مؤشّر حريّة الصحافة: لهذه الأسباب كان التقدّم تونسي والتأخّر خليجيّ والتذيّل سوريّ

By Published On: 23 أبريل، 2016

شارك الموضوع:

“خاص- وطن”- في آخر تقرير لها حول حريّة الصحافة في العالم، كشفت منظمة مراسلون بلا حدود عن الترتيب السنوي الجديد لـ 180 دولة حول العالم بينها الدول العربية.

 

وقال التقرير السنوي لمنظمة مراسلون بلا حدود، الأربعاء، إن العالم العربي “لا يزال منطقة تضييق على حرية الصحافة”، رغم أن التقرير أشار إلى أن تونس “تقدما كبيرا، بفضل انخفاض وتيرة الإنتهاكات والإجراءات العدوانية”.

 

وأضافت المنظمة في تقريرها “لأوّل مرّة تتصدر تونس قائمة الدّول العربيّة في التصنيف العالمي لحرية الصحافة الذي تصدره مراسلون بلا حدود، وبالرّغم من أنّها لاتزال بعيدة عن الدول الأوروبية الرّائدة عالميّا من حيث حرية و استقلالية الصحافة، فإنّ البلاد حقّقت قفزة بـ 30 رتبة في سنة لتحتلّ المركز 96 من بين 180 بلدا.”

 

وأشار التقرير إلى أن تونس حصلت على المرتبة 164 في سنة 2010 قبل سقوط نظام بن علي من ثم 133 في 2012 و 126 في 2015، لتسجل 96 هذا العام 2016 في حرية الصحافة.

 

وبحسب مراقبين وعدد من الإعلاميين التونسيين، فقد جاء هذا التقدّم الكبير بفضل مجهودات الصحفيين الّذين تحدّوا العراقيل والصعاب الّتي وضعتها لهم جهات عديدة في تونس بعد ثورة 14 من يناير، مؤكّدين في ذات الوقت أن حرّيّة الصحافة والقفزة النوعيّة في تصنيف منظمة “مراسلون بلا حدود” هو مجهود ذاتي من قبل الصحفيين والإعلاميين التونسيين، لا سعي حكومي لتحرير قطاع الإعلام وتمكينه من القيام بدوره المطلوب.

 

ورغم أنّ الإعتداءات الأمنية على الصحافيين لازالت مرتفعة في تونس، إلّا أنّ تحرّر قطاع الإعلام من الرقابة الحكوميّة بالإضافة إلى سعي الهياكل المنظمة للقطاع بفرض مبدأ التعديل الذاتي على وسائل الإعلام، ساهم بشكل كبير في تقدّم تونس بثلاثين مرتبة في تصنيف مراسلون بلا حدود.

 

من جهة أخرى حلّت موريتانيا في المركز 48 والأولى عربيّا، إلّا أن مكتب شمال إفريقيا لمنظمة مراسلون بلا حدود قال في بلاغ صحفي الأربعاء إن تونس، التي حلّت في المركز 96، هي من تصدرت قائمة الدول العربية.

 

وبرّرت مراسلون بلا حدود هذا الجدل الحاصل بالقول إنّها مثلها مثل بقية المنظمات الأخرى “تصنّف موريتانيا على أنها دولة إفريقية وليست عربية”، وبكونها، أي موريتانيا “توجد في الفرع الإفريقي للمنظمة وليس في فرع شمال إفريقيا”.

 

مصر تواصل التراجع

وفي السياق ذاته، تراجع تصنيف مصر في التقرير العالمي لحرية الصحافة لتقبع في المركز 159.

 

وقالت المنظمة في تقريرها “إن الصحفيين في مصر يعملون وسط بيئة تتسم بعداء متزايد لمنتقدي حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وفي سياق أمني يطغى عليه التوتر، يجد الصحفيون المصريون أنفسهم أمام نظام يقمع الأصوات الناقدة تحت ذريعة الاستقرار والأمن القومي، ورغم المشهد الإعلامي الذي يشهد رواجا كبيرا، إلا أن وسائل الإعلام في البلاد أصبحت مرآة لمجتمع يئن تحت وطأة الاستقطاب بين مؤيدي السيسي ومعارضيه”.

 

وأوضح تقرير منظمة “مراسلون بلا حدود”، أن الصحافة المصرية تقبع في المركز 159 على جدول التصنيف العالمي لحرية الصحافة، مضيفة أنّ “الصحافة تخضع لسيطرة نظام استبدادي يحكمها بيد من حديد”، وهو ما يعكس تراجع البلاد تدريجيا منذ نهاية عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، حيث كانت تحتل حينها المرتبة 127 “من أصل 173 دولة”، وفي المقابل، كانت مصر قد تقهقرت عامي 2012 و2013، إلى المركز 158 “من أصل 178 دولة”.

 

وأكّدت منظمة “مراسلون بلا حدود” أنّ مصر”تُعد واحدة من أكبر السجون بالنسبة للصحفيين على الصعيد العالمي، حيث لا يزال أكثر من 20 إعلاميا قيد الاعتقال بذرائع زائفة، بحسب تعبيرها، رغم أن السيسي أعرب في مقابلة مع قناة (سي.إن.إن) في سبتمبر الماضي، عن فخره بما يتمتع به الصحفيون من مستوى غير مسبوق من حرية التعبير في بلاده، وهو الذي أصدر قبل المقابلة بأيام قليلة عفوا رئاسيا عن 2 من صحفيي قناة الجزيرة، الذين حُكم عليهم بالسجن لمدة 3 سنوات في محاكمة جديدة خلال شهر أغسطس 2015، حيث اتهموا بدعم الإرهاب ونشر أخبار كاذبة من دون إذن السلطات”.

 

وجاء في التقرير أن “شمال أفريقيا والشرق الأوسط تظل المنطقة حيث يئن الصحافيون تحت وطأة الضغوط بجميع أنواعها وشتى أشكالها”.

 

تراجع حريّة الصحافة حول العالم خلال عام 2015

وأعلنت منظمة “مراسلون بلا حدود” عن تراجع حرية الصحافة على مستوى العالم خلال عام 2015، محذرة من “عهد جديد من البروباغاندا الّتي تتيح فيه التكنولوجيا الجديدة نشرا زهيدا لاتصالاتها ومعلوماتها وفقا لما تمليه. على الجانب الآخر، الصحفيون هم من يعترضون الطريق.”

 

وفي السياق ذاته، احتل المغرب الذي يفتخر بالإصلاحات التي تبناها الملك محمد السادس من خلال دستور 2011 الذي أكد على حرية الصحافة طبقا للفصل 21 الذي ينص على أن “حرية الصحافة مضمونة، ولا يمكن تقييدها بأي شكل من أشكال الرقابة القبلية”، المركز 131 متأخرا عن الجزائر برتبتين، والتي احتلت المركز 129.

 

وقالت المنظمة المستقلّة إنّه يجدر بالذكر أنّ حالة حرية الصحافة في الجزائر (المرتبة 129) و المغرب (المرتبة 131) تبقى غير مستقرة بينما وضعيّة خمسة بلدان في المنطقة خطيرة هذه السنة (البحرين، المملكة العربية السعودية، ليبيا، اليمن و سوريا) وهم متواجدين بأسفل المراتب.

 

وصنف التقرير بلداناً باعتبارها خطيرة في المنطقة، هي العراق بترتيب 158 ثم السعودية بترتيب 165 والبحرين بـ 162 وليبيا 164 واليمن 170.

 

أما سوريا فحافظت على موقعها في أسفل القائمة كأخطر بلد عربي بترتيب 177، تليها تركمانستان وكوريا الشمالية وأريتيريا في المرتبة 180. وكانت العراق وسوريا تصدرتا، بحسب تقرير المنظمة لعام ،2015 قائمة الدول الأكثر خطراً على الإعلاميين بعدما أحصت مقتل 110 صحافيين في العالم، كان بينهم 11 قتلوا في العراق و10 في سوريا.

 

في حين تصدرت سوريا قائمة الدول المجاورة لأعلى عدد صحافيين محتجزين، وصل إلى 54 صحافياً.

 

دول الخليج تحت “وضع صعب”

و صنفت منظمة مراسلون بلا حدود وضع حرية الإعلام في دولة الإمارات تحت “وضع صعب” وذلك ضمن خمس فئات كل فئة بلون تعكس خطورة أو وضع حقوق الإنسان في العالم، وقد جاءت دولة الإمارات باللون الأحمر الذي يرمز إلى “صعب” وفق تصنيف المنظمة وهي الدرجة ما قبل الأخيرة فقط في التصنيف.

 

فدولة الإمارات الـتي تحتل المرتبة 119،ضيقت حرية التعبير وصادرت حق استخدام وسائل التعبير كما اعتقلت وخطفت وأخفت الصحفيين قسريا وحاكمت وسجنت العشرات بسبب استخدام حرية التعبير وحرية الإنترنت.

 

واحتلت مملكة البحرين المركز الـ162 من بين 180 بلدًا في التصنيف العالميّ لحريّة الصحافة لعام 2016، مشيرة إلى أنّ البحرين من بين خمسة بلدان في المنطقة، تم وصف وضعها بالخطير في مجال حريّة الصحافة.

 

وذكرت المنظمة في تقريرها السنويّ أنّ النظام الخليفي الحاكم في البحرين فرض قبضته الأمنيّة علي الصحفيّين والعاملين بالإعلام، حيث تشتهر البحرين بسجن العديد من الصحفيّين، فضلًا عن زيادة الإضطهاد والرقابة التي يتعرّض لها المعارضون منذ عام 2011، كما أُدين العديد من الصحفيّين بالمشاركة في التظاهرات، وتدمير الممتلكات، ودعم الإرهاب، كذلك تعرّضوا للتعذيب في الاحتجاز والبعض حتى تم تجريده من الجنسيّة.

 

واستطاعت سلطنة عمان هي الأخرى أن تحقق تقدما، فجاءت في المركز 125 بدل المركز 127 سنة 2015 بينما تراجعت السعودية بمرتبة واحدة من المركز 164 سنة 2015 إلى المركز 165 سنة 2016 بينما ظلّت سورية قابعة في المرتبة 177 عالميا التي منحها لها التصنيف السنة الماضية.

 

ويوضع جدول الترتيب على أساس استبيان معياري بعشرين لغة مختلفة، وذلك بمشاركة خبراء من جميع أنحاء العالم، بالإضافة إلى التحليل النوعي يؤخذ في الإعتبار إحصاء لعدد أعمال العنف المرتكبة ضد الصحفيين خلال الفترة المدروسة.

 

وشهد مؤشر العام 2016 تراجع في كل أنحاء العالم، خاصة أمريكا اللاتينية، حسبما قال الأمين العام للمنظمة كريستوف ديلور لوكالة فرانس برس للأنباء.

 

ومن بين أكثر الدول تأخرا في الترتيب بالمؤشر العالمي لحرية الصحافة، جاءت سوريا في المركز 177، والصين في المركز 176 وكوريا الشمالية في المركز 179.

 

وتراجعت اليابان إلى المركز 72 بسبب ما تقول المنظمة إنه رقابة ذاتية بشأن رئيس الوزراء شينزو ابي في حين حافظت فنلندا على صدارة الترتيب للعام السادس على التوالي، تليها هولندا والنرويج.

 

يذكر أنّ التصنيف السنوي لمنظمة مراسلون بلا حدود يستند على قياس حالة حرية الصحافة، انطلاقاً من تقييم مدى التعددية واستقلالية وسائل الإعلام ونوعية الإطار القانوني وسلامة الصحفيين في 180 بلداً.

شارك هذا الموضوع

Leave A Comment