قرأ أستاذ الأخلاق السياسية ومقارنة الأديان في كلية قطر للدراسات الإسلامية محمد المختار الشنقيطي، في قرار الكونغرس الذي يسمح لأسر ضحايا هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 بمقاضاة الحكومة السعودية طلبا لتعويضات، خطورةً مفادها أن السعودية لم تعد لديها مكانة إستراتيجية بمنظور أميركا، وعليه يمكن للأخيرة أن تأخذ ما يمكن أخذه قبل التخلص من هذه العلاقة.
ولفت في حديثه لبرنامج “الواقع العربي” الذي يبث على قناة الجزيرة، إلى أن القانون إذا أقر فسيفتح باب الابتزاز كما حدث مع ليبيا في قضية لوكيربي، رغم أن السعودية لا علاقة لها بالمهاجمين السعوديين.
وأشار إلى أن تقديرات نيويورك تايمز وبعض مراكز الدراسات تفيد بأن خسائر أميركا هي 3.3 تريليونات دولار، أي ضعف رصيد السعودية في الخزانة الأميركية 28 مرة.
وبين أن ثمة بندا في مشروع القانون ينص على إمكانية أن تسوي وزارة الخارجية الأمر مع السعودية، أي أن هناك فرصة للابتزاز خارج المحاكم، فنيويورك وحدها تطالب بـ95 مليار دولار، “وهذه مصيبة في لحظة حرجة تمر بها السعودية مع توترات المنطقة وتراجع أسعار النفط”.
وبشأن الخيارات المتاحة للسعودية، قال الشنقيطي إن هناك خيار التعويض السريع حتى يغلق الملف، “ولن يغلق بطبيعة الحال”، وثمة خيار مستحيل وهو سحب الأموال السعودية، وهناك خيار المضي في مسار المحاكم وهذا سينتهي بالحكم ضدها، لأن القانون يتحدث عن إرهابيين نفذوا أعمالهم “بعلم الدولة أو بإهمال منها”.
وخلص أخيرا إلى أن على السعودية أن تختار تموضعا جديدا عبر حماية إقليمية محلية وعمق اجتماعي لسياساتها يجعلها أكثر مناعة، وأن تعرف أن أميركا ليست المظلة التي يمكن الاحتماء بها.
من ناحيته قال المدير التنفيذي لمجلس سياسة الشرق الأوسط والمستشار الحكومي لشؤون الإعلام توماس ماتير إن أسر الضحايا تطالب بهذا الأمر منذ سنوات طويلة، وإن مندوبي نيويورك في مجلس النواب يمثلون هذه الأسر ويمارسون ضغطهم في سنة انتخابية، وبالتالي هناك أسباب سياسية لصدور مشروع القانون دون مناقشات طويلة.
أما حق النقض (فيتو) لـباراك أوباما، فقال إنه سيمارس حق النقض غير المباشر، وإذا بدأ الكونغرس باستراحته الصيفية فإن الرئيس “سيضع القانون في جيبه”، لافتا إلى أن أوباما حاول إقناع الكونغرس بأن القانون يعرض مبدأ الحصانة السيادية للخطر ويفتح المجال لمقاضاة أميركا من قبل الآخرين.
وأكد ماتير أن مشاركة السعودية في هجمات 11 سبتمبر أمر غير صحيح، فلم تكشف الصفحات الثماني والعشرين المتعلقة بالهجمات أدلة على تورط السعودية، وبالتالي سيكون من الصعب على المحاكم أن تثبت أي شيء ضدها.
ووفقا له فإن السعودية هي الحليف الأكثر إستراتيجية في العالم العربي، وإن وزارة الدفاع والمخابرات ووزارة الخارجية تدرك أهمية العلاقات معها في التعاون الأمني وجهود مكافحة الإرهاب.
وتحيط بمشروع القانون شبهات وتساؤلات كثيرة عن مقاضاة دولة أجنبية من قبل أفراد طبيعيين على أفعال لم تقم بها الدولة -بوصفها شخصية اعتبارية- بل قام بها أفراد طبيعيون.
وأقر مجلس النواب الأميركي قانونا الجمعة يسمح لضحايا اعتداءات 11 أيلول/سبتمبر 2001 وأقاربهم بمقاضاة حكومات أجنبية يشتبه بدعمها أعمالا إرهابية ضد الولايات المتحدة.
وتعارض السعودية بشدة مشروع القانون الذي وافق عليه المجلس بعد أربعة أشهر من مصادقة مجلس الشيوخ عليه، وكان 15 من 19 شخصا خطفوا الطائرات التي استخدمت في الاعتداءات من السعوديين.