في خطوة جديدة نحو حقن أنهار الدماء الجارية في سوريا منذ نحو 6 سنوات، دعا وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، الجمعية العامة للأمم المتحدة في مقال له بجريدة “نيويورك تايمز” الأمريكية، لتنفيذ القرار A 377، المعروف بـ”الاتحاد من أجل السلام”، أو “خطة آتشيسون” التي أقرت عام 1950″.
وقال وزير الخارجية القطري، في مقاله: إن بلاده تحث “وبقوة مجلس الأمن الدولي على حماية السكان المدنيين في سوريا”، موضحاً أن هذه الحماية تتجسد في “توفير ملاذات آمنة في شمال وجنوب سوريا، وفرض منطقة حظر جوي”.
وأضاف: “في حال لم يحدث هذا في وقت انعقاد جلسة الجمعية العامة، يمكن عقد جلسة طارئة وفق آلية الجلسة الخاصة الطارئة”.
وحذر وزير الخارجية القطري من أن “الوقت ليس في مصلحتنا”، لافتاً النظر إلى أنه “في الوقت الذي ما زال قادة العالم مترددين، يمكن أن يموت الآلاف في حلب، وإذا كان المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية الفشل في راوندا والبوسنة، فإنه لن يستطيع تحمل فشل آخر”.
-أصل الخطة
ويعود قرار “الاتحاد من أجل السلام” أو قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 377 إيه، أو ما يعرف بـ “خطة آتشيسون” إلى العام 1950، والتي كان عرابها دين آتشيسون، الذي قام ببناء السياسة الخارجية الأمريكية زمن الحرب الباردة عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية.
يعتبر دين آتشيسون أبرز مهندسي العديد من المنظومات الدولية بعد الحرب العالمية الثانية، فقد أسهم بشكل مهم في إنشاء حلف الناتو، وصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، وخطة مارشال، فضلاً عن إنشاء منظمات أخرى تطورت لاحقاً لتشكل الاتحاد الأوروبي، ومنظمة التجارة العالمية.
تنص خطة “آتشيسون” على أنه في أية حال إخفاق مجلس الأمن، بسبب عدم توفر الإجماع بين أعضائه الخمسة دائمي العضوية، في التصرف كما هو مطلوب للحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، يمكن للجمعية العامة أن تبحث المسألة بسرعة، وقد تصدر أي توصيات تراها ضرورية من أجل استعادة الأمن والسلم الدوليين، وإذا لم يحدث هذا في وقت انعقاد جلسة الجمعية العامة، يمكن عقد جلسة طارئة وفق آلية الجلسة الخاصة الطارئة.
وبحسب الفقرة الأولى من الخطة، تنظر الجمعية العامة في المسألة على الفور بهدف تقديم توصيات مناسبة إلى الأعضاء، من أجل اتخاذ تدابير جماعية، ومن ضمن ذلك استخدام القوة المسلحة في حالة الإخلال بالسلم، أو وقع عمل من أعمال العدوان، وذلك لحفظ السلم والأمن الدولي، أو إعادته إلى نصابه.
وإذا لم تكن الجمعية العامة منعقدة في ذلك الوقت فيمكن أن تنعقد في دورة استثنائية طارئة خلال أربع وعشرين ساعة من تلقي طلب بعقد مثل هذه الدورة. وتنعقد مثل هذه الدورة الاستثنائية إذا ما طلب عقدها أية سبعة أعضاء في مجلس الأمن أو أغلبية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة”.
وتم اللجوء إلى “خطة آتشيسون” في 3 حوادث تاريخية، هي العدوان الثلاثي على مصر 1956، وضد تدخل حلف “وارسو” العسكري السوفييتي في هنغاريا 1958، وخلال طلب الرأي الاستشاري من محكمة العدل الدولية بالاعتماد على القانون، بخصوص الجدار العنصري الفاصل في فلسطين المحتلة عام 2003.
-فرص النجاح
لكن وعلى الرغم من الطموح القطري الدبلوماسي، فإن الأجواء الدولية تعيش حالة من التوتر والاحتقان، لا سيما بين الولايات المتحدة وروسيا، التي باتت شريكة نظام الأسد بقصف المدنيين في سوريا وقتلهم.
وكانت السعودية وقطر نجحت في حشد أكثر من 60 دولة ترفض الموقف الروسي في حلب، في توجيه رسالة باسم هذه الدول إلى مجلس الأمن، تستنكر تخاذل المجتمع الدولي تجاه حلب، واستخدام الفيتو من قبل روسيا لاستمرار أنهار الدماء البريئة في سوريا.
وفي حديث سابق مع “الخليج أونلاين” أكد الدكتور محجوب الزويري، أستاذ تاريخ الشرق الأوسط المعاصر في جامعة قطر، أن المبادرة كشفت عن ضرورة الأخذ بالحسبان موقف الدول الـ 60 المشاركة، وأن الدفاع عن حلب لا ينحصر داخل إطار الدول العربية فقط، وإنما تجاوز الأمر لتدخل دول أخرى غير عربية.
وأشار زويري إلى أن السعودية وقطر موقفهما معروفٌ من الأزمة السورية، ووجود حد ما من التنسيق المشترك، سواءٌ في منظمة الأمم المتحدة، أو المنظمات الدولية الأخرى، مستشهداً برد فعل السعودية وقطر عقب استخدام روسيا لـ “الفيتو” الأخير برفض التدخل العسكري في سوريا.
وفي سياق متصل، وزعت نيوزيلندا، فجر الخميس، على أعضاء مجلس الأمن الدولي مشروع قرار، يدعو إلى وقف كل الهجمات “التي يمكن أن تؤدي لمقتل أو إصابة مدنيين في سوريا”.
ويتشابه مشروع القرار النيوزيلندي، مع مشروع القرار الفرنسي الذي عرقلته روسيا باستخدام حق النقض “الفيتو”، في جلسة مجلس الأمن، التي عقدت السبت الماضي، وتوقع دبلوماسيون غربيون بالأمم المتحدة أن تستخدم روسيا مجدداً حق النقض.
ترجمة وتحرير الخليج اونلاين