مصدر حكومي تونسي: إقالة حبيب الصيد وراءها نزوات ومصالح تحت الطاولة
“وطن-وكالات” أكد رئيس الحكومة التونسية الحبيب الصيد السبت أن اللجوء إلى البرلمان لطلب تجديد الثقة لا يعني رغبته البقاء في المنصب ،وإنما منح صبغة دستورية لتنحي حكومته.
وبدأ برلمان تونس اليوم جلسة عامة للتصويت على طلب تجديد الثقة في الحكومة الحالية في أعقاب المبادرة التي تقدم رئيس الدولة الباجي قايد السبسي لتشكيل حكومة وحدة وطنية تحمل على عاتقها القيام بإصلاحات واسعة وانعاش الاقتصاد المتهاوي.
وكان الجدل منحصرا في طريقة تنحي رئيس الحكومة الحبيب الصيد سواء عبر الاستقالة وهو ما دفعت باتجاهه أغلب الأحزاب المشاركة في الحوار حول مبادرة الرئيس أو عبر التصويت في البرلمان.
لكن الصيد تمسك باللجوء إلى البرلمان ، وقال اليوم في الجلسة العامة أمام نواب الشعب” كان واضحا أن الهدف من المبادرة هو تغيير رئيس الحكومة. وأنا جئت للبرلمان ليس للحصول على أغلبية الأصوات، وإنما لتوضيح الأمر لنواب الشعب ومنح التغيير صبغة دستورية”.
وأضاف الصيد “اللجوء إلى المجلس لتأكيد الاحترام لمؤسسات الدولة وللدستور”.
ونفى الصيد وجود أي خلافات مع مؤسسة الرئاسة ، لكنه اعترف بخلافاته مع الحزب الحاكم (حركة نداء تونس) الذي طالب الصيد بإقالة وزراء في الحكومة كانوا انشقوا من الحزب.
وفي حال التصويت على سحب الثقة من حكومة الصيد ،فإنها تتحول إلى حكومة تصريف أعمال إلى حين اتفاق الأحزاب على مرشح بديل ومن ثمة التشاور حول تركيبة الحكومة الجديدة.
وحققت تونس انتقالا سياسيا ناجحا بعد ثورة 2011 ، لكنها لا تزال تعاني من صعوبات اقتصادية إلى جانب توترات اجتماعية وتحديات أنية واسعة.
وكانت حكومة الصيد قد استلمت مهامها بعد انتخابات نهاية 2014 وأجرى رئيس الحكومة تعديلا وزاريا مطلع العام الجاري، لكن لم يفض ذلك إلى حلحلة الأوضاع الاقتصادية الصعبة.
وكان الصيد الذي لم يبلغ مسبقا بمبادرة الرئيس، عبر اولا عن استعداده للاستقالة اذا كانت مصلحة البلاد تقتضي ذلك. لكنه دان بعد ذلك الضغوط واعلن انه لن يرحل اذا لم يسحب منه البرلمان الثقة.
وكان تم ادخال تعديل واسع على الحكومة المتهمة بعدم الفاعلية وقد تشكلت قبل عام ونصف العام، في كانون الثاني/يناير.
ونجحت تونس في انتقالها السياسي بعد ثورة 2011 لكن اقتصادها يواجه ازمة (نسبة النمو 0,8 بالمئة في 2015) بينما ما زالت نسبة البطالة مرتفعة والبلاد تستهدف بهجمات عنيفة يشنها جهاديون.
ما لم تحدث مفاجأة، يفترض الا تحصل الحكومة على الاصوات ال109 الضرورية لبقائها. وقد اعلنت احزاب عدة بما فيها الاحزاب الاربعة المشاركة في الائتلاف الحكومي، نيتها عدم تجديد الثقة للحكومة.
وقال منجي الحرباوي من حزب “نداء تونس″ لوكالة فرانس برس “نحن ضد هذه الحكومة”. وكان هذا الحزب الذي اسسه الرئيس التونسي فاز في الانتخابات التشريعية التي جرت في 2014 قبل ان ينقسم ويفقد مكانته الاولى في البرلمان لمصلحة الاسلاميين.
وصرح الحرباوي ان “البلاد تراجعت كثيرا خصوصا على المستوى الاقتصادي، ولا يمكننا الاستمرار بهذا الشكل”.
اما عماد حمامي الناطق باسم حزب النهضة الاسلامي فرأى ان “المرحلة المقبلة تتطلب حكومة يقودها شخص يتمتع بمؤهلات خاصة مثل الشجاعة والقدرة على اتخاذ قرارات حاسمة”.
من جهتها، انتقدت الجبهة الوطنية وهي تحالف يساري، الاحزاب الحاكمة لانها شكلت “فريقا حكوميا غير متجانس ولا برنامج له”.
وطرحت عدة اسماء لمرشحين لخلافة الصيد لكن لم تؤكد اي شخصية حتى الآن.
وينص الدستور على ان الحكومة تعتبر مستقيلة اذا لم تحصل على الثقة ويترتب على الرئيس تكليف “الشخصية الاقدر” تشكيل حكومة جديدة.
وكان الحبيب الصيد (67 عاما) وهو مستقل شغل عدة مناصب في عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي الذي اطاحته الثورة، وزيرا للداخلية بعد الثورة. وهو متهم بانه يفتقد الى الشخصية القوية والجرأة.
وقد طلب بنفسه تصويت الثقة مؤكدا انه يقدم “درسا في الديموقراطية” عبر عدم خضوعه للضغوط لتقديم استقالته.
وقال في مقابلة تلفزيونية “لن استقيل ولست الجندي الذي يهرب من الميدان (…) أحدهم قال لي +استقل، وسنخرجك من الباب الكبير+، وآخر قال لي +إن لم تستقل، فسنذلك”.
واضاف “ارفض خروج العملية الديموقراطية عن مسارها. انه اول اختبار للديموقراطية الوليدة في تونس، لذلك صمدت على الرغم من الضغوط القوية”.
وفي الاسابيع الاخيرة، نسب مقربون منه طلبوا عدم كشف هوياتهم، الضغوط الى معسكر نجل رئيس الدولة حافظ قائد السبسي القيادي في “نداء تونس″.
وصرح مصدر حكومي لفرانس برس “نعرف انه كانت هناك صعوبات وثغرات (…) لكننا نخرج من اول رمضان بلا هجمات (منذ 2012)”.
واضاف ان “البرنامج الاقتصادي والاجتماعي واضح مع الخطة الخمسية . كل هذا بدأ يتحرك وبدأ يصبح (…) ملموسا”.
واضاف هذا المصدر باستياء “عندما نريد زعزعة استقرار حكومة في هذا السياق، فالمسألة تكون نزوات ومصالح تحت الطاولة (…) ليس هناك نظرية واحدة (لتفسير المبادرة) انها مسألة عائلية”.