النقابات العمالية تواصل جرّ البلاد إلى الهاوية وشركة “بتروفاك” النفطية في طريقها إلى مغادرة تونس
شارك الموضوع:
في ظل الأوضاع الإقتصادية الصعبة التي تمر بها تونس، تواصل شركات أجنبية محاولاتها المتكرّرة لإيجاد حلول توافقية مع العمال المعتصمين الرافضين للعمل، قبل اتخاذ قرار مغادرة البلاد.
ويتجه الوضع في الشركة النفطية “بتروفاك”، المنتصبة بجزيرة قرقنة التابعة لمحافظة صفاقس، نحو تنفيذ قرار الإغلاق الذي اتخذته إدارة الشركة خلال الأسبوع المنقضي، إلا أن التراجع عن هذا القرار يبقى ممكنا، في حال تم التوصل إلى حل خلال الساعات الأخيرة للمفاوضات التي جمعت المدير العام لشركة “بتروفاك” تونس، ووزارة الطاقة والمناجم.
وقال مسؤولون تونسيون إن شركة “بتروفاك” البريطانية أبلغتهم أنها ستوقف استثماراتها نهائيا في تونس وتغادر البلاد هذا الأسبوع إذا ظل إنتاج الغاز الطبيعي متوقفا كما هو منذ أشهر بسبب اعتصامات عاطلين عن العمل.
وصرحت وزيرة الطاقة التونسية “هالة شيخ روحو” الإثنين لإذاعة محلية بأن “مسؤولي “بتروفاك” أبلغونا أنهم قد يضطرون إلى إعلان القوة القاهرة وملاحقة تونس لدى محكمين دوليين بسبب الخسائر التي تتكبدها إذا لم يستأنف الإنتاج بشكل فوري”.
وفي إطار تعليقه على هذه التهديدات، أرسل اتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل بجزيرة قرقنة رسالة إلى المكتب التنفيذي للإتحاد العام التونسي للشغل، رفّع فيها سقف المطالب كشرط لعودة شركة بتروفاك للعمل، من بينها الترفيع في الإعتمادات المرصودة من قبل الشركات البترولية لفائدة التنمية في الجزيرة إلى ما قيمته 10 مليون دينار (نحو 5 مليون دولار) تحت إشراف لجنة محلية.
وطالب المحتجون بحفظ القضايا وإيقاف التتبعات العدلية في حق عموم أهالي الجزيرة على خلفية اعتصام بتروفاك والتدخل الأمني منذ 19 إلى تاريخ إمضاء الإتفاق، إضافة إلى صرف المجلس الجهوي للأجور المعطلة منذ غرة جانفي/يناير 2016 للعاملين بمنظومة العمل البيئي على اعتبارها مساهمة من الشركات البترولية في التشغيل، وبعث مركز تكوين في مجال البترول من قبل المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية.
كما طالبوا ببعث لجنة محلية مشتركة بين السلطة المحلية والإتحاد المحلي للشغل بقرقنة واتحاد المعطلين عن العمل للإشراف على إجراءات تسوية الوضعية في مختلف التوجهات عبر الإدماج في الإدارات و”بتروفاك” على أن تلتزم الدولة في هذا الإطار بإدماج %30 في جانفي/يناير 2017 و30% في 2018 و40% في 2019.
بدوره وجّه الإتحاد العام التونسي للشغل، نداء إلى عمال شركة “بتروفاك” النفطية ومقرها جزيرة قرقنة، للعودة إلى عملهم للحفاظ على ديمومة المؤسسة بدءا من الثلاثاء، وهو ما لم يحدث.
ومنذ يناير/كانون الثاني 2016 توقف إنتاج شركة “بتروفاك” البريطانية (تسد نحو 13% من احتياجات تونس من الغاز الطبيعي) من الغاز بسبب اعتصامات عاطلين يطالبون بفرص عمل، واندلعت آنذاك احتجاجات عنيفة في جزيرة قرقنة جنوب البلاد.
ويقول مسؤولون تونسيون إن توقف الإنتاج في “بتروفاك” كبد الدولة خسائر تقارب مئة مليون دولار في تسعة أشهر، بسبب تعويض النقص باستيراد الغاز من الجزائر.
وبدأت أعمال “بتروفاك” في تونس عام 2001، وتملك الدولة فيها حصة 55% بينما تعود الحصة الباقية لشركة “بتروفاك” البريطانية.
وأكدت مصادر قريبة من الشركة البريطانية في وقت سابق هذا العام، أن تونس تمثل نسبة 1 بالمائة من محفظة استثماراتها على مستوى العالم، لكنها في المقابل أصبحت تمثل 90 بالمائة من مشاكلها، بعد خمس سنوات ونصف السنة من الإطاحة بنظام بن علي.
وتتواصل إلى غاية اليوم عمليّات غلق ومغادرة الشّركات الأجنبيّة، ويقول مراقبون إن مئات الشركات والمؤسسات الصغرى والكبرى غادرت تونس منذ 14 يناير 2011.
وفي شهر يوليو الماضي قررت مؤسسة أمريكية صناعية “لير كوربوريشن” مختصة في صناعة كوابل السيارات ببرج السدرية، وضع حد لنشاطها في تونس وغلق المصنع الذي يشغل حوالي 600 عامل بشكل نهائي ودون سابق إعلام وتركّزت في المغرب.
وبسبب تفاقم الأزمة الإقتصادية التي تعيشها البلاد، سيبلغ عجز ميزانية الدولة على الأقل مع موفى السنة 5800 مليون دينار (حوالي 3 مليار دولار) بحسب ما ذكرت وزيرة المالية التونسية “لمياء الزريبي”.
وقالت “الزريبي” في جلسة عامة في البرلمان التونسي الإثنين، إن حصول تونس على قرض بقيمة 645 مليون دينار من البنك الإفريقي للتنمية سيخصص للتقليص من عجز ميزانية الدولة في وقت ينتظر فيه أن يوجه هذا القرض لتنفيذ إصلاحات في القطاع المالي حسب وثيقة شرح الأسباب التي تقدمت بها الحكومة.
وأكدت “الزريبي” أن تونس في حاجة لتعبئة 2،3 مليار دينار خلال الأشهر القليلة المتبقية من سنة 2016 عن طريق الإقتراض الخارجي في وقت تشهد فيه ميزانية الدولة ضغوطا كبيرة.