قالت صحيفة فايناننشال تايمز إن المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي تعيشها مصر اليوم أعمق من أي وقت مضى في ظل نظام الجنرال عبد الفتاح السيسي الذي على عكس العديد من القادة في جميع أنحاء العالم، أعرب عن سروره لفوز دونالد ترامب في الانتخابات الأمريكية، كما أنه سعى خلال اجتماع سبتمبر بالجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك للقاء ترامب، وكان أول زعيم يقدم له التهنئة بعد فوزه.
وأضافت الصحيفة البريطانية في تقرير ترجمته وطن أن وسائل الإعلام المصرية تتعجب من الكيمياء التي تجمع بين الرجلين، اللذان يشتركان في الخط الشعبوي والنظرة إلى روسيا كقوة جيوسياسية وشريك جدير بالثقة، وقبل كل شيء، يجد السيسي في نظيره الجديد روح المشابهة حيث يعتبر الإسلام السياسي كالإرهاب خطر كبير.
وفي مقابلة في القصر الرئاسي بالقاهرة، قال السيسي لصحيفة فايناننشال تايمز إنه متفائل جدا بشأن الانتخابات وفوز ترامب، معتبرا أن الرئيس المنتخب ترامب سيعمل على مكافحة الإرهاب مع المزيد من العزم والجدية وهذا هو بالضبط ما نحتاجه الآن، كما يقول التعاون بين موسكو وواشنطن سيكون نعمة للاستقرار في الشرق الأوسط الذي يعاني من الصراع.
ولفتت الصحيفة إلى أنه بالنسبة للسيسي فالإرهاب يمتد إلى ما وراء الجهاديين وداعش الذين يقودون تمردا في سيناء وصل إلى قلب القاهرة مؤخرا، حيث تم تفجير كنيسة قبطية في الأسبوع الماضي، مما أسفر عن مقتل 24 شخصا، حيث يوجد أمل في الدوائر الحكومية هو أنه بدلا من إدارة أوباما الذي اتهم من قبل المصريين بتعاطفه مع جماعة الإخوان المسلمين، فإن ترامب سيضفي الشرعية على الحملة الأمنية الحالية وسيدعم نظام السيسي في وقت تتزايد فيه الضغوط الاقتصادية بالبلاد.
وأشارت فايناننشال تايمز إلى أنه انقضى ما يقرب من ست سنوات منذ ثورة 25 يناير التي زادت الآمال في التحول الديمقراطي في الشرق الأوسط، لأنها حدثت في أكبر الدول العربية من حيث عدد السكان، لكنها مع السيسي عادت مرة أخرى إلى قبضة دولة استبدادية، حتى أن مصر اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا اليوم تعاني من مشاكل أعمق من تلك التي أشعلت انتفاضة 2011 ضد حسني مبارك.
في ميدان التحرير في القاهرة، حيث كان يخيم الشباب المصري لمدة أسابيع في عام 2011، تم مسح جميع الدلائل على وجود ثورة شعبية، وحل محلها سارية طويلة عليها العلم المصري ويراه السكان كرمز لعودة النظام الذي تفرضه الدولة، وتلاشت حتى الكتابات من على الجدران.
وذكرت الصحيفة أنه نتيجة تزايد الفوضى في عام 2014، كان يعلق المصريون آمالهم على الجنرال الذي قدم نفسه على أنه منقذ مصر، ورغم ذلك مشاكل مصر تراكمت. وتم إيقاف الفضاء السياسي حتى الذي كان متاحا في ظل نظام مبارك الذي سمح ببعض حرية التعبير، فالسجون اليوم تعج بالمعتقلين. ومع تزايد عدد السكان زائد المصريين الذين يعيشون تحت خط الفقر. وتضخم معدل البطالة بين الشباب، وارتفع الدين المحلي إلى أكثر من 100 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
كما اضطر النظام إلى اللجوء إلى صندوق النقد الدولي وتنفيذ الإصلاحات التي رفضت لفترة طويلة، وعلى الرغم من أن قلة من المصريين لديهم شهية لمزيد من الاضطراب، يقال إن الأجهزة الأمنية تحرص دائما لتكون في حالة تأهب دائم للمزيد من الاضطرابات. ورغم هذا كله، لا يزال السيسي واثقا من قوته لإنقاذ مصر من الكارثة، والآن قد هزم الإخوان ويعتقد أن الأمة المصرية لديها قدرة لا حدود لها للتفاهم والتضحية.