إيرانيون يتخلون عن تحفظهم ويجاهرون بمعتقدهم: الخط الأول لأمن إيران هو سوريا والعراق

رويترز تخلى الإيرانيون عن تحفظهم طويل الأمد، وأصبحوا أكثر صراحة فيما يتعلق بدورهم في الحرب السورية، وباتت جهات التجنيد غير الرسمية تجاهر بدعوة المتطوعين للدفاع عن الجمهورية الإسلامية، ومساندة الشيعة في مواجهة المقاتلين السنة.

 

ومع ميل الرأي العام لمساندة هذه القضية، قال مقاتلون سابقون تحدثت معهم رويترز، وقادة لوسائل إعلام إيرانية، إن عدد المتطوعين تجاوز العدد الذي كانت طهران مستعدة لإرساله إلى سوريا.

 

وترسل إيران مقاتلين إلى سوريا منذ بدايات الحرب، التي اندلعت قبل ما يزيد على خمس سنوات؛ لدعم حليفها الرئيس السوري بشار الأسد.

 

وكانت إيران من قبل تصف هؤلاء المقاتلين بأنهم “مستشارون” عسكريون، لكن بعد مقتل 400 في ساحة القتال سقط هذا الوصف، ويعتقد الآن أن بضعة آلاف يقاتلون تنظيم الدولة وجماعات أخرى تسعى للإطاحة بالأسد.

 

وكان الكثير من الإيرانيين في بادئ الأمر يعارضون المشاركة في الحرب، ولا يتعاطفون بدرجة كبيرة مع الأسد، لكن تعاطفهم تزايد الآن للمهمة، فهم يرون أن قتال تنظيم الدولة -الذي يشكل تهديدا لوجود دولتهم- من الأفضل أن يتم خارج الحدود.

 

وقال أحد طالبي التطوع لرويترز في رسالة بالبريد الإلكتروني من طهران، وطلب أن يعرف باسمه الأول فقط، وهو مجتبى، إنه يحاول دون جدوى على مدى عامين الوصول إلى سوريا للقتال. وأضاف: “الخط الأول لأمن إيران هو سوريا والعراق”.

 

وما زال تنظيم الدولة يسيطر على مساحات واسعة من أراضي سوريا والعراق، لكنه لم يشن حتى الآن هجمات في إيران المجاورة كما فعل في تركيا.

 

ومع ذلك، ذكرت وسائل إعلام إيرانية أنباء عن تفكيك خلايا على صلة بجماعات متشددة في الداخل، وتشير أعداد كبيرة من الناس مستعدة -مثل مجتبى- للانضمام للقتال في سوريا، إلا أن طهران لديها من الجلد ما يمكنها من المشاركة في القتال هناك لسنوات إذا ما رغبت في ذلك.

 

 “المدافعون عن مقام السيدة زينب”

 

تشير إيران إلى مقاتليها في سوريا، باعتبارهم “المدافعين عن المقام”، في إشارة إلى مقام السيدة زينب قرب دمشق، الذي يعتقد أن حفيدة النبي محمد دفنت فيه إضافة إلى مراقد شيعية أخرى.

 

وتوسع إيران نطاق التجنيد، فعلاوة على الإيرانيين، جمعت شيعة من لبنان والعراق وأفغانستان وباكستان لمحاربة المعارضة السورية فيما تحول إلى صراع طائفي.

 

وقال البريجادير جنرال محسن كاظميني، قائد الحرس الثوري الإيراني في طهران الكبرى، إن عدد المتطوعين كان كبيرا جدا الشهر الماضي؛ “فلم يرسل سوى عدد ضئيل منهم (إلى سوريا)”، وفقا لموقع ديفا برس الإيراني.

 

ويشيد التلفزيون الحكومي بالمقاتلين الذين يقتلون في سوريا باعتبارهم أبطال، وتقام لهم جنازات ضخمة. وأهدى المصارع الإيراني سعيد عبدولي الميدالية البرونزية التي فاز بها في أولمبياد ريو لأسر المدافعين عن المقام، الذين قتلوا في الحرب.

 

وتشير تدوينات قصيرة على موقع “مدافعون”، المخصص لنشر أنباء عن المدافعين وصورهم، إلى أن بعض المتطوعين الذي يصابون بخيبة أمل من طول الانتظار يتبعون طريقا أقصر، ويسافرون مباشرة بطائرة إلى دمشق، ويتطوعون بمسجد السيدة زينب.

 

واجتذبت الرسالة القوية المتعلقة بالدفاع عن المراقد شيعة أفغان، بعضهم مقيم في إيران، والبعض الآخر في أفغانستان. ويعرف هؤلاء الأفغان الذين يقاتلون في سوريا تحت إمرة الحرس الثوري الإيراني باسم “الفاطميون”.

 

دفاعا عن المقدسات

 

يروي طالب أفغاني يبلغ من العمر 26 عاما، ويقيم في مشهد بشمال شرق إيران، كيف أرسل مع غيره من الفاطميين إلى دمشق وحلب لمدة 45 يوما بعد تدريب محدود.

 

وقال الطالب، الذي طلب عدم نشر اسمه لاعتبارات أمنية “دافعي هو نفسه دافع الإيرانيين… كلانا يحارب في سوريا، ما يظهر أن قضيتنا أبعد من الحدود الجغرافية. نحن نقاتل للدفاع عن مقدساتنا وفكرنا الشيعي”.

 

وبسؤاله عما إذا كان المجتمع الإيراني بات أكثر ترحيبا بهؤلاء الذين يقاتلون في سوريا، قال: “مئة بالمئة. عندما ذهبت كان يقول الناس إنهم يتشككون في أن قتالنا سيغير شيئا. لكن الآن هم يحترمون المقاتلين أكثر؛ لأنهم أصبحوا على دراية أكثر بالتهديدات التي يمكن أن يفرضها مقاتلو المعارضة في سوريا والعراق على إيران”.

 

وقال إن الأجر والوعد بالحصول على الجنسية الإيرانية بعد العودة من أرض المعركة كانت من الحوافز التي دفعت بعض الأفغان للتطوع. وقال قيادي من الفاطميين، في حوار مع وكالة أنباء تسنيم، إن المقاتل الأفغاني يحصل على نحو 450 دولارا شهريا.

 

ويبحث كبار المسؤولين بشكل منتظم دور الحرس الثوري والقوات الخاصة الإيرانية في سوريا من زاوية مواجهة التهديد الوجودي لإيران ذات الأغلبية الشيعية من جماعات سنية متشددة، مثل تنظيم الدولة.

 

وقال كريم سجادبور، الخبير في الشؤون الإيرانية في معهد كارنيجي للسلام الدولي في واشنطن، إن ذلك يلقى صدى أكبر لدى الرأي العام من دعم الأسد.

 

وأضاف: “قتال متشددي الدولة الإسلامية المتعطشين للدماء كارهي الشيعة يسهل إقناع الإيرانيين به بالمقارنة مع إهدار المليارات على دكتاتور لا يرحم يطلق الغاز السام على شعبه”.

 

ويظهر تسجيل فيديو يبثه التلفزيون الحكومي بانتظام مجموعة من الأطفال يرتدون الزي العسكري والأحذية العسكرية ويغنون عن واجب القتال في سوريا.

 

وتقول الأغنية: “الأشرطة الحمراء التي تحيط بالمقام مصنوعة من دمي”. ويقول موقع مدافعين إنه يمكن لأطفال تقل أعمارهم عن 18 عاما السفر إلى سوريا؛ للقيام بأعمال دعم غير قتالية ما داموا رفقة أولياء أمورهم.

 

درس من أوروبا

 

وصف الزعيم الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، الحربين في سوريا والعراق، حيث تقاتل سلطات مدعومة من إيران مقاتلين سنة بأنها مهمة لبقاء الجمهورية الإسلامية. وقال: “لو لم يكن الإيرانيون قد ذهبوا وقتلوا وهم يحاربون هناك “لكان العدو دخل بلادنا”.

 

وأقنع ذلك الكثير من المتشككين. وقال ساسان صابر مطلق، وهو مهندس ديكور يبلغ من العمر 34 عاما من طهران، إنه كان في بادئ الأمر يعارض الحرب “بنسبة مئة بالمئة”، لكنه وكثيرون غيره غيروا رأيهم الآن.

 

ورغم العلاقات المشحونة في أغلب الأحيان بين إيران والغرب، أشار صابر مطلق إلى هجمات شنها تنظيم الدولة في أوروبا في الأشهر الأخيرة. وقال: “الآن بعد أن أصبح الناس يعرفون تماما (تنظيم الدولة الإسلامية)، وبعد أحداث فرنسا وألمانيا وغيرها، يمكنك القول إن 90 بالمئة من الذين انتقدوا المدافعين عن المقام لا ينتقدونهم الآن”.

 

وصل صابر مطلق إلى حد التفكير في السفر للقتال. وقال: “عندما أشاهد التسجيلات والصور يكون وقعها كبير علي… أفكر فيما إذا تمكن (تنظيم الدولة الإسلامية) أو جماعة مماثلة من الوصول إلى إيران فإننا سنعاني مما يشبه ذلك”.

 

ووصل المجد المفترض للمشاركة في الحرب إلى حد أن بعض الأشخاص يلفقون سجلات خدمة عسكرية لكسب احترام الآخرين. ونقلت وكالة تسنيم للأنباء عن مسؤول قضائي محلي قوله إن إيران ألقت القبض في شهر آب/ أغسطس الماضي على أربعة رجال في مشهد “اتهموا بمحاولة جذب اهتمام الشبان بتلفيق قصص عن وجودهم على جبهة القتال”.

قد يهمك أيضاً

تعليقات

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

تابعنا

الأحدث