“في وقت متأخر من مساء الأربعاء، قصفت الولايات المتحدة المسلحين الحوثيين في اليمن لأول مرة، وتم إطلاق صواريخ كروز صوب نحو ثلاث منشآت رادار يسيطر عليها الحوثيون، وكانت الضربات انتقاما لحادثين في الأسبوع الماضي، حيث تم إطلاق صواريخ من الأراضي الواقعة تحت سيطرة الحوثيين على السفن الحربية الأمريكية في المنطقة”، بهذا المشهد بدأ موقع “فوكس” الأمريكي تقريره اليوم حول التدخل السعودي باليمن.
وأضاف الموقع الأمريكي في تقرير ترجمته وطن أن الولايات المتحدة لأكثر من سنة وحتى الآن، تشارك بهدوء في الحرب التي تقودها السعودية ضد الحوثيين، عبر توفير الدعم اللوجستي للغارات الجوية التي تنفذها المملكة العربية السعودية. لذلك تبادل إطلاق الصواريخ ليس شيئا من فراغ. إنه تصعيد لسياسة الولايات المتحدة الحالية، والانتقال من غير مباشرة إلى المشاركة المباشرة في الهجوم السعودي.
المشكلة، أنه قد ضربت الغارات الجوية السعودية أهدافا مدنية مثل الأسواق والمنازل وقد حاصرت سفنها الحربية الموانئ اليمنية، مما يساعد على خلق كارثة إنسانية فيها الأطفال يتضورون جوعا حتى الموت. “أنا بصراحة لا أعرف كيف أصف بالكلمات مدى اليأس من الوضع في اليمن” هكذا يقول كريستين بيكرلي، وهو باحث مختص بشئون اليمن في هيومن رايتس ووتش.
وبالتالي فإن الوضع الحالي يثير سؤالا جوهريا بالنسبة لإدارة أوباما: كيف لهم ان يكونوا على استعداد للذهاب في دعم جرائم حرب حلفائهم؟، ولكن لفهم تبادل إطلاق الصواريخ بين الولايات المتحدة والحوثيين، يجب أن نفهم من هم المتمردين الحوثيين و” ما هو السبب” في أن واحدة من حلفاء أمريكا الرئيسيين في الشرق الأوسط ذهبت إلى الحرب ضدهم.
وأوضح فوكس أن الحوثيين هم من شمال غرب البلاد، وهم دينيا يتبعون مذهب الزيدية، وهي فرع من صلب الإسلام الشيعي. ويتركز الزيديين في اليمن بالشمال، في حين أن جنوب اليمن سُنة. وهذا يخلق محورين للتوتر داخل اليمن: التوتر الديني بين السنة والشيعة، والتوتر الإقليمي بين شمال البلاد وجنوبه.
وبدأ الصراع المسلح الدائر حاليا في اليمن، أساسا، على أنه صراع داخلي على السلطة بين الفصائل السياسية والقبلية، حيث خلال سنوات التسعينات وحتى 2010 اشتبكت قوات الحوثيين بشكل متقطع مع القوات الحكومية. ولكن في يناير/ كانون الثاني عام 2011، غير الربيع العربي كل شيء وجرت انتفاضة اليمن على نطاق واسع وأطاحت بالرئيس علي عبد الله صالح، الذي كان في السلطة لمدة 33 عاما. وفي أعقاب الفوضى ضعفت الحكومة المركزية، وتم كسر قواتها العسكرية، وبالتالي تعزيز وضع الحوثيين.
وفي نوفمبر 2011، وقع صالح اتفاق بوساطة دولية لتسليم السلطة إلى نائبه عبد ربه منصور هادي، الذي كلف بتشكيل حكومة وحدة وطنية انتقالية. لكن الحوثيين لم يكن لهم تمثيل في الحكومة الانتقالية، لذا رأوا الحكومة الانتقالية لا تختلف عن النظام القديم الذي أجرى الحروب ضدهم، وفي نهاية المطاف، بعد سلسلة من المحاولات الفاشلة للتوصل إلى توافق وطني بين مختلف الجماعات المتنافسة، حشدت قوات الحوثي نفسها وخلعت هادي، وبدأت حرب أهلية في سبتمبر 2014.
وردا على طلب من هادي، تدخلت المملكة العربية السعودية لمساعدته على محاربة الحوثيين واستعادة السيطرة على البلاد. وكان السعوديون على أتم استعداد للقفز في المعركة فالحوثيون معادون للمشاركة السعودية في بلدهم، ولعل الأهم من ذلك، تلقي الحوثيين بعض الدعم من إيران عدو المملكة العربية السعودية في منطقة الشرق الأوسط وعلى هذا النحو، فإن السعوديين يرون أن اليمن بسيطرة الحوثي تهديدا مباشرا على حدودها الجنوبية.
وتؤيد الولايات المتحدة الجهود التي تقودها السعودية، في جزء منه لأنه أسهم في خفض بعض المخاوف السعودية من النفوذ الإيراني في المنطقة، وأيضا لأنها لديها مصلحة قوية في الحفاظ على السعوديين لأنه يدعم المعركة التي تقودها الولايات المتحدة لمكافحة داعش في العراق وسوريا. وبالإضافة إلى توفير الدعم اللوجستي والاستخبارات في المجهود الحربي السعودي، وافقت الولايات المتحدة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2015 على بيع أسلحة بقيمة 1.3 مليار دولار إلى المملكة العربية السعودية.
ومما زاد الطين بلة، فرض السعوديون أيضا حصارا على اليمن، وتم منع السلع من دخول البلاد عن طريق البحر أو الجو. وقد وضعت هذه الفئة من السكان المدنيين في اليمن في خطر كبير، لأنه حتى قبل الحرب، كان اليمن أفقر دولة في منطقة الشرق الأوسط، وتستورد أكثر من 90 في المئة من إمدادات الغذاء. ومنذ أن خفض السعوديون من تدفق السلع، أصبح الوضع بالنسبة للمدنيين كابوسيا.