” الأنباء عن تقارب محتمل بين مصر وقطاع غزة نالت الترحيب من قبل السكان الفلسطينيين في القطاع المحاصر، وكثير منهم يتوقون لتخفيف الحصار الإسرائيلي المدعوم من مصر، التي فرضت بقوة لمدة عشر سنوات تقريبا إعاقة الواردات والصادرات من قطاع غزة”.
وأضاف موقع موندويس في تقرير ترجمته وطن أنه قبل شهر، دعت السلطات المصرية عدد من رجال الأعمال والاقتصاديين من غزة للمشاركة في مؤتمر العين السخنة الذي استضافه المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط في مصر لمناقشة التغيرات المحتملة في العلاقة التجارية مع قطاع غزة، مما أثار الأمل في بدء عصر جديد من التعاون بعد سنوات من منع المواد والسلع دخول الأراضي الفلسطينية.
وقال أسامة الخيل، رئيس اتحاد المقاولين الفلسطينيين وأحد المشاركين في المؤتمر، إن الاستعدادات والمناقشات جارية لرأب الصدع بين غزة والقاهرة لإنهاء الخلاف والعمل معا لإعادة بناء العلاقة بين الطرفين، كما وافق المؤتمر على ثلاثة أجزاء من الخطة تشمل فتح معبر رفح بشكل متكرر وبناء ممر تجاري وصناعي مفتوح بين المنطقتين، وتزويد قطاع غزة بالماء والكهرباء من الجانب المصري. وأشار الخليل إلى أن احتمالات فتح معبر رفح بشكل دائم تبدو اليوم أكثر قوة، والمسؤولين ينتظرون الضوء الأخضر من السلطات الأمنية المصرية للموافقة على التغييرات.
ولفت الموقع الأمريكي إلى أنه إذا سارت الأمور كما هو مخطط لها، فإن مصر ستوفر لقطاع غزة نحو20 ميغاوات من الطاقة من أجل التخفيف من أزمة الكهرباء، فضلا عن إنشاء محطة مياه لتزويد غزة بالماء النظيف. لا سيما وأن الوضع الاقتصادي الداخلي في مصر يعاني من أزمة حادة، بما في ذلك التضخم، وتزايد البطالة، وارتفاع معدلات الفقر، مما يجعل مثل هذه التغييرات مفيدة للطرفين.
ويقول الخبير الاقتصادي في غزة ماهر شرم إن مصر في حاجة ماسة للتنمية والنمو في اقتصادها، مضيفا كل عام غزة تنفق ثلاثة مليارات دولار على الواردات، ومعظم الأرباح تذهب لإسرائيل التي تسيطر على معبر دخول البضائع إلى قطاع غزة، لكن مصر يمكن لها الآن المشاركة في هذه العملية وإعادة توجيه الأرباح لصالحها.
وأضاف أن الحصار المستمر يتسبب في عدم وجود الصناعات التحويلية في غزة، التي تعوق العمل داخل المصانع المحلية وتجعل غزة مستهلكا كبيرا. وبالإضافة إلى ذلك، الجنيه المصري يواجه الهبوط الحاد مقابل الدولار الأمريكي، مما تسبب في التباطؤ العام في العملة والاقتصاد المحلي، لكن عندما تبدأ غزة تبادل السلع من مصر سيتواجد الدولار، ومصر ستحصل على مزيد من العملات الأجنبية.
وأكد موندويس أن بناء منطقة تجارية صناعية حرة بين مصر وقطاع غزة ستعمل على تعزيز الاقتصاد في شبه جزيرة سيناء المصرية، فضلا عن توفير فرص عمل للمواطنين المحليين، حيث يعاني سكان سيناء من التخلف، وكثيرا ما يشيرون بأصابعهم نحو الحكومة المصرية لإهمال تلبية احتياجاتهم. وتزايد عدم الرضا عن نظام عبد الفتاح السيسي على الأرجح سيقوض حكمه.
وقال علي شرم السلمي، وهو مسؤول سابق في الحكومة المصرية إن القاهرة ترحب بالمقترحات التي يمكن أن تقدم حلولا للمشاكل الاقتصادية الحالية. معتبرا أن السلطات الأمنية والاستخباراتية في مصر يعرفون جيدا أن غزة لم تلعب أي دور في الاضطرابات التي تحدث في شبه جزيرة سيناء، لذلك لا يوجد عوامل يمكن أن تردع هذا التعاون مع قطاع غزة.
وشدد الموقع الأمريكي على أن الجوانب الاقتصادية للصفقة مهمة، لكنها لا يمكن أن تفسر وحدها لماذا مصر تتجه نحو هذا التحول في العلاقة مع قطاع غزة، موضحا أنه وفقا للمعلق السياسي الفلسطيني، فايز أبو شمالة فإن الأسباب الحقيقية وراء هذا التقارب المفاجئ بين غزة والقاهرة هو الرغبة في تقويض رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، والدخول في مرحلة ما بعد عباس، لافتا إلى أن مصر، والأردن، والمملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات يسعون جميعا لتمهيد الطريق لزعيم حركة فتح المفصول محمد دحلان كي يلعب دورا هاما بعد رحيل عباس، خاصة بعد رفض عباس السماح لمنافسه بالعودة لصفوف حركة فتح.
وذكر موقع موندويس أن دحلان حافظ وجود إيجابي في غزة من خلال بعض الأنشطة الخيرية مثل توزيع الطرود الغذائية وترتيب حفلات الزفاف الجماعية للشباب في القطاع الساحلي الفقير.
كما بدأت مصر قطع العلاقات تدريجيا مع عباس، وغضب أبو مازن في الآونة الأخيرة من التقارب المفاجئ مع غزة، خاصة وأن مصر تريد من الفلسطينيين أن ينسبوا التطورات الأخيرة لدحلان ويتم تشجيع الشعب الفلسطيني حتى ينظرون إليه باعتباره المُنقذ الذي يمتلك الحل السحري لتخليص غزة من مشاكلها.