أوضاع اقتصادية صعبة تمر بها مصر خلال الأشهر الأخيرة، دفعت النظام إلى تعويم الجنيه كحل أخير لإنقاذ ما يمكن إنقاذه بعد فشل الودائع والهبات الخليجية في إيقاف النزيف المالي الرهيب.
وكشفت تقارير إعلامية مصرية وغربية عن فقدان عدد من المواد الأساسية في البلاد مؤخرا، على غرار الأرز والسكر، وهو ما أثر سلبا على عدد كبير من العائلات المصرية التي عبرت عن سخطها من الأوضاع التي آلت إليها البلاد.
واشتكي مواطنون مصريون التقتهم “وطن” من الغلاء الفاحش للأسعار، حيث قالت السيدة أميرة محمد المقيمة بأحد أحياء مدينة القاهرة إن أسعار الخضروات والفواكه داخل الأسواق تضاعفت، بجانب تزايد أسعار اللحوم والطيور.
وأضافت السيدة المصرية أن كيلو البطاطس الذي كان يباع بثلاث جنيهات أصبح الآن سعره 6 جنيهات، كما أن أزمة السلع الأساسية تزايدت خلال الفترة الماضية بدءا من السكر وصولا إلى الأرز.
وفي السياق ذاته قال أحمد عبد العزيز لـ“وطن” إنه أنهى مساء الجمعة مهمة شاقة للبحث عن كيلو سكر ليشتريه، حيث توجه نحو العديد من محلات البقالة لكنه لم يجد لديهم سكر، ليحصل في الأخير على كيلو سكر من سوبر ماركت في شرق العاصمة القاهرة، لكن الرجل باعه له بسعر مرتفع عن المعتاد، مؤكدا أنه لم يكن أمامه خيارا آخر سوى دفع أي مبلغ حتى يحصل على السكر ويعود به إلى منزله.
بدوره اشتكى التاجر بسوق الجملة لتجارة الخضروات والفاكهة عبد الإله جمال، من حالة الركود التي تتصدر المشهد العام.
وأوضح التاجر المصري لـ“وطن” أن ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه المصري أثر بشكل كبير على حركة البيع والشراء، لا سيما فيما يتعلق بالفواكه المستوردة من الخارج، كما أن ارتفاع تكاليف الإنتاج لا يقابلها حراك يعوض هذه الزيادة مما يؤثر بشكل قوي على العاملين بهذه الحرفة.
وغير بعيد عن المواد الأساسية، اشتكى زكريا محمد من ارتفاع أسعار البنزين، وهو ما أثر على أسعار المواصلات التي أصبحت اليوم أكثر غلاء، نتيجة زيادة أسعار البنزين بعد رفع الدعم عنه تنفيذا لشروط صندوق النقد الدولي، وهو ما زاد من تكاليف الحياة المعيشية في التنقل والترحال بالإضافة إلى إثقال كاهل المواطن حتى الذي يملك سيارة يتنقل بها.
وكان المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي قد وافق في اجتماعه الجمعة، على منح قرض لمصر بقيمة 12 مليار دولار.
وذكر صندوق النقد الدولي في بيان له أن موافقته جاءت “لدعم برنامج الاصلاح الاقتصادي الذي وضعته السلطات المصرية”.
وتسلم البنك المركزي المصري مساء الجمعة، 2.75 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، ويمثل هذا المبلغ الشريحة الأولى من قرض الصندوق البالغ 12 مليار دولار.
وقال محافظ البنك المركزي طارق عامر، في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية المصرية، إن هذه الدفعة ستسهم في رفع احتياطي البنك من العملة الأجنبية إلى 23.5 مليار دولار.
من جانب آخر عدلت وكالة ستاندرد أند بورز للتصنيف الائتماني نظرتها المستقبلية للديون السيادية بمصر من سلبية إلى مستقرة، لكنها أبقت على تصنيفها “بي سلبي” بالنسبة لديون العملة الأجنبية والمحلية على المدى الطويل، و”بي” على المدى القصير.
وقالت الوكالة في بيان إن زيادة التضخم في مصر في الأجل القريب جراء تخفيض قيمة العملة وتخفيض الدعم مع رفع أسعار الفائدة سيضغط على الاستهلاك المحلي وقد يسبب قلاقل اجتماعية.
وأوضحت أن تصنيفاتها لمصر لا تزال مقيدة نتيجة “العجز المالي الواسع النطاق والدين العام المرتفع ومستويات الدخل المنخفضة وهشاشة المؤسسات والمجتمع”، بينما توقعت أن يبدأ الاقتصاد المصري في النمو مجددا خلال عامي 2018 و2019 نتيجة تدفق الاستثمارات وزيادة معدلات الاستهلاك المحلي.