ثلاثة خيارات أمام الكتل السُنيّة المعترضة على قانون الحشد الشعبي، الذي أقره البرلمان العراقي في 26 نوفمبر الماضي، وتحول بموجبه الحشد إلى مؤسسة أمنية رسمية تتبع القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء حيدر العبادي.
وأضاف موقع المونيتور في تقرير ترجمته وطن أن الخيار الأّول بحسب عضو كتلة اتحاد القوى السُنية أحمد السلماني هو الطعن ضد القانون لدى المحكمة الاتحادية، والخيار الثاني هو المفاوضات من أجل تعديل القانون والقبول بمبادرة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، التي تقدم بها إلى رئيسي الجمهورية فؤاد معصوم والبرلمان سليم الجبوري من أجل إدخال بعض التعديلات على قانون الحشد.
وأضاف الموقع البريطاني أن الخيار الأخير أمام الأطراف السُنية في حال فشلت في إدخال التعديلات على قانون الحشد مقاطعة مشروع التسوية الوطنية، الذي يتبناه التحالف الشيعي بزعامة عمار الحكيم.
وفي هذا السياق؛ قال أحمد السلماني إن الكتل السنية في البرلمان العراقي كانت تتمنى أن يتم حل الحشد ودمج مقاتليه مع الجيش والشرطة، ولكن بعد إصرار التحالف الوطني الشيعي، على تحويل الحشد إلى مؤسسة قبلت الكتل السنية بذلك، شرط أن يكون برضى الأطراف كافة وقبولها، ويمرر بصيغة توافقية. ومن أهم التعديلات التي تريد كتلة اتحاد القوى إضافتها إلى قانون الحشد الشعبي هي رفع نسبة المقاتلين السنة فيه إلى 40 في المئة، واستثناء العناصر المتهمة بانتهاكات ضد المدنيين من الدمج في مؤسسة الحشد، وترك مهمة التحكم في المناطق المحررة للجيش وليس الحشد.
وأكد السلماني أن الأطراف السنية رفضت استلام مسودة مشروع التسوية الوطنية أو السياسية من التحالف الوطني، واتفقت على عدم الدخول في هذه التسوية ما لم تصدر بوادر لحسن النوايا، وفي مقدمتها تعديل قانون الحشد.
ولفت المونيتور إلى أنه يسعى التحالف الوطني إلى إشراك كل الجهات العراقية في مشروع التسوية الوطنية لحلحلة القضايا والخلافات العالقة وتصفير المشاكل السياسية في مرحلة ما بعد تحرير البلاد من تنظيم داعش، غير أن إقرار قانون الحشد الشعبي بالغالبية، ومن دون موافقة كل الأطراف السياسية في البرلمان، لم يدخل الشكوك إلى جدية التسوية لدى المكون السني وحسب، بل أثار أيضا حفيظة التيار الصدري الذي عارض القانون بصيغته الحالية.
وبعث مقتدى الصدر برسائل إلى رؤساء الجمهورية والبرلمان والوزراء في 28 نوفمبر الماضي يطالب فيها بإدخال إصلاحات في قانون الحشد، وذكر الصدر في بيان له أنه حث الرئاسات على دمج الحشد الشعبي ضمن القوات الأمنية الرسمية، وقال: لكي نتلاشى كل المشاكل الطائفية والسياسية والأمنية، أجد من المصلحة الأخذ في الاعتبار تلك المقترحات، خصوصا بعد أن تم إقرار الدمج برلمانيا. وأشار الصدر في توصياته إلى ضرورة إبعاد كل من له باع طائفي مقيت.
وشدد الموقع البريطاني على أن هذا التقارب الصدري السني من شأنه إبقاء الجدل حول مؤسسة الحشد لفترة طويلة، في حال لم يتم نقض القانون من قبل رئيس الجهورية أو المحكمة الاتحادية كما يعني ذلك عمليا عدم انخراط سرايا السلام وهي الجناح العسكري للتيار الصدري في الحشد، وإحداث انقسام سني بين الأطراف التي ترغب في الانضمام والجهات السياسية المعارضة للحشد الشعبي بصيغته الحالية. وبخلاف ذلك، يهدد هذا الوضع المتأزم مشروع المصالحة أو التسوية التي يتبناها التحالف الوطني بزعامة عمار الحكيم.
ورأى سليم شوقي، وهو عضو كتلة المواطن التي يتزعمها الحكيم أن المشكلة الحقيقية التي تواجه مشروع التسوية الوطنية لا تتمثل في قانون الحشد على الإطلاق، وإنما بكثرة الجهات التي ترغب بالمشاركة فيها، وأضاف: تعدد الجهات التي تدعي تمثيل الجانب السني وعدم الاتفاق على جهة واحدة هما العقبة الأكبر في التسوية. وأشار إلى أن الاتفاق على قانون الحشد الشعبي كان كبيرا وبعض الأطراف المعترضة عليه تريد تغيير بعض بنوده.
وذكر المونيتور أنه رغم المناقشات الطويلة التي سبقت إقرار قانون الحشد، فإن مواده جاءت عامة وخالية من التفاصيل، فعلى سبيل المثال لا يحدد القانون عدد المقاتلين الذين سينضمون رسميا إلى صفوف الحشد، رغم إعلان المتحدث باسم هيئة الحشد أحمد الأسدي أنه سيضم 142 ألف مقاتل، سيكون بينهم 30 إلى 40 ألف مقاتل سني.
والتقسيم الطائفي الرسمي لمؤسسة أمنية عراقية، سيكون الأول من نوعه في البلاد ولذا فإن القانون تجنب ذكر النسب السكانية، ولكن من الناحية العملية كما أعلنت كل الأطراف المعنية، ستكون هناك نسبة للشيعة وأخرى للسنة في الأراضي المحررة من داعش وبإمرة رئيس الوزراء حيدر العبادي، الذي رحب في بيان له بإقرار قانون الحشد، وقال: الحشد أصبح على ضوء القانون تحت القيادة المباشرة للقائد العام للقوات المسلّحة، وهو من يضع أنظمته ويمثل كل أطياف الشعب العراقي ويدافع عن جميع العراقيين أينما كانوا، وهذا لم يكن ليحلو لجماعات الفوضى التي عرقلت تمريره طوال هذه المدة.