مصالح واشنطن وطهران تجتمع على أشلاء الفلوجة ومصادر تؤكّد أن سليماني يقود العمليات
شارك الموضوع:
تعكس صورة تناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي انشغال مجموعة من كبار قادة المليشيات في العراق، يتزعمهم قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، بخريطة جوية لمدينة الفلوجة، هي من بين الخرائط التي زودت بها أمريكا القوات العراقية، التي بدورها دفعتها إلى سليماني.
مشاركة المليشيات في معركة “تحرير” الفلوجة التي أعلن عن انطلاقها رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، لم تكن داعمة أو مساندة، بل أساسية، بصفة قيادة المعركة، وتولي مهمة التقدم، وإعطاء الأوامر والخطط بالهجمات، التي تخرج جميعها من غرفة القيادة التي يتولى إدارتها قاسم سليماني، وهو ما تأكد من خلال ما تكشّف لـ”الخليج أونلاين” عبر مصادر عسكرية في الجيش العراقي، وما تبثه وسائل الإعلام العراقية التي تؤكد بأن القيادة للمليشيات.
في الجو تقود الولايات المتحدة الأمريكية عمليات عسكرية، منفذة خلالها ضربات مؤثرة، تفتح المجال أمام القوات البرية التي تقودها المليشيات المؤتمرة بأمر سليماني للتقدم نحو المدينة.
ونجحت القوتان البرية والجوية في تحقيق أهدافهما بهدم وحرق الآلاف من البيوت والمساجد، وقتل أعداد كبيرة من السكان؛ من خلال قصف بري وجوي متزامن أحياناً، ومتعاقب في أحيان أخرى، على مدينة الفلوجة، بحسب شهود عيان.
ونقلت وسائل إعلامية عن شهود عيان من داخل الفلوجة أن استهداف المساجد كان من الأشياء المتفق عليها من قبل القوتين الأمريكية والمليشيات، مشيرين إلى تعرض عدد من المساجد إلى قصف متعاقب من قبل القوتين، مستشهدين بمسجد الرقيب في حي الجولان الذي قصفته الطائرات الأمريكية، ثم أعقبه قصف صاروخي من قبل المليشيات.
وقبل انطلاق معركة الفلوجة توقع كبير الباحثين في المجلس الأطلسي، ومستشار وزير الدفاع الأمريكي السابق، الدكتور هارلن أولمان، أن يؤدي التشوش الحاصل بشأن معركة الفلوجة، والمشاركين فيها، والخلافات بين السنة والشيعة، إلى دمار شامل، وشروخات كبيرة في العراق.
وقال أولمان خلال مشاركته في برنامج حواري عبر فضائية الجزيرة: “إن الأمريكيين والتحالف الدولي سيكون لهم دور في معركة الفلوجة؛ بتوفير القوة النارية، وعمليات الاستطلاع، وجمع المعلومات الاستخبارية لمساعدة القوات العراقية”.
وأكد أن “أمريكا ستتحمل جزءاً من المسؤولية في حال ارتكاب الحشد الشيعي مجازر في الفلوجة على غرار ما حدث في تكريت”، معتبراً أن واشنطن “ترتكب أخطاء كارثية في العراق منذ غزوها له عام 2003”.
في السياق ذاته، وبعد يوم واحد من انطلاق معركة “الفلوجة”، قال جيم سيكيوتو، كبير مراسلي الأمن القومي الأمريكي لدى CNN، إن السيطرة على مدينة الفلوجة العراقية ستكون “الجائزة الكبرى” في المواجهة مع تنظيم الدولة؛ نظراً لرمزية المدينة تاريخياً، ولكنه شدد على أن الوضع في البلاد مقلق للغاية على المستويات السياسية والأمنية، متوقعاً معركة طويلة ومرهقة بالأنبار.
ويبدو -بحسب مراقبين- أن أمريكا كسرت حظر مشاركة المليشيات في المعارك بالعراق، إذ كانت تمنع مشاركة المليشيات؛ لكونها مدعومة من قبل إيران، ومتهمة بارتكاب جرائم وانتهاكات ضد مدنيين بدواع طائفية، بحسب المحلل السياسي، علي الصميدعي.
وأكد أن “مصالح أمريكا وإيران التقت على أشلاء الفلوجة، حيث تعتبر الفلوجة بالنسبة للجيش الأمريكي نقطة سوداء في تاريخه، فيما تعتبر لإيران مدينة “سنية” يجب تحويلها إلى ركام، كما فعلت مع مدن “سنية” أخرى، من خلال المليشيات التي تعتبر أذرع إيران بالعراق”، بحسب قوله.
يذكر أن القوات الأمريكية التي قادت الغزو على العراق في 2003 تكبدت خسائر جسيمة في المعدات والأرواح على أيدي المقاومة العراقية في مدينة الفلوجة، في معركتين متتاليتين؛ هما معركة الفلوجة الأولى في أبريل/نيسان 2004، ومعركة الفلوجة الثانية في نوفمبر/تشرين الثاني 2004.
في حين تقود المليشيات -التي ظهر قاسم سليماني في مرات عديدة برفقة قادتها بمناطق في العراق- حملات مستمرة منذ ظهورها بعد غزو العراق في 2003، تستهدف خلالها مناطق “سنية” في بغداد ومدن أخرى، وهو ما أكده لـ”الخليج أونلاين” شهود عيان في مرات سابقة، سعياً منها لتغيير ديموغرافي في البلاد.