نشر الكاتب الصحفي البريطاني “روري دوناجي” في موقع “ميدل إيست آي” مقالاً معلوماتياً كشف فيه تجنيد أبوظبي عناصر أمنية للتجسس على الإماراتيين مقابل مبالغ مالية كبيرة.
وقال “دوناجي” إن دولة الإمارات قامت بتجنيد فريق دولي من خبراء الكمبيوتر لتطوير آليات مراقبة بعيدة المدى تغطي أبو ظبي ودبي.
ويكشف الخبير الأمني الإيطالي “سيموني مارجارليتي” تفاصيل المشروع بعد سفره مؤخرا إلى دبي للتعرف على تفاصيل عمل نظام المراقبة المطلوب “مراوغ للغاية”.
“مارجارليتي” هو باحث أمني متنقل يعيش في روما ويعمل في فريق البحث والتطوير في شركة أمنية متنقلة مقرها سان فرانسيسكو . وهو كان هدفا للتجنيد من جانب دولة الإمارات جزئيا، لأنه يعمل بدوام كامل مع “BetterCap” وهي وسيلة اتصال مفتوحية تتنصت على الاتصالات عبر الإنترنت.
المراقبة على نطاق واسع
ونقل “دوناجي” عن “مارجارليتي” قوله، إن البداية كانت في (3|7) عندما اتصل به موظف إيطالي يعمل في أنظمة “VERINT”، وهي شركة أمنية في نيويورك ولكن قاعدة موظفيها الأساسيين البالغ عددهم 2800 موظفا في إسرائيل.
وأطلع “مارجارليتي” الموقع البريطاني والصحفي “دوناجي” على البريد الالكتروني، الذي أرسلته الإمارات للشركة وتطلب فيه: تأسيس”وحدة البحث والتطوير” والتي تعتبر إحدى الفروع الأكثر تقدما في الأمن الإلكتروني، لصالح جهاز أمن الدولة حصريا.
في (20|7)، سافر “مارجارليتي” إلى دبي، حيث وقف على المزيد بشأن هدف دولة الإمارات في “تأسيس فرقة النخبة للبحث وتطوير حلول المراقبة الجديدة على نطاق واسع”.
الباحث الأمني الإيطالي، أشار إلى أن نظام المراقبة الذي تريده دولة الإمارات، “قادر على اعتراض وتعديل، وتحويل (وكذلك التعتيم أحيانا) على حركة المرور على الانترنت والشبكات.
وقال “مارجارليتي” أن من يقف وراء هذا المشروع هو “فيصل البناي” (Faisal al-Bannai) وهو رجل أعمال إماراتي والرئيس التنفيذي لشركة (Dark Matter) الإماراتية الأمنية.
هذه الشركة الأمنية، تصف نفسها بأنها “شريك موثوق” لحكومة دولة الإمارات، وتقول على موقعها الإلكتروني بأنها “الشركة الوحيدة في المنطقة التي لديها عدد قليل من النخبة العالمية التي تلبي طيفا واسعا من احتياجات الأمن الإلكتروني”.
وقال “مارجارليتي” أنه عُرض عليه راتب معفى من الضرائب مقداره 15 ألف دولار (نحو 55 ألف درهم شهريا) بالإضافة إلى شقة ومكافآت، وتم رفع العرض إلى 20 ألف دولار عندما رفضه في البداية. وأضاف، إنهم كانوا مستعدين لرفعه أكثر من مرة. وفق ما ترجمه موقع الإمارات71.
أجهزة ونظام الرقابة في أنحاء الدولة
“مارجارليتي” أكد أن نظام المراقبة “عين الصقر”، الذي أعلن عنه مؤخرا في أبو ظبي قادر على مراقبة “الأجهزة في جميع أنحاء البلاد”. وأضاف، إن نظام المراقبة الذي تريده السلطات في الإمارات هو وضع شبكة من البرمجيات المناسبة، قادرة على التجسس على اتصالات أي شخص في أبو ظبي أو دبي.
وقال دوناجي إنه اطلع على رسالة إلكترونية وصلت “مارجارليتي”، تفيد، أن شخصا مهتما بما يحدث في دبي مول، فإنه من الممكن بكبسة زر مراقبة جميع الأجهزة في المول كونها مصابة ويمكن تتبعها. وأشار “مارجارليتي” أن الحكومة الإماراتية تسعى الآن لتطوير نظامها الخاص في المراقبة وليس مجرد شراء المنتجات بذاتها.
وأكد الباحث الإيطالي، أن الشركات المحلية في دولة الإمارات وافقت على التعاون مع خطة مراقبة الحكومة للجمهور “في كل مكان”، بما في ذلك في مراكز التسوق والمطارات في أبو ظبي ودبي. وأضاف “إنهم في حاجة إلى برنامج قابل للتطبيق ليصبح نظام المراقبة شامل بصورة عملية.
وقال “دوناجي” أن “مارجارليتي” رفض العرض الإماراتي وغادر في(25|7)، لأن هذا العرض يخالف طبيعته وإيمانه بأن الحرية أمر غير قابل للمساومة” وفقا لما كتبه على موقعه الشخصي. واعتبر الباحث الإيطالي، أن الحقوق والحريات شيء أساسي للإنسان بغض النظر عن دينه أو جنسه، مؤكدا أن إنكار هذا الحق هو الفاشية في أحقر أشكالها “.
وأكد أن دولة الإمارات، تحاول تجنيد “مواهب شابة في أمن تكنولوجيا المعلومات مقابل مبالغ كبيرة من المال … العلاوات المختلفة، والشقق، والأهم من ذلك كله، من خلال تقديم بيئة محفزة مهنيا وفكريا”. وأضاف، إذا أثار الموظفون مخاوف للسلطات بشأن برنامج المراقبة، فإن السلطات تبرر بأن هناك “تنازلات ضرورية عندما يتعلق الأمر بالأمن القومي”.
الصلة الإسرائيلية بالمشروع
و كشف موقع “ميدل إيست آي” أن دولة الإمارات عززت قدرات المراقبة لديها بالفعل من خلال نظام متطور للغاية هو “عين الصقر” الذي يشغله رجل الأعمال الإسرائيلي ماتي كوخافي.
تورط اسرائيلي في نظام المراقبة في دولة الإمارات هو جزء من العلاقة المزدهرة بين البلدين، على الرغم من عدم وجود أية علاقات دبلوماسية رسمية.
وقال متحدث باسم منظمة حقوقية للموقع البريطاني، إن خطط المراقبة في دولة الإمارات “مخيفة للغاية”.
ونقل “دوناجي” عن الباحث إدين أومانفيك، قوله “إن هذه البنية التحتية تسمح بالتجسس على كل شخص وجهاز في الإمارات، بغض النظر عن أي شبهة حوله.
وأضاف أمانفيك، سجل الإمارات في مجال حقوق الإنسان ضعيف، الأمر الذي يثير المخاوف من نظام المراقبة هذا، إذ تواجه أبوظبي اتهامات منظمة بسجن وتعذيب الناشطين السلميين في الدولة.