قصص سوريات ناجيات من سجون الأسد.. احداهن شقيقها اعتقلها وأخرى اعتقلت كرهينة
عقد النادي الصحافي السويسري في جنيف (غير حكومي) ندوة تناولت قصص سوريات ناجيات من السجون السورية، أدمعت عيون الحاضرين.
ونظمت الندوة على هامش اجتماعات جنيف للمفاوضات السورية، بمبادرة من “المجموعة الاستشارية النسائية” في الهيئة العليا للمفاوضات التابعة للمعارضة، والتي طالبت على لسان أعضاء فيها بأن يتم “تحييد قضية المعتقلين من المحادثات السياسية، وتشكيل لجان لبحث مصيرهم، ومصير المفقودين”، وأدارتها عضو الهيئة العليا للمفاوضات هند قبوات.
وتحدثت فدوى محمود، زوجة المعتقل عبد العزيز الخير (سياسي معارض)، عن قصتها حيث قالت: “قصتي مثل قصص باقي الأمهات السوريات اللواتي عانين من القمع، ولكن مختلفة قليلا، اعتقلت لناشطين بالحزب الشيوعي، واعتقلني أخي الذي كان مسؤولاً أمنياً في العام 1992، وكانوا أطفالي صغارا، وسجنت أكثر من عام”.
وتابعت: “طلب مني رئيس السجن المدني الذي أودعت فيه بأن لا أذكر أن المسؤول الأمني أخي، وكانت معاناتي مضاعفة، بأن أخي من اعتقلني، وحرمني من أطفالي كل تلك المدة، وفي زيارة لأولادي كانوا خبأوا داخل الملابس التي جلبوها لي رسالة كتبوا فيها (نحبك ومشتاقين لك)”.
وأشارت إلى أن “ابنها ماهر معتقل منذ 3 سنوات مع زوجها، ولتاريخ اليوم لا تعلم شيئا عنهما، فاستمرت معاناتها من أيام الأب حتى الابن (حافظ الأسد وابنه بشار)، وماهر (ابنها) اعتقل بعد زواجه بأشهر فقط، واعتقلت زوجته كذلك لعملها بإغاثة النازحين”.
ونظرا لكونها “مطلوبة” لدى فروع الأمن السورية اضطرت للخروج من سوريا، واصفة أن حالتها ليست استثنائية وإنما حال كثير من السوريات، وقالت إن “المجتمع الدولي إن لم يرأف بوضع الأمهات السوريات، وإن استمر النظام (في الحكم) فربما يعتقل الأحفاد”، على حد تعبيرها.
أما الناشطة عزيزة جلود، فقالت إن “السجن أحقر اختراع في كل مكان وخاصة في سوريا، وعندما تكون معتقلا فأنت تعد ميتا حتى تخرج منه، وما يحدث في السجون السورية لا يمكن أن يتخيله عقل”.
ومضت كاشفة عن قصتها التي حدثت في عهد حافظ الأسد: “اعتقلت رهينة عن زوجي، وعمري كان 20 عاما، وكنت حاملا في الشهر الثاني، ومارسوا علي التعذيب دون رحمة، حتى دخلت في حالة شبه إغماء، وأفرجوا عني بعد 3 أشهر، وهربت إلى زوجي الملاحق، ولكن اعتقلت مرة أخرى، مع طفلي الذي كنت قد ولدته حديثا، ودخل معي السجن حتى صار عمره 4 سنوات”.
وتابعت القول: “بقي معي طفلي لأنه رضيع، ولأن والدتي تهتم بأولادي الآخرين، ساوموني على حريتي بالعمل معهم (النظام)، والقيام بمهمات مثل قتل معارضين في الخارج ولكني رفضت، ولرفضي بقيت 11 عاما في السجن بدون محاكمة، أو توجيه أي تهمة، وبقيت وحيدة في غرفة لعامين ونصف، ولم يبق سجن في سوريا إلا ودخلته قبل أن يفرج عني”.
كما لفتت: “بعد خروجي بقيت محرومة من السفر حتى بداية الثورة آذار 2011، حيث خرجت من السجن الكبير إلى تركيا، وهناك كتبت قصتي ونشرتها عن ظلم الأسد، لذلك أرفض أي اعتقال تعسفي وخاصة عائلة المطلوبين، وأطلب من هيئة التفاوض أن يكون أول مطلب لهم إطلاق سراح المعتقلين، والكشف عن مصير المغيبين، حتى لا تنتظر الأمهات كل يوم رجوع أبنائهن”.
من ناحيتها، قالت نورا الجزاوي نائبة رئيس الائتلاف سابقا، وشاركت في مفاوضات جنيف2: “كنا نسمع عن قصص الاعتقال والإفراج من قبل عائلاتنا ونحن صغار، وأهم معلومة تعلمتها كيف تكتب رسالة لأهلك، أنك قيد الاعتقال”.
وأضافت: “في سوريا عملية الاعتقال لا تتم عبر مذكرة، بل هو اختطاف، اختطفت وغطيت عيوني، وقيدت وأخذت لمكان مجهول، واستقبلت بالضرب، وكان المهم بالنسبة لي أن أعلم أين أنا، وكيف أوصل خبر لأهلي بأني لم أمت، أو لم تختطفني عصابة، بل اعتقلتني عصابة النظام”.
وبينت أيضا: “في أول شهر من الاعتقال كان صعبا إيصال الرسالة لأني كنت في السجن الانفرادي، وبعدها نقلوني معصوبة العينين لمكان آخر، وهناك كان أكثر من 15 سيدة، كان يمكن إيصال رسالة لأحد بمكان وجودك، وعرفت من معتقلين سابقين، بضرورة كتابة الاسم في المعتقل، وإن كان ذلك بالأظافر على جدران المعتقل، لعلّ أحدا من المعتقلين الموجودين يخرج وينقل أنه قرأ الاسم وبالتالي من الممكن أن يصل خبر لأهل المعتقل”.
ولفتت كذلك: “كنت أخاف أن أموت في غرفة لوحدي، وتسليم جثتي لأهلي كما حصل مع معتقلة تدعى زينب الحصن شقيقة أحد الناشطين، وكنت محظوظة بالخروج من المعتقل، وبعد 6 أشهر دخلت أختي الفرع الأمني نفسه الذي كنت فيه، وقرأت الرسالة التي كنت قد كتبتها على الجدار، قبل أن تخرج وتنجو من المأساة”.
والرواية الرابعة كانت من المعتقلة السابقة أليس مفرج، وهي سياسية سورية، وعضو في الهيئة العليا للتفاوض، روت قصة صديقتها الثلاثينية، التي اعتقلت وتهمتها الوحيدة أنها من القلمون (منطقة قرب دمشق على الحدود اللبنانية)، وشقيقة شخص عمل بالإغاثة واستشهد قبل اعتقالها بسنتين.
وأضافت بالقول: “تفاءلنا بجنيف2 بإطلاق سراحنا، وبالفعل أفرج عني في الهدنة المناطقية في برزة البلد (منطقة قرب دمشق)، فيما حوّلت هي (صديقتها) لسجن عدرا (سجن مدني قرب دمشق)، وحُكمت 7 سنين، فزرتها فقالت هل من أمل في جنيف3، اشتقت لأولادي”.
وطالبت مفرج باسم السوريات “المجتمع الدولي، بالوفاء بالتزاماته تجاه المعتقلين، والمختفين قسريا، وذلك من خلال إلزام النظام، بالانصياع للقرارات الأممية الصادرة بهذا الخصوص”.
ولاقت قصص السوريات تعاطفا وتفاعلا من قبل حضور الندوة الذين اغرورقت عيون بعضهم بالدموع جراء تأثرهم بها.
وكانت المعارضة السورية، قد قررت، “تأجيل” مشاركتها في محادثات جنيف الجارية في سويسرا، بسبب ما وصفته بـ”عدم وجود تقدم في المسار الإنساني، وتعرض الهدنة لخروقات، وعدم إحراز تقدم في ملف المعتقلين، وعدم الاستجابة لجوهر القرار الدولي وبيان جنيف بتشكيل هيئة حكم انتقالي”.