دراسة منهجية تجريبية موثقة ننشرها على صفحات هذه الصحيفة
(33)
الجيش السوري هو جيش النظام
على غرار كافة الجيوش في العالم العربي يعتبر الجيش السوري هو جيش النظام ، اتسم بخصائصه وتوحد مع أهدافه واعتنق معتقداته ، ووصل التوحد إلى حد الأشخاص ، وحدث تداخل بين قيادات الجيش والحزب ، وعليه فقد أصبح الجيش خط الدفاع الأول عن نظام البعث في سوريا ، وخط هجومه الأول كذلك من أجل القضاء على أعداء النظام وسحقهم في الداخل أساساً ، لأن النظام على يقين من أن أعداءه لا يأتون إلا من الداخل ، والمقصود هنا المعارضة والاحتجاجات الشعبية ، أما الخارج فهو مؤمّن بحكم المواءمات والترتيبات الدولية ، التي تفضي إلى أن نظام البعث لن يحارب إسرائيل ، وتحتاج هذه الحقائق المجملة لمزيد من التفصيل .
الفرع الأول : التوحد بين قيادات الجيش وقيادات النظام :
لا يمكن الفصل بأي شكل بين قيادات حزب البعث والجيش السوري ، ومن شأن هذا التداخل أن يؤكد على أن الجيش السوري متواصل مع النظام إلى درجة أنه تابع له ، والتبعية هنا أقرب إلى الملكية ، وقد نشأت تلك الملكية بفعل الولاء والطاعة .
يتمم ما تقدم سؤال عن مصلحة الجيش في التعاون مع النظام السياسي والخضوع له ، المؤكد أنه بالإضافة إلى عمليتي التعبئة والتحفيز اللتينوحههما النظام السياسي إلى الجيش ونجاحه المبهر في ذلك ، ثمة مصلحة للجيش في التوحد مع النظام السياسي ، حيث أن ذلك يحقق مصلحته متعددة الأبعاد ، فالجيش سيزداد نفوذه في الحياة المدنية ، وسيسوده الاستقرار ، ناهيك عن الفائدة المادية .
ولكن هناك في الجيش من أفلت من عمليتي التعبئة والتحفيز ، ومن لم يقع تحت طائلة المصلحة متعددة الأبعاد ، وهؤلاء هم الذين بادروا بالانشقاق عن الجيش وانضموا للثورة وكونوا الجيش الحر .
الفرع الثاني : الجيش خط الدفاع الأول عن النظام :
إن ما ينبغي التأكيد عليه وتحرياً للموضوعية ، هو أن الجيش ليس عبئاً على النظام السياسي ، وليس طوع تصرفه إلى ما لا نهاية ، إذ أن النظام في ذات الوقت في حاجة ماسة للجيش ، وقد ظهر ذلك جلياً مع الثورة السورية المجيدة ، وظهر قبل ذلك في حركات التمرد المتعددة التي ضربت الجيش ، وهذا يعني أن انهيار الجيش سيترتب عليه انهيار النظام بشكل مباشر ومؤكد .
إن تشابك المصالح بين النظام السياسي السوري والجيشيبرز حالة من الاعتماد المتبادل بين الطرفين ، ويؤكد على أن وجود كلٍ منهما مترتب على وجود الآخر ، فالنظام السوري المجرد من الشرعية ورضاء وقبول الناس لا يمكنه أن يستمر بدون حماية الجيش الذي هو على استعداد دائم لمواجهة الشعب من أجل الحفاظ عليه ، والجيش في ذات الوقت يتحصل على المزايا المتعددة كرِشى وهبات ومنح من النظام السياسي المستبد والفاسد .
الفرع الثالث : الجيش خط الهجوم الأول والوحيد للنظام السياسي :
لقد ابتكرت واختلقت النظم السياسية الفاشلة الفاسدة فرية وخرافة الإرهاب لكي تجد الذريعة التي تتذرع بها في إرهاب الشعوب وهذا هو إرهاب الدولة ، وينشأ هذه الإرهاب كنتاج لعملية تتم عبر منطلقات متتابعة .
المنطلق الأول هو إخفاق النظم السياسية في تحقيق أهدافها ، المنطلق الثاني معارضة أفراد المجتمع لتلك النظم واحتجاجهم على ما بها من عجز وفساد ، المنطلق الثالث : القهر والكبت والقمع والإرهاب والتخويف واستعداء الناس باستخدام الجيش والأمن ، المنطلق الرابع : اعتراض الناس على سلوك النظم السياسية ورفضهم لأساليبها ، المنطلق الخامس : شيطنة أي معارض ووصفه بالإرهاب للتذرع بذلك للقضاء عليه وايهام الخارج بفرية وخرافة الإرهاب ، وهذا ما فعله النظام السوري ونظيره المصري وكافة النظم العربية قبل وبعد تفجر ثورات الكرامة العربية .