“واشنطن بوست”: لماذا تنجح الثورات غير المسلحة في إسقاط بعض الطغاة وتفشل مع آخرين ؟!!

By Published On: 20 مايو، 2016

شارك الموضوع:

تساؤل شغل بال دانيل رايتر، أستاذ مساعد في السياسة والعلاقات الدولية في جامعة نوتنجهام، وزميل زائر في كلية لندن للاقتصاد، والذي قال في تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، إنه على مدى العقود القليلة الماضية، شهد العالم انتشار نوع جديد من الثورة.

 

وأضاف رايتر إن ثمة مسميات أطلقت على هذه الثورات، بما في ذلك الثورات «التفاوضية»، «الديمقراطية»، و«غير العنيفة» أو «غير المسلحة»، كما تتجنب هذه الثورات إلى حد كبير التكتيكات العنيفة، وأصبحت سمة مميزة في السياسة الدولية المعاصرة.

 

رايتر أشار إلى أنه ومنذ الإطاحة بشاه إيران السابق، محمد رضا بهلوي في يناير (كانون الثاني) 1979 نتيجة الاحتجاجات والإضرابات، فقد واجه زعماء وأنظمة مستبدة في الفلبين، وشيلي، وتشيكوسلوفاكيا وألمانيا الشرقية، وإندونيسيا، وصربيا وأوكرانيا وجورجيا وتونس و مصر – على سبيل المثال لا الحصر – واجهوا نهاياتهم السياسية بطريقة مماثلة.

 

وتابع رايتر بقوله: «وعلى الرغم من أن المكاسب طويلة الأجل التي تحققت في أعقاب هذه الثورات غير المسلحة كثيرًا ما خيبت أمل أنصارها، فإن قدرتها على الإطاحة بالحكام المستبدين من خلال استخدام تكتيكات اللاعنف – أحيانًا المشار إليها باسم «المقاومة المدنية» – تشكل لغزًا كبيرًا في العلوم الاجتماعية».

 

وتساءل رايتر قائلًا كيف يمكن أن نفسر أن الأنظمة القوية القمعية للغاية تنهار في أيدي محتجين غير مسلحين لا يملكون سوى القليل من الشعارات؟ ولماذا تفشل بعض الثورات غير المسلحة في الإطاحة بالطغاة، على الرغم من أن هذه الحركات قد تظهر في البداية مماثلة لحركات مماثلة ناجحة؟

 

وأشار إلى ما ذكره في كتابه الأخير من أن التركيز على الخطابات حول الديمقراطية وحقوق الإنسان يمكن أن يساعدنا على فهم لماذا أثبت الشاه في إيران، وزين العابدين بن علي في تونس وحسني مبارك في مصر، أن يكونوا أكثر عرضة للتحديات العنيفة بدرجة أكبر مما فعل محمود أحمدي نجاد في إيران، ومعمر القذافي في ليبيا وبشار الأسد في سوريا.

 

فبما أن حكم القادة في إيران، وتونس ومصر مبني إلى حد ما على علاقات وثيقة مع الغرب – وبشكل أكثر تحديدًا على الفوائد الاقتصادية والسياسية – فقد وجدوا أنفسهم مجبرين على التصرف بطريقة مقبولة على نطاق واسع لرعاتهم الغربيين. وقد فعلوا ذلك من خلال تحويل أنظمتهم إلى «الديمقراطيات الواجهة»، وهذا هو، شكل من أشكال الحكم الذي يحتضن خطابيًا القيم الغربية الليبرالية مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان دون أي نية للالتزام بتطبيقها في الواقع.

 

وذكر راتير أنه طالما كان الشاه، وبن علي ومبارك، يعلنون تأييدهم بشكل علني لحقوق الإنسان أو إجراء انتخابات (ليست عادلة)، فكان بإمكان قادة الغرب أن يغضوا الطرف جزئيًا عما يفعله هؤلاء الطغاة، في حين أن الأمور لم تكن مثالية.

 

فعلى الأقل لم يكن العالم الديمقراطي في تعاون وثيق مع الحكام المستبدين الذين ينتهكون حقوق الإنسان. وبالتالي، فإن السلطويين الثلاثة بنوا وحافظوا على واجهات للديمقراطية من أجل تعزيز صورتهم أمام الرأي العام العالمي، مما سهل الدعم الغربي وسمح لهم بالاستفادة من الرعاية الغربية المتواصلة.

 

ووفقًا لرايتر، فقد جاء هذا الالتزام المنافق للقيم الأساسية للغرب بتكلفة. أدركت فصائل المعارضة في هذه البلدان الثلاثة أن احتضان حكوماتهم للمبادئ يمكن أن ينقلب ضدهم. وفقًا لذلك، سعت منظمات حقوق الإنسان والناشطون المؤيدون للديمقراطية لوضع قادتهم أمام المساءلة، مشيرين إلى التناقضات بين الخطاب والواقع، في كثير من الأحيان بدعم من منظمات حقوق الإنسان في الخارج. ونتيجة لذلك، اضطرت الأنظمة الثلاثة لإعادة التأكيد مرارًا وتكرارًا على التزاماتها بالمبادئ الديمقراطية، مما جعلهم أكثر عرضة للضغوط والانتقادات.

 

ضمن هذا السياق السياسي والخطابي، قال رايتر إن الشاه، وزين العابدين بن علي ومبارك لم يكن بإمكانهم أن يمارسوا نوعًا من القمع الذي قد ينقذ أنظمتهم في الوقت الذي خرجت فيه التظاهرات غير العنيفة إلى الشوارع بأعداد كبيرة مطالبة بالديمقراطية.

 

تردد القادة الثلاثة لكيلا يهدموا الديمقراطيات الشكلية التي كانوا يعتمدون عليها، وسمحوا للحركات أن تنمو بشكل كبير حتى أصبح العنف الحاسم من المستحيل عمليًا. الثلاثة – والداعمون المحليون لهم – عرفوا كيف كانت وسائل الإعلام الغربية ستنقل القمع، وبالتالي، كيف يمكن للقمع أن يجبر قادة الغرب على التصرف. هذا «القفص الحديدي من الليبرالية» أسقط الطغاة في الفخ: عندما طالب عشرات الآلاف من المتظاهرين العزل بالديمقراطية وحقوق الإنسان والحرية والكرامة في البث التلفزيوني المباشر، كان يجب على القادة الغربيين أن يتعاطفوا مع مطالبهم، وعلى مضض، التخلي عن حلفاء مهمين من أجل أن يكونوا على الجانب الصحيح من التاريخ.

 

وأخيرًا، رأى رايتر أنه وبدلًا من أن تكون قوية في جوهرها، فإن تكتيكات اللاعنف فعالة على وجه التحديد بسبب توافقها مع قيم الغرب. في الواقع، فإن ثورة غير مسلحة هي في جوهرها تجسيد للمادتين 19 و 20 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي يعالج الحق في حرية التجمع والرأي وحرية التعبير. أي حكومة استبدادية تدعي حماية هذه القواعد سوف تناضل مع التناقض الذي يأتي من حرمانها مواطنيها على نطاق واسع ممثلين بحركة ثورية غير عنيفة.

 

واختتم بقوله: «على عكس التحدي الثوري العنيف، فإن التوافق بين اللاعنف والديمقراطية أو حقوق الإنسان يجعل الحركات الثورية غير المسلحة تشكل تهديدات وجودية لأي ديكتاتور يحظى بتحالف وثيق ويعتمد على الغرب. ومع ذلك فإن الطغاة الخالين من هذا القيد يمكن – وعلى الأرجح سوف – يستخدمون العنف الذي لا هوادة فيه ضد مواطنيهم، وهو الدرس الذي ظهر بشكل واضح في الأحداث الدموية في ليبيا وسوريا منذ عام 2011.

نقلاً عن “ساسة بوست”

شارك هذا الموضوع

Leave A Comment