صحافي فرنسي: بوتين أهان ساركوزي وقال له : “سأسحقك”
شارك الموضوع:
تناول فيلم وثائقي شخصية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والذي تناول الحقبة السوفياتية التي ترعرع فيها، وذكر العوامل التي صقلت شخصيته منذ طفولته، ثم مرحلة شبابه حينما عمل لصالح جهاز المخابرات، انتهاء بدخوله عالم السياسة، وتسلقه مختلف المناصب مستفيدا من شبكة من رجال الأعمال، حتى أصبح رئيسا لروسيا خلفا لبوريس ييلتسين عام 2000.
الفيلم الذي خصصته قناة فرانس2 الفرنسية كان موثقا ومدعوما بشهادات أصدقاء الطفولة، ومعلمته التي لعبت دورا حاسما في انتشاله من عالم الانحراف الذي كاد يسقط فيه، وجعلت منه طالبا مجدا ومتفوقا. كما قدم الفيلم شهادات عدة صحافيين وسياسيين ودبلوماسيين عاشروا بوتين لتقديم صورة أوضح حول شخصيته المعقدة. وأثناء عرض بعض جوانب علاقة بوتين ببعض زعماء العالم، يذكر الكاتب والصحافي الفرنسي نيكولا هينان، صاحب كتاب تحت عنوان «فرنسا الروسية»، حادثة تعرض نيكولا ساركوزي في 2007 للإهانة والتوبيخ على يد فلاديمير بوتين.
يشار إلى أن الكاتب الفرنسي نيكولا هينان، أكد في كتابه، أن فرنسا «مخترقة سياسيا وأمنيا وحتى ثقافيا» من طرف روسيا. وأفاد هينان بأن جهاز المخابرات الروسية الكي جي بي، ينشط بكثافة في فرنسا ويحاول اختراق المنظومة الأمنية الفرنسية كما أن له عدة أذرع تنشط على شكل لوبيات تهدف لاختراق المؤسسات الحكومية والأحزاب الفرنسية من أجل خدمة مصالح روسيا. واعتبر الكاتب أن موسكو تتصرف هكذا لأنها تعرف جيدا الدور الكبير والمؤثر الذي تلعبه الدبلوماسية الفرنسية حول العالم. وأفاد هينان بأن الرئيس الروسي يعتمد في علاقاته مع قادة العالم على القوة والهيمنة وإظهار روسيا بمظهر القوة العظمى. ويبقى حادث المواجهة النارية بين ساركوزي وبوتين من أبرز الأحداث التي تناولها الفيلم الوثائقي وتناقلته وسائل الإعلام الفرنسية على نطاق واسع.
ففي قمة مجموعة الثمانية التي عقدت في ألمانيا، في السابع من يونيو عام 2007، التقى نيكولا ساركوزي عقب انتخابه رئيسا لفرنسا لأول مرة بالرئيس فلاديمير بوتين. وبعد هذا الاجتماع المغلق، خرج ساركوزي من اللقاء في حالة غير طبيعية، يظهر كما لو كان مخمورا، وحركات جسمه لم تكن متجانسة، وكلامه كان فيه تردد على غير عادته. وتناقلت كبرى وسائل الإعلام العالمية الحالة التي ظهر بها ساركوزي وذهب أغلبية المحللين بالقول إن الرئيس الفرنسي احتسى «الفودكا» مع بوتين وهو ما أفقده توازنه وحركاته.
لكن شهادة الصحافي الاستقصائي الفرنسي نيكولا هينان في الفيلم تشير إلى أن «ساركوزي لم يكن مخمورا، وأن الحقيقة كانت مغايرة لما تناقلته وسائل الإعلام الدولية». ويقول صاحب كتاب «فرنسا الروسية» في الفيلم الوثائقي، إن ساركوزي شن هجوما لاذعا على روسيا في خضم حديثه مع الرئيس بوتين وندد بـالحرب الدموية في الشيشان التي قتلت مئات الأشخاص كما استنكر اغتيال الصحافية الروسية آنا بولتوفسكايا، وانتهاك حقوق المثليين. وأوضح هينان، إن بوتين أنصت إلى ساركوزي ولم يقاطعه إلى أن انتهى من كلامه، وقال له بلغة شديدة وصارمة حسنا هل انتهيت من كلامك؟ «اسمع جيدا»، «إن بلدك هكذا». وأشار بيديه إلى المساحة الصغيرة لفرنسا، ثم قام بفتح يديه قائلا «أما بلدي فهكذا» للتعبير عن المساحة الكبيرة والشاسعة لروسيا. واستطرد بوتين قائلا بلغة فيها إهانة صريحة للرئيس الفرنسي «لديك حلان، إما أن تواصل الحديث معي بهذه الطريقة، وفي هذه الحالة سأسحقك»، «وإما أن تغير من أسلوب خطابك معي، وسأجعل منك ملكا على أوروبا». وأكد الكاتب الفرنسي، أن حديث بوتين لساركوزي كان مليئا بـ«التقريع والشتيمة والإهانة له، من أجل فرض سيطرته عليه».
وأضاف هينان «ما سمعه ساركوزي من إهانات أدخله في حالة غير طبيعية، وفقد كل قدراته على التركيز». وهو ما يفسر الحالة التي ظهر عليها في المؤتمر الصحافي، واعتقدت الصحافة العالمية أن ساركوزي، قد احتسى «الفودكا» مع الرئيس بوتين، وبدا كما لو أنه كان مخمورا. لكن الصحافي هينان أكد أن «الصحافة الدولية نسيت أن كلا من ساركوزي وبوتين لا يشربان أيا من أنواع النبيذ» بل إن ساركوزي « كان في غير طبيعية بسبب الصدمة التي تعرض لها وهو يسمع سيلا من الإهانات والشتائم وعبارات التوبيخ على لسان بوتين. وبدا كما لو أنه تعرض للضربة القاضية».
يذكر أن الصحافي الفرنسي لم يذكر مصادره التي استقى منها هذه الحادثة التي تناقلتها معظم وسائل الإعلام الفرنسية المرئية والمقروءة، يوم أمس الجمعة أي غداة بث الفيلم الوثائقي الذي عرض الحادثة بين ساركوزي وبوتين.
فعلى موقع قناة «بي اف ام تي في» الإخبارية، عنونت كالتالي «كيف أهان بوتين ساركوزي، حتى بدا كما لو كان مخمورا»، بالنسبة لصحيفة لوفيغارو اليمينية فكتبت تحت عنوان « يوم وجه بوتين لساركوزي الضربة القاضية». أما موقع هافيغنتون بوست باللغة الفرنسية فكتب «صواريخ سكود التي وجهها بوتين لساركوزي». وفي مجلة «لاكسبريس «فعنونت مقالها كالتالي:«سأسحقك»: ساركوزي لم يكن مخمورا بل كان تحت وقع الصدمة بسبب بوتين».