لسنوات كانت المملكة العربية السعودية الحليف الوثيق لأمريكا، بينما كانت روسيا عدوا لها، وهذا هو السبب في شراء أمريكا النفط من المملكة بكميات كبيرة بينما القليل جدا كانت أمريكا تحصل عليه من روسيا، وذلك فى الفترة من 1973م إلى 2005م، وظلت واردات أمريكا من النفط من المملكة العربية السعودية ثابتة في حدود واحد إلى 1.5 مليون برميل يوميا، وخلال نفس الفترة، تقلبت واردات أمريكا من النفط من روسيا على نطاق واسع، حيث ارتفعت من لا شيء في 1970م و 1980م إلى 200 ألف برميل يوميا في عام 2000م، قبل أن يتراجع إلى أقل من 38 ألف برميل في عام 2015″.
وأضافت صحيفة “فايناننشال تايمز” في تقرير ترجمته وطن أنه في بعض الأحيان، كانت أمريكا تدفع ثمنا باهظا بسبب اعتمادها المفرط على النفط السعودي ونفط أوبك، وظهر ذلك في عام 1970م عندما فرضت المملكة السعودية حظر نفطي على الولايات المتحدة، وذلك يجعل الترابط بين البلدين غريب نوعا ما.
ويعتقد “ماتسو بولث” وهو محلل دولي للنقل البحري والتجارة الدولية، بأنه توجد صعوبة في تحديد أرضية مشتركة بين أمريكا والمملكة العربية السعودية، قائلا ما هي العلاقة بين أكبر مورد للنفط إلى الولايات المتحدة والهجمات على الأراضي الأمريكية، وإذا كان هناك أرضية فما هي رؤية المملكة العربية السعودية بشأن مستقبل العالم؟ وماذا عن قيم حقوق الإنسان، والعدالة الاجتماعية، وحرية الفكر والتعبير عن الأفكار؟.
وأوضحت الصحيفة البريطانية أنه فى نفس الوقت يقول المحلل الاقتصادي ماتسو بولث إنه يوجد أرضية مشتركة متغيرة بين أمريكا وروسيا، ولكن خلال السنوات الماضية كانت روسيا على خلاف أيديولوجي مع الولايات المتحدة الأمريكية في مسائل تتضمن الاقتصاد والعدالة الاجتماعية، ولكن في الوقت الحالي أصبحت الأمور تختلف كثيرا، فكلا منهما يسعى إلى التأثير السياسي، وأصبح اللعب ببطاقات مكشوفة. وهذا هو السبب الذى جعل ماتسو بولث يعتقد أن الوقت قد حان لأمريكا أن تنأى بنفسها عن الشراكة القديمة مع السعودية وإبرام شراكة روسية جديدة، قائلا التوقيت يمكن أن يكون على حق بالنسبة للولايات المتحدة لإبرام الاتفاق الذهبي مع العدو القديم الذي يمكن أن يكون شريك مباشر في سوق النفط.
كيفن روني، المدير التنفيذي لمعهد النفط الحراري في لونغ آيلاند، يرى الأمور بشكل مختلف، يقول في ضوء الانتخابات الرئاسية الأخيرة وعدم اليقين من المستقبل السياسي للطاقة في الولايات المتحدة الأمريكية، لذا فإن مقاطعة السعوديين لصالح روسيا سيكون سابقا لآوانه ،وأسواق النفط لا تزال تحاول فرز أنفسها وتحديد أفضل وسيلة لتحقيق التوازن بين الطلب العالمي ضد التراكم من أجل تحقيق الاستقرار في الأسعار، وفي هذه المرحلة التقاعس هو الخيار الأكثر حكمة وأكثر استراتيجية فى التخطيط السياسي الأمريكي للطاقة.
وفى منظور آخر لمستقبل العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية يضيف غريغوري غوز أن ما يربط أمريكا والسعودية معا ليس فقط النفط، ولكن الجغرافيا السياسية على حد قوله، مضيفا لكن العلاقات بين البلدين لم تكن أبدا عند وصول الأمريكيين إلى الهيدروكربونات السعودية، حيث في الواقع عندما بدأت العلاقة في العقود الأولى من الحرب الباردة، فإن الولايات المتحدة لم تستورد قطرة من النفط من شبه الجزيرة العربية، والأمر الذي دعم هذه العلاقة دائما هو أهمية السعودية وبقية المنطقة فى السوق العالمية للنفط، فالخليج العربي لا يزال ينتج 30٪ من النفط بالعالم، مع المملكة العربية السعودية التي تستأثر بأكثر من ثلث هذا الناتج، وبالتالي مواصلة الاضطرابات في الخليج يتردد صداها في جميع أنحاء العالم.
ويشير النقاد أيضا إلى تزايد إنتاج النفط في الولايات المتحدة كدليل على أن التحالف السعودي الأمريكي قد عاش أكثر من الغرض منه. وبكل بساطة أمريكا تقف على أهبة الاستعداد للتأكد من أن تدفقات النفط السعودي عبر الخليج لحلفائها فى آسيا تسير بانتظام، وهذا ما حدث قديما عندما كان النفط السعودي يتدفق معظمه إلى اليابان، وهي حليف قوى للولايات المتحدة، وعلى استعداد لتحمل فاتورة الحماية الأمريكية عند الحاجة. ولكنه لم يكن صحيحا في العقدين الأخيرين، فقطاع كبير من النفط السعودي يتدفق إلى الصين، وهي لا ليست من حلفاء أمريكا، وتعتبرها الولايات المتحدة خصم في بحر جنوب الصين، حيث إن بكين تسعى لكتابة قواعد الملاحة الخاصة بها. وهذا هو السبب في أن أمريكا تنظر في تغيير العلاقات مع المملكة العربية السعودية فى سوق النفط، وتجديد علاقتها مع روسيا، حتى لا يكون هناك حظر نفطى جديد.