“قبل أكثر من شهر، كان غروب الشمس أفضل وقت لشوقي بركات ليبدأ نزهة على طول الأراضي الزراعية الخصبة في قريته في محافظة الشرقية، التي تبعد حوالي 80 كم شمال شرق القاهرة، لكنها اليوم أصبحت ممارسة خطرة على مدير المدرسة السابق، فالضباب الدخاني، الذي ينتشر في قرية بركات كل خريف بسبب حرق قش الأرز من المزارعين المحليين، يجعل من الصعب عليه الخروج من بيته إلا للضرورة”.
وأضاف بركات في تقرير نشره موقع “جلف نيوز” الإماراتي أنه “منذ بداية سبتمبر حتى منتصف نوفمبر، نحن لا نستطيع أن نعيش في بيوتنا بسبب هذه السحابة السوداء، إنني لا أستطيع التنفس بسبب هذه السحابة التي تغطي المنطقة وتعتدي علينا داخل بيوتنا”.
وأوضح الموقع الإماراتي في تقرير ترجمته وطن أن مصر عرفت هذا الضباب الدخاني البغيض منذ خريف عام 1999 عندما كان حينها حسني مبارك رئيسا لفترة طويلة في السلطة، ولأكثر من عقد من الزمان، تعهدت السلطات المصرية بمكافحة “السحابة السوداء”، ولكن دون نجاح يذكر حتى الآن. وتلقي الحكومة باللوم مرارا وتكرارا على مزارعي الأرز وتعتبرهم المسئولين عن التسبب في التلوث من خلال وضع أكوام من القش على النار.
واستطرد جلف نيوز أن وزارة البيئة أطلقت حملة توعية على محطات التلفزيون الرسمية والخاصة حول مخاطر حرق قش الأرز، ودعت الوزارة أيضا الجمهور إلى الإبلاغ عن المخالفين لتعليمات عدم حرق قش الأرز، لكن المزارعين يعرفون جيدا كيفية الهروب من العقوبات، حيث عادة ما يتم حرق قش الأرز في فترة ما بعد الظهر، وخلال أيام العطلات الرسمية عندما يكون مفتشي الحكومة خارج الخدمة.
ويزرع الأرز بشكل رئيسي في ست محافظات بدلتا النيل المصرية، وهي الشرقية والغربية والبحيرة والدقهلية والقليوبية، وينتج عن حرق القش الضباب الدخاني وفي بعض الأحيان يصل إلى القاهرة، التي تعاني بالفعل من التلوث الناجم عن حركة السيارات. وفي الأسابيع الأخيرة، ذكرت وسائل الإعلام المصرية عدة حوادث سيارات على الطرق في الدلتا بسبب كثافة الدخان الناجم عن إحراق القش.
واعتبر الموقع الإماراتي أن هذه الأزمة البيئية التي تقف الحكومة المصرية عاجزة عن حلها اليوم، لم تكن ذات انتشار واسع خلال عهد مبارك الذي ظل في السلطة حتى الإطاحة به في 2011، خاصة في ظل عدم توفير الحكومة لآلات الضغط الهوائية لمنع تكدس الدخان الكثيف، كما أن المزارعين لا يستطيعون تحمل مصاريف عمل هذه الآلات.
ونقل جلف نيوز عن أحد المزارعين أنه اشتكى إلى دائرة الزراعة الحكومية في الشرقية من عدم توافر هذه الآلات، لكنه حصل على إجابة واحدة هي أن وزارة البيئة المسؤولة عن توفير آلات الضغط وأن وزارة الزراعة لا شأن لها بهذا الأمر، متسائلا لماذا لا تنسق وزاراتي الزراعة والبيئة فيما بينها؟