حسني مبارك، كان موقع “وطن” محجوبا في مصر لكن ورغم ذلك كان المصريون من بين أكثر الزائرين للموقع وذلك عبر تحدّيهم للحجب عبر “البروكسي”، لهذا كان من الأجدر لمن اختار حجبنا أن يعلم تمام العلم أنّ الحجب سلاح الضعفاء وأن التكنولوجيا لم تترك محجوبا إلا وفتحته.

“وطن يغرّد خارج السرب”، ناصرت كلّ المظلومين الّذين علمت بهم، وأعلنت مساندتها لكلّ الزملاء الصحفيين المعتقلين أو المضطهدين في العالم بدون استثناء، بل كانت ولازالت تسارع في نشر كلّ الأخبار المتعلّقة بهم وبقضاياهم بدون حسابات ضيّقة، كذلك لم تفوّت في أيّ تقرير أممي أو عربيّ أو منظماتي عن حقوق الإنسان طالته يداها أو وصلها إلا ونشرته وصاغت التقارير والأخبار عنه.

“وطن يغرّد خارج” السرب تعد قرّاءها الأعزّاء أنّها لن تحيد عن التغريد خارج سرب المغالطين والمحرّضين، بل ستظلّ رغم الداء والأعداء كالنسر فوق القمّة الشمّاء.

قد يهمك أيضاً

تعليقات

  1. لست ممن يحبون المدح والرياء وكنكم بالفعل من أصدق المواقع وكثير من المواقع تنقل الخبر منكم .وقد اتفق معكم كثيرا وأختلف قليلا ولكني أشهد أنكم تغردون خارج السرب

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

تابعنا

الأحدث