“وطن- ترجمة خاصة”- كشف موقع “يسرائيل ديفينس” العبري عن أسرار العدوان الثلاثي أو ما يعرف بعدوان 1956 الذي استهدف مصر، مشيراً إلى الذكرى الستين التي ستحل في أكتوبر المقبل على هذه المعركة التي خاضتها إسرائيل مع بريطانيا وفرنسا ضد مصر بعد تأميم قناة السويس. موضحا أنه بعد قرار تأميم قناة السويس من قبل مصر في يوليو 1956، دعت السلطات البريطانية والفرنسية مصر في عهد الرئيس جمال عبد الناصر إلى إلغاء التأميم، وإلا سترد على هذه الخطوة بالقوة.
وأضاف الموقع في تقرير ترجمته وطن أنه في أواخر يونيو 1956، وقعت إسرائيل تحالفا سريا مع فرنسا، وتلقت أسلحة كثيرة ردا على صفقة الأسلحة التشيكية مع مصر، وفي المقابل وعدت إسرائيل بمساعدة فرنسا في الحرب ضد عبد الناصر، الذي دعم حينها استقلال الجزائر.
وأوضح يسرائيل ديفينس أن بريطانيا على الرغم من أنها كانت الأكثر تضررا من قرار تأميم القناة الذي ارتد سلبا على نفوذها الاقتصادي إلا أنها كانت أقل حماسا للذهاب إلى الحرب من الحكومة الفرنسية، ويرجع ذلك جزئيا لأنها وقعت اتفاقية دفاع مع الأردن.
ومن جهة أخرى، سعت بريطانيا لإسقاط نظام جمال عبد الناصر، إلا أنها كانت تعتقد أن ذلك يهدد وضعها في الأردن والعراق.
وشدد الموقع على أن أهمية السيطرة على قناة السويس كانت ثانوية بالنسبة لفرنسا، بالمقارنة مع المملكة المتحدة، لأنه كان لديها مصادر أخرى للنفط، ورغم هذا كانت الأكثر رغبة في دخول الحرب. موضحا أنه في أكتوبر عام 1956 كان الجيش السوفياتي يغزو المجر لقمع الانتفاضة المدنية هناك، ويبدو أن هذا جعل القيادة السوفيتية لا تكرس الانتباه إلى الحرب ضد مصر.
ولفت يسرائيل ديفينس إلى أنه قبيل تنفيذ الحرب، كانت القيادة الفرنسية تبحث عن فرصة لإطلاق عملية عسكرية مع البريطانيين وفي نفس الوقت تسعى إلى اختبار إمكانية التعاون العسكري الفرنسي الإسرائيلي، وتحولت المناقشات بين فرنسا وبريطانيا التي استمرت شهرين دون إعداد الخطة أو التوصل إلى اتفاق، بعدها وصل الوفد الفرنسي السري لإسرائيل بهدف عقد اجتماعات مع رئيس الوزراء بن غوريون، ورئيس الأركان موشيه دايان، ورئيس المخابرات العسكرية لاسكوف، وحينها نجحت القيادة الفرنسية في إقناع إسرائيل بفتح حملة عسكرية مستقلة ضد مصر، والتي سوف تسمح لفرنسا بالعمل وحدها ودون مشاركة من البريطانيين بدعوى أن هذه الطريقة ستسمح لهم بالسيطرة مرة أخرى على قناة السويس.
واستطرد الموقع بأن بن غوريون كان متردد جدا، خوفا من خيانة البريطانيين إذا لم يشاركوا في العملية، وطالب بمشاركة بريطانيا وضمان تحييد حملة المعارضة في الساحة الدولية.
وبعد أن غادر الوفد الفرنسي البلاد، توجه رئيس الأركان موشيه ديان مع الرائد شلومو غازيت فورا للتخطيط المشترك مع باريس وهيئة الأركان العامة الفرنسية، على أساس الخطة التشغيلية للجيش الإسرائيلي والمبادئ التوجيهية للتعاون، حيث كانت هناك محادثات مع المسؤولين الفرنسيين في شقة خاصة في باريس لأسباب تتعلق بالسرية.
وبعد مناقشات داخلية كثيرة، واتصالات واستفسارات مع المسؤولين الأجانب، وضع بن غوريون مبدأ الحملة وأهدافها، حيث يبدأ الجيش الإسرائيلي عمليته لينتهي من السيطرة على سيناء في غضون 7-10 أيام؛ وكانت تستند الحملة الإسرائيلية على افتراض أن القوات البريطانية والفرنسية ستتولى منطقة قناة السويس، وفي عشية العملية سوف تضع فرنسا ثلاثة طرادات مضادة للطائرات بالقرب من تل أبيب وحيفا.
وطبقا للتقرير فإنه في اليوم الاول من العملية، بدأت إسرائيل بقوة إنزال جوي بقيادة آرييل شارون في ممر متلا. وبعد بضع ساعات، وعلى النحو المتفق عليه من الخطة المشتركة بين بريطانيا وفرنسا، تم توجيه إنذار إلى القاهرة لكن رفض الرئيس المصري ذلك، وفي صباح اليوم الثاني 30 أكتوبر بدأ القصف الإسرائيلي الذي انتظر قدوم الحليفين فرنسا وبريطانيا إلى منطقة القناة للهيمنة عليها، لكن تأخر تنفيذ الهجوم وتسبب ذلك في استياء تل أبيب واعتبر بن غوريون هذا بمثابة انتهاكا صارخا للفكر.
وبعد تحرك القوات المصرية نحو سيناء قررت القيادة المشتركة البريطانية والفرنسية السماح للقوات الإسرائيلية والمصرية ببدء سجال في سيناء، وبالتالي يتم تسهيل الهجوم على القناة. وردا على المعركة، انتشرت سفن المصريين في القناة والدول العربية عطلت إمدادات النفط إلى الغرب، وهنا ضغطت الولايات المتحدة على بريطانيا للانسحاب من مصر، والاتحاد السوفياتي هدد بدخول الحرب إذ لم تنسحب القوات الإسرائيلية.
وفي أعقاب مبادرة الولايات المتحدة وقبول الاتحاد السوفيتي قرار مجلس الأمن للأمم المتحدة الذي يدعو لوقف العملية، وسحب جميع القوات انتهت فعليا المعركة الحربية، بعد أن شهدت بريطانيا وفرنسا هزيمة قاسية وأصدرت الأمم المتحدة قرارا يعطي مصر ملكية القناة، وبالتالي فشل الهدف الرئيسي من العملية واضطرا رئيسا الوزراء في بريطانيا وفرنسا إلى الاستقالة في يناير عام 1957، وعلى أثر هذا بدت مصر في موضع قوة سياسية كبيرة يقودها جمال عبد الناصر الذي أصبح زعيم مهم لدول العالم الثالث، واتخذت مصر موقعا قياديا كبيرا في العالم العربي وأفريقيا.