“المملكة العربية السعودية أشبه ما يكون اليوم ببركان سياسي في انتظار الانفجار ومن ثم الانهيار ولكن على الرغم من ذلك كما هو الحال مع معظم البراكين، فإنه من الصعب وضع أي مقياس للوقت الذي سيحدث فيه ذلك. وبالفعل، فإن النظام الملكي السعودي يدرك، على مستوى ما، أن الاحتراق السياسي سيكون لفترة طويلة. والأمر أشبه ما يكون بما حدث في عام 1979، عندما تم الإطاحة بالنظام الملكي الإيراني وإقامة جمهورية إسلامية في ذلك البلد”.
وأوضحت صحيفة ديلي تايمز في تقرير ترجمته “وطن” أن المملكة السعودية باتباعها المذهب الوهابي من الإسلام تستخدم المنهج الصارم في السلوك الاجتماعي والتحكم في الناس. حتى مع هذا الاتفاق الداخلي مع المؤسسة الدينية، السعوديون لا يزالوا يشعرون بعدم الأمان وذهبت إلى تشجيع انتشار النسخة الوهابية للإسلام في العالم الإسلامي على نطاق أوسع. وهذا كان من المفترض أن يجعل المملكة العربية السعودية الصوت الحقيقي للإسلام بين المسلمين في جميع أنحاء العالم، ويمنح المملكة هالة من الشرعية والاحترام. لكن هذا البحث عن الأمن الداخلي والخارجي قضية لا تنتهي أبدا للنظام الذي لا يزال يعتبر نفسه محاصرا. وهناك انشغال لا نهاية له لفرض النظام الأخلاقي، حتى وإن كانت هناك مؤشرات على الفساد الواسع في البلاد.
ولفتت ديلي تايمز إلى أن قمع النساء السعوديات، الذين ما زالوا بحاجة إلى موافقة رجل لإكمال الدراسة أو العمل أو السفر أو فتح حسابات مصرفية يعزز من الصورة القاتمة في المملكة. كما أن سلطة رجال الدين الوهابيين طاغية فضلا عن أنه يعيش الشيعة في شرق المملكة العربية السعودية، وهي جزء غني بالنفط في المملكة، التي تقف اليوم على حافة الهاوية.
وعلى الرغم من أن المملكة العربية السعودية لا تزال قوة إقليمية مهمة، إلا أنها فقدت قدرتها على تحديد مسار الأحداث في الشرق الأوسط. وحدث هذا بسبب مجموعة متنوعة من الأسباب. أولا، كان اندلاع مفاجئ للربيع العربي في هذا العقد في وقت مبكر، وهو لم يخلق فقط الاضطرابات في بعض دول المنطقة، بل أيضا يمثل تهديدا للاستقرار الداخلي في المملكة. وكانت هناك طريقة موثوق بها للمملكة للحفاظ على الوضع الراهن في المنطقة عبر تحالفها الاستراتيجي مع الولايات المتحدة التي أعطت الرياض دورا أكثر تأمينا كما تمارس قوة الولايات المتحدة في المنطقة، والتي بدورها تقوم على التقارب الاستراتيجي لمصالح الرياض.
وفي أي حال، فإن الاستيلاء على السلطة من قبل القوى العسكرية المصرية بقيادة عبد الفتاح السيسي، أدى إلى تراجع مخاوف الرياض إلى حد ما. لكن المثال الذي أوجده الربيع العربي أنه حدثت انتفاضة شعبية في المملكة ذات الأغلبية الشيعية بالسكان في البحرين لتحدي النظام الاستبدادي والقمعي من الحكم الملكي، وحينها ذهبت المملكة العربية السعودية أكثر أي وقت مضى إلى نجدة إخوانهم وتسرعت في استخدام القوات لقمع التمرد، خوفا من العدوى التي قد انتشرت في الجانب الشرقي من المملكة، وحينها لم تكن الولايات المتحدة قلقة جدا حول تجاوزات الحكومات السعودية والبحرينية في البحرين، وفي المنطقة الشرقية ذات الأغلبية الشيعية بالسعودية.
وهذا التطور يقودنا إلى الصراع في اليمن، حيث المتمردين الحوثيين، والآن يسيطرون على العاصمة، صنعاء، ويحرضون ضد التحالف الإقليمي بقيادة السعودية، التي تقصف أفقر دولة في الشرق الأوسط وعلى نطاق واسع تصنف الشيعة على أنهم يخوضون حربا بالوكالة نيابة عن إيران. وتعتبر المملكة العربية السعودية أن إيران عدوها العريق سواء في الداخل أو في المنطقة، ويجب أن تكون موجودة باليمن لمواجهتها. كما أن الولايات المتحدة مشتركة على نطاق واسع في وجهة النظر هذه، وساعدت الرياض بالسلاح والاستخبارات والوجود البحري القوي في المياه الإقليمية. لكن القصف السعودي مؤخرا لجنازة في اليمن، الذي أسفر عن مقتل 140 معظمهم من الأبرياء، أحرج الولايات المتحدة، وأدى ذلك إلى خروج تقارير تفيد بأن الولايات المتحدة سوف تعيد النظر في علاقتها مع المملكة العربية السعودية. لكن السعوديين يواصلون قصف اليمن.