اتفاق مصر مع صندوق النقد الدولي يصاحبه تقشف لن يطيقه كثيرون
شارك الموضوع:
“رويترز- وطن”- وعدت مصر صندوق النقد الدولي باتخاذ عدة إجراءات منها إصلاحات اقتصادية المزمعة كجزء من برنامج لخفض العجز في الموازنة وإعادة التوازن لأسواق العملة، وذلك من أجل الحصول على قرض قيمته 12 مليار دولار على ثلاث سنوات.
لكن المعارضة السياسية لإجراءات تنطوي على خفض الدعم وتخفيض قيمة العملة وفرض ضرائب جديدة، بينما يعتمد عشرات الملايين على الدعم الحكومي للسلع الغذائية تعني أن البرنامج صعب التنفيذ.
ويقول خبراء اقتصاديون، إن ثمن الفشل باهظ. فعجز الموازنة يقترب من عشرة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي أما التضخم فقد وصل إلى 14 في المئة. كما أضر نقص العملة الأجنبية بالاستيراد.
ولا يستطيع المستثمرون الأجانب تحويل أرباحهم إلى الخارج والبعض يصفون أعمالهم بسبب القيود التي فرضت على رأس المال والاستيراد في الأشهر الثمانية عشر الماضية.
ولا تستطيع الشركات توفير ما يكفي من العملة الصعبة لاستيراد المكونات أو تحمل الفرق بين السعر الرسمي للدولار وسعره في السوق السوداء الذي يتجاوز 40 في المئة. أصبح الحديث الآن عن مجرد البقاء وليس النمو.
وقال أنجوس بلير المدير بشركة فاروس القابضة “من الواضح جدا أن الظروف دفعت مصر دفعا نحو طلب دعم صندوق النقد الدولي … وسيتعين على مصر إجراء تغييرات لضمان تنفيذ الخطة التي قدمتها لصندوق النقد”.
وأضاف “النظام في مصر بشكل عام بطيء … وهذا برنامج إصلاحي يدعو لتحرك سريع وجرأة خاصة لأن من بين تداعياته زيادة التضخم”.
وقد أحجمت الحكومات المتعاقبة عن خفض الدعم بعد أن رفع الرئيس السابق أنور السادات عن الطحين (الدقيق) والأرز وزيت الطهي عام 1977 ضمن محاولة للحصول على تمويل بدعم من صندوق النقد الدولي.
وأعاد السادات الدعم بعد أن احتج مصريون وقاموا بأعمال شغب وهاجموا رموز الهوة الفاصلة التي أخذت في الاتساع بينهم وبين الطبقات الأغنى التي اعتبروا أنها استفادت من سياسة الانفتاح الاقتصادي التي طبقها السادات لتحرير الاقتصاد بعد حكم اشتراكي دام لأكثر من عشر سنوات.
وعلى الرغم من أن مصر لجأت لصندوق النقد فعليا في كل عقد منذ السبعينيات فإن تطبيق الإصلاحات لم يكن شاملا قط. ويشعر الكثير من المصريين بعدم الارتياح إزاء البرنامج الذي يعتبرون أنه مفروض من الخارج ويرون أنه سيضر الجميع باستثناء الأثرياء.
ومنذ الإطاحة بمبارك في 2012 تفاوضت مصر على اتفاقين مع الصندوق لكنهما لم يتما ويشمل ذلك قرضا قيمته 4.8 مليار دولار جرت الموافقة عليه مبدئيا عام 2012. وفي ضوء إحجام صناع القرار السياسي عن تطبيق الإصلاحات من قبل، يبدو أن المستثمرين يتريثون في العودة إلى مصر.
وقال كريس جارفيز رئيس بعثة صندوق النقد الدولي في مصر، إن هذين الاتفاقين فشلا نتيجة الافتقار للإرادة السياسية على مستوى القيادة لتطبيق الإصلاحات. لكنه يرى أن الالتزام السياسي هذه المرة يبدو أقوى.
وفي الأسبوع الماضي قال عبد الفتاح السيسي رئيس النظام المصري إنه لن يتردد ثانية واحدة في اتخاذ الخطوات الصعبة اللازمة لضمان أن تعيش مصر في حدود إمكانياتها.
ارتفعت أسعار الكهرباء بنسبة 20 إلى 40 في المئة هذا الشهر في إطار برنامج مدته خمس سنوات سيشهد إلغاء دعم الطاقة تدريجيا. والدور الآن على خفض دعم البنزين. وأقر البرلمان إصلاحات تتعلق بالخدمة المدنية على الرغم تخفيفها إلى حد كبير.
وأعلنت مصر خططا لتوسيع شبكة الضمان الاجتماعي لتخفيف الأثر على الأكثر فقرا لكن كثيرين يخشون من أن الإجراءات ستعمل على تفاقم التفاوتات الاجتماعية التي ساهمت في إثارة الغضب ضد مبارك قبل انتفاضة 2011 التي أنهت حكمه الذي استمر 30 عاما.
واليوم أسكتت الاحتجاجات. وفي عهد السيسي زج النظام بأعضاء جماعة الإخوان المسلمين في السجون بينما فر آخرون منهم خارج البلاد أو تواروا عن الأنظار. وجرى أيضا إسكات النشطاء الليبراليين الذين كانون يدعمون السيسي في بادئ الأمر. وأنهى قانون يقيد التظاهر الاحتجاجات الشعبية التي ساعدت في الإطاحة برئيسين خلال ثلاث سنوات.
وأصدرت مجموعة من الأحزاب الاشتراكية بيانا يرفض اتفاق صندوق النقد الدولي الذي يقولون إنه يكبل مصر بمزيد من الديون ويجعلها رهنا لقرارات قوى خارجية. لكن تلك الأحزاب ليس لها مقاعد في البرلمان ولا توجد دعوات حقيقية للاحتجاج.
أول اختبار للحكومة مشروع قانون يقترح ضريبة للقيمة المضافة بنسبة 14 بالمئة وتتم مناقشته في البرلمان لكنه يواجه معارضة من نواب يخشون من التضخم.
وأدى التأخر في تطبيق ضريبة القيمة المضافة الجديدة بالفعل إلى تأجيل الشريحة الأولى من قرض بقيمة ثلاثة مليارات دولار من البنك الدولي. والشريحة الأولى التي تبلغ 2.5 مليار دولار من قرض صندوق النقد الدولي غير مرتبطة بإجراءات محددة لكن ذلك لا ينطبق على الشرائح التالية.
وثمة قضية رئيسية أخرى هي سياسة سعر الصرف. تعهدت مصر بسعر صرف أكثر مرونة لتخفيف حدة نقص العملة الصعبة والقضاء على السوق السوداء للدولار.
وستنطوي هذه الخطوة بالتأكيد على خفض ثان لقيمة العملة هذا العام مما يؤدي بدوره إلى زيادة التضخم لكن البنك المركزي يقول إنه يجب أن يزيد الاحتياطي الأجنبي أولا من 15.5 مليار دولار إلى 25 مليارا ويتطلع للوصول إلى هذا الرقم بحلول نهاية العام.