(وطن – ياسين جميل) ورد في الرسالة التي تلقتها “روسيا اليوم” من عضو مجلس قيادة الثورة وعضو القيادة القطرية لحزب البعث طاهر توفيق العاني أمران جديران أن يُحاطا بالإجلاء , الأمر الأول هو إتهام صدام حسين للدوري الذي آواه في مزرعته بخيانته وبيعه للأمريكيين الذين اعتقلوه وتعرض على أيديهم للضرب , والأمر الثاني هو بشأن فاروق حجازي الذي وصف في الرسالة بأنه مدير عام في جهاز المخابرات وسفير العراق في تركيا واتهمه الأمريكيون بالعلاقة مع تنظيم القاعدة ومقابلة أسامة بن لادن في أفغانستان, ولنا بشأن هذين الأمرين تفصيل وتوضيح :-
الطريق إلى اعتقال صدام تم بمساعدة شخص ذهب إلى الأمريكيين بعد سقوط بغداد بأيام وأبدى رغبته في الإنتقام من صدام لأنه أعدم شقيقيه وثلاثة من أبناء عمه كانوا جميعاً في الحرس الجمهوري , وعرض هذا الشخص خدماته للقوات الأمريكية ودلَّهم على منزل في بغداد وأخبرهم بأن طريق الوصول إلى صدام يبدأ بمراقبة هذا المنزل , وبعد المراقبة والبحث والتحري وجمع المعلومات التي تقدم بها بعض العراقيين تمكنوا في 17 يوليو 2003 من اعتقال سكرتير صدام ومرافقه الشخصي عبد حمود التكريتي الذي لم يكن يعرف مخبأ صدام إلا أن قوات الإحتلال حصلت منه على معلومة وهي أن صدام كان متوارياً في منزل تابع لديوان رئاسة الجمهورية في حي الشرطة قرب المأمون وغادره إلى مخبأ القسم الإداري لجامع أم الطبول ثم إلى جهة غير معلومة لديه , وبعد التحقيق المُكثف أدلى عبد حمود بمعلومات ساهمت في الوصول إلى دائرة مرافقيه الضيقة في فترة التواري والإختباء , فقد رافق صدام ثلاثة من مرافقيه الشخصيين من غير المعروفين حتى لا يتم التعرف عليهم واعتقالهم , بحث الأمريكيون عن مرافق صدام الوثيق وابن عمه وعضو الحماية الخاصة ومسئول ملف شئون القبائل والعشائر أي رئيس مكتب الأعمال العشائرية روكان رزوقي عبد الغفور المجيد إلا أنهم لم يعثروا عليه إذ أنه قتل مع شقيقه برزان في غارة أمريكية على منزل آل الخربيط في الرمادي.
حصل الأمريكيون على قائمة بأسماء مرافقي صدام الشخصيين قبل سقوط النظام , فبدأوا بالبحث عنهم واعتقلوهم واحداً تلو الآخر وهم على النحو التالي :-
– آزدر محمد الناصري مدير السرية الثانية (الرضوانية) لحماية مقرات الرئيس.
– ثابت نفوس المجيد إبن عم صدام وعقيد في جهاز الأمن الخاص وآمر سرية حماية القصر التابعة للفوج الخامس في جهاز الأمن الخاص.
– جمال عبد الباقي الناصري مشرف الفصيل الخاص لحماية المقرات الداخلية داخل القصر الجمهوري ومقر صدام.
– حبيب ناهي سليمان الحديثي مدير مكتب الحماية.
– ردام عبد صديد مسئول حماية صدام.
– رياض البرع ضابط حماية ومرافق شخصي لصدام.
– صباح مرزا المرافق الأقدم لصدام.
– سعد صالح أحمد الناصري ضابط حماية مرافق لصدام.
– شبيب سليمان المجيد إبن عم صدام ومرافق حماية له.
– طارق المشهداني مسئول حماية صدام.
– ليث عبد الغني الشاوي إبن أخت صدام (آمال الحسن) وضابط في الحماية الخاصة.
– هيثم أحمد عبد الغني الشاوي.
– لهيب ضاري العبد الله مسئول حماية صدام.
– محمد سهيل التكريتي مدير معهد التدريب الأمني التابع لمكتب الحماية.
– ناصر ياسين مسئول حماية صدام.
– سلام عبد القادر المجيد مرافق حماية أمنية للرئيس.
– أحمد عقاب كاظم مسئول شعبة الحماية الخاصة في الحلة منطقة الكهف.
– سرمد الصفار مسئول حراسة صدام.
– غسان زكريا نجم التكريتي معاون مدير معهد التدريب الأمني للحماية.
– عباس فاضل القيسي عضو فرقة ومسئول حماية.
– الرائد أحمد فاضل حسن المجيد مرافق حماية خاصة.
– محمد رجب الحدوشي من أبناء عمومة صدام والمشرف على أمن القصور الرئاسية ورئيس مكتب صدام في صلاح الدين , وهو شقيق عبد الصمد الحدوشي مرافق عُدي وقصي وشقيق عبد الجبار رجب الحدوشي مرافق صدام , وقريب العميد صابر الحدوشي أحد مرافقي صدام أيضاً.
– أسعد ياسين التكريتي من أقارب صدام وشقيق أرشد مرافق صدام وزوج أخته .
– كمال مصطفى الناصري إبن شقيقة علي حسن المجيد.
– فارس الياسين مرافق صدام ومن أعضاء الحماية.
– كمال الدوري من المقربين للقصر.
– عدنان عبد الله عبيد المسلط مرافق شخصي لصدام وعضو حماية خاصة.
هناك من فريق شعبة الحماية الخاصة من لم يتم العثور عليه مثل إياد رشيد النعيمي وحجي حبيب الصالح ومعتز إلياس الحديثي, وتناهى إلى مسامع الإستخبارات الأمريكية بأنهم فروا من العراق بجوازات سفر مزورة, معظم المعتقلين هنا لا يعرفون شيئاً عن مكان صدام غير أن بعضهم قدموا معلومات ساهمت بالإضافة إلى المعلومات التي قدمها عبد حمود التكريتي في الكشف عن اسم مرافق صدام الذي بقي ملازماً له بعد السقوط , إنه العقيد ركن محمد إبراهيم عمر المسلط , واعتقلت القوات الأمريكية أكثر من 40 فرداً من عائلة العقيد لكشف مكانه دون جدوى.
أقرّ الأمريكيون بأنهم حصلوا على المعلومات التي قادتهم إلى العقيد المسلط من طفل عمره 12 عاماً اسمه جاسم محمد رمضان، وتم إعداد كمين للعقيد في منطقة العرصات بالكرادة حيث يوجد مجمع سكني ودور سكنية يمتلك فيها بعض مرافقي صدام شقق أو يزورون فيها ذويهم وأقاربهم، وكان العقيد المسلط في زيارة إلى شقة هناك فوصل إلى قبضة الأمريكيين الذين كانوا يراقبون المنزل فاعتقلوه وفتشوا المنزل فعثروا على صورة شخصية له مع صدام وخطاباً موقعاً من صدام , وبعد التعذيب وإخباره أن عائلته وأقاربه محتجزين إعترف المسلط قائلاً: ( لوذهبتم إلى المزرعة الآن ستجدونه ) فدلَّهم على مزرعة الشيخ نامق جاسم خضر الدوري وكان إبنه قيس هو المستضيف لصدام في المزرعة .
ولما جاء الأمريكيون إلى المزرعة ضربوا قيس ليدلَّهم على مكان صدام وطرحوه على الأرض وأطلق عليه الجنود كلباً بوليسياً ينهش ساقيه , وقيس يزعم أنه ل ايعرف مكان صدام , فجاء الجنود بالعقيد المسلط الذي كان محتجزاً في سيارة على جانب المزرعة وأرشدهم إلى حفرة صدام وعليها قطعة قماش بالية للتمويه وكانت الحفرة تحوي مروحة هواء صغيرة حيث أعتقل فيها صدام بتاريخ 13 ديسمبر 2003, وبعد أيام انتقم مسلحون من العقيد إبراهيم المسلط باغتيال شقيقه خليل إبراهيم المسلط وزوجته وأولاده الأربعة في 19 ديسمبر 2003 , وكان صدام قد اختار العقيد المسلط مرافقاً له في فترة التخفي لأنه إبن خالته وابن عم زوجة صدام ساجدة خير الله طلفاح المسلط , والعقيد المسلط هو الذي كان ينقل التسجيلات الصوتية لصدام ثم يقوم بالإتصال من مكان عام بقناة الجزيرة وتارة بقناة العربية ليُخبرها أنه ترك لها شريطاً في المنطقة الفلانية, غير أن الذي فات صدام ولم يحسب له حساباً هو أن هذا العقيد قد ظهر معه في منطقة الأعظمية قبل سقوط بغداد في الفيلم الذي عرضته الفضائية العراقية ونقلته القنوات الأخرى أيام الحرب وظهر فيه العقيد المسلط يضع نظارة طبية على عينيه
وأكَّد مصدر عسكري من القوات الأمريكية في تكريت أن خمسة أشخاص من القائمة (أعلاه) قدموا معلومات مهّدت طريق الوصول إلى العقيد المسلط ولم يُفصح عن أسماءهم إلا أن أسماءهم لم تعد سراً حسب المصادر ذات الإطلاع وليس من الحكمة ذكرها هنا , وقد ذكر صدام في رسالة مكتوبة عن الذين خانوه وبعثها إلى محاميه الذي نشرها في كتاب اسم حكمت عمر , ولم يتم الإفصاح عن هوية حكمت عمر لا في الرسالة ولا في الكتاب , إلا أنه من المُرجَّح أنه اللواء حكمت عمر الدوري حسب المصادر الموثوقة , وجديرٌ بالذكر أن قيس نامق الدوري لم يكن خائناً كما اعتقد صدام , لأنه إن كان كذلك لما تواجد هو وزوجته وأبناءه في المزرعة أثناء عملية اقتحام القوات الأمريكية , ولفعل كما فعل نواف الزيدان الذي إستضاف عُدي وقصي في منزله بالموصل ثم غادر المنزل ووشى بهما للأمريكيين, لقد كان منزل ومزرعة قيس عُرضة لغارة أمريكية يُقتل فيها هو وعائلته أيضاً وليس صدام وحده , ودليل براءته هو أنه أودع هو وشقيقه علاء نامق الدوري سجن أبو غريب ببغداد وسجن بوكا بالبصرة وذلك بتهمة التستر على مطلوب للولايات المتحدة وخرجا من السجن بعد 6 أشهر.
أما الحديث في رسالة العاني عن تعرض صدام للإعتداء والضرب فهو صحيح , وقد وقع عليه الإعتداء عند إلقاء القبض عليه , وكان بحوزة صدام مسدساً ورشاشاً وخاطبهم بلهجة من يعتقد أنه لا يزال رئيساً , ورغم أن صدام لا يتحدث اللغة الإنجليزية إلا أنه قال جملة باللغة الإنجليزية معناها (أنا صدام حسين رئيس جمهورية العراق وأريد التفاوض) فسخر منه أحد الجنود وأوعز للمترجم الذي قال لصدام بالعربية (بوش يُسلم عليك وأوصانا بالقبض عليك) فقال صدام بالإنجليزية (my shoes) قاصداً إهانة بوش , فبدأ مترجم العراقي اسمه سمير الناصري يسب صدام ويصفه بالقاتل و(عدو الله) فرد عليه صدام (أنا مازلت رئيس لاتحجي ويايه إبهاي الطريقة) فقال المترجم سمير الناصري ( إنت جبان , وين قواتك , ليش ماحاربت قوات التحالف) فقال صدام (شعبي سيقاتل الغُزاة لأجلي فأنا صدام حسين , وأنت خائن وجاسوس وعميل , إنت مو عراقي)
في هذه الأثناء كان الجنود يعبثون بلحية صدام الطويلة ويسخرون منها فبصق صدام على أحد الجنود فاعتدى المترجم سمير بالضرب واللكمات على وجه صدام واشترك معه الجنود بظهور بنادقهم ورشاشاتهم وأقدامهم في ضرب صدام حتى خارت قواه وسال الدم على وجهه وأخذ فمه ينزف ثم سحبوه مترنحاً بين أيديهم وكان يضطر للتوقف منحنياً للتقيؤ قبل أن يصعدوا به إلى مروحية خاصة إلى بغداد
قبل طي هذه الصفحة تجدر الإشارة إلى أن الطفل جاسم محمد رمضان الذي ساعد الأمريكيين في الوصول إلى مرافق صدام العقيد المسلط تطوع للعمل مخبراً لقوات الإحتلال, وفي عام 2004 دلّ الأميركيين على مخبأ والده الذي كان يقود خلية مقاومة واعتقلته قوات الإحتلال في ضاحية الحصيبة في مدينة القائم شمال العراق, وذكر الطفل بأنه وشى بمكان والده إنتقاماً منه لأنه كان يضربه ويضرب والدته بقسوة شديدة , وبعد أن أصبح الطفل في عُهدة القوات الأمريكية انتقم مسلحون بقتل والدته في منزلها بتهمة التستر على خيانة ابنها , وقد ظهر الطفل مع قادة القوات الأمريكية في البرنامج الأمريكي الشهير أوبرا وينفري حيث استضافوه كبطل! , ونقل جاسم للعيش في الولايات المتحدة وحصل على الجنسية الأمريكية , ارتكب المذكور جريمة اغتصاب ضد مواطنة أمريكية في 21 يوليو 2012 ويقضي حالياً عقوبة السجن 28 عاماً بحكم صادر من المحكمة في ولاية كولورادو الأمريكية.
الأمر الثاني في رسالة العاني عن لقاء فاروق حجازي ببن لادن في أفغانستان , نشير هنا إلى أن فاروق حجازي هو من أبرز ضباط المخابرات العراقية السابقة وعمل سفيراً في تركيا وتونس وعمل محاضراً في شعبة الإغتيالات بجهاز المخابرات في سلمان باك , وكان لقاءه بأسامة بن لادن عام 1994 في السودان وليس في أفغانستان إذ كان للمخابرات العراقية محاولة إتصال ببن لادن أسفرت عن إرسال مبعوث إلى السودان هو فاروق حجازي الذي عرض على بن لادن خطة للتعاون معلناً إستعداد القيادة العراقية للعمل معه على إسقاط نظام آل سعود , ولم يسفر اللقاء عن إتفاق لأن بن لادن رفض التعامل وشدد على أنه يرى حزب البعث حزباً كافراً وأن نظام صدام لا يجوز شرعاً التعاون معه , وبعد هذا اللقاء إنتقل فاروق حجازي إلى بيروت في مهمة إغتيال المعارض العراقي طالب السهيل التميمي.