الهدهد

الكاتب المصري فهمي هويدي يروي تفاصيل ليلة العار ويصف موقف مصر بـ”مخزٍ ومهين”

وصف الكاتب الصحفي فهمي هويدي، ما جرى يوم الخميس الماضي من قيام مصر بسحب مشروع سبق وأن قدمته عن وقف الاستيطان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية بأنه مخز ومهين ووصل إلى حد العار.

 

وروى “هويدي”، في مقاله بصحيفة “الشروق”، تفاصيل ساعات هذا اليوم وإقبال مصر على تلك الخطوة، مؤكدًا أنه رفض استقبال هواتف بعض صحفيي غزة ومدن فلسطينية لعدم قدرته على إيجاد رد مناسب لما جرى.

 

وإلى نص المقال: 

احترقت أعصابنا فى مصر مرتين ونحن نتابع عملية التصويت ضد الاستيطان فى مجلس الأمن. الأولى بسبب صدمة يوم الخميس، والثانية بسبب الخزي والحرج الذى استشعرناه يوم الجمعة.

 

يوم الخميس 22/12 كان الموعد الذى حددته مصر لعرض المشروع الذى قدمته باسم المجموعة العربية لوقف تغول الاستيطان الإسرائيلي، كانت الولايات المتحدة قد أشهرت سلاح «الفيتو» لمنع إصدار قرار بهذا المعنى فى عام 2011 بحجة أنه يشكل عقبة أمام مفاوضات السلام. لكن الموقف اختلف الآن من نواح عديدة. الأمر الذى شجع الإدارة الأمريكية على حجب «الفيتو» وعدم الاعتراض على القرار الذى عرض مع نهاية ولاية الرئيس أوباما.

 

كما أن الرباعية الأوروبية وروسيا أعلنتا تأييدهما للقرار. فى الوقت ذاته فإن مشروع القرار يلقى تأييدا من دول عدة أعضاء فى مجلس الأمن ولها تعاطفها مع القضية الفلسطينية، الخلاصة أن كل الظروف كانت مهيأة لتمرير القرار الذى يشكل صفعة لإسرائيل، ويعد سابقة تفتح الباب لتوقيع العقوبات الدولية عليها إذا ما استمرت فى توسعاتها الاستيطانية. كان موعد جلسة مجلس الأمن فى الساعة الثالثة بعد ظهر الخميس (العاشرة مساء بتوقيت القاهرة).

 

ولأننى كنت متابعا للحدث، فإننى لم أطمئن إلى عقد الجلسة إلا بعدما أعلن رياض المالكى وزير الخارجية الفلسطيني أن المشاورات مع الدول الأعضاء فى مجلس الأمن جرى استكمالها، وأن المشروع جرى إيداعه باللون الأزرق لدى رئاسة مجلس الأمن التى تتولاها إسبانيا.

 

ما حدث بعد ذلك لم يخطر على بال أحد، ذلك أن وكالات الأنباء دقت أجراسها مشيرة إلى خبر عاجل خلاصته أن مصر التى قدمت المشروع سحبته وطلبت إرجاءه إلى موعد غير محدد، وقالت بعض الوكالات إنها قررت إلغاء الطلب.

 

كان للخبر وقع الصاعقة، لأنه كان يعنى تفويت فرصة تاريخية لإعلان التوافق الدولي لأول مرة على إدانة الاستيطان ويفترض أن تكبح جماح التوحش الإسرائيلي في ابتلاع الأراضي الفلسطينية.

Related Post

 

فيما وراء حدود عام 1967. وأثار الدهشة فى هذا السياق أن وزير الخارجية الفلسطيني أعلن أن مصر التى قدمت المشروع نيابة عن المجموعة العربية لم تتشاور مع الفلسطينيين فى سحبه.

 

المفاجأة الصادمة استدعت سؤالا كبيرا حول السبب الذى أدى إلى سحب القرار. وأجمعت أغلب الآراء على أن ذلك تم بعدما تعرضت القاهرة لضغوط إسرائيلية وأمريكية.

 

وهو ما لم تختلف عليه الصحف الغربية والإسرائيلية التى صدر بعضها بعناوين مختلفة عبرت عن الشكر للقيادة المصرية. استهولت الخبر الذى أصبانى بالغم والنكد، حتى أننى رفضت الرد على الاتصالات الهاتفية التى تلقيتها من بعض الصحفيين الفلسطينيين فى الضفة وغزة. إذ عقدت الدهشة لسانى ولم يكن لدى ما أقوله. خصوصا أن المتحدث باسم الخارجية المصرية برر ما جرى بكلام غير مقنع حين صرح بأن لجنة إنهاء الاحتلال بالجامعة العربية كانت قد قررت قبل ثلاثة أيام معاودة تقييم الموقف بشأن مشروع القرار.

 

(السبت) ذكرت صحيفة «الأهرام» وبقية الصحف المصرية سببا آخر خلاصته أن اتصالا جرى بين الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب والرئيس السيسى تطرق إلى مشروع القرار المعروض على مجلس الأمن بخصوص الاستيطان وتم الاتفاق فيه على أهمية إتاحة الفرصة للإدارة الأمريكية الجديدة للتعامل بشكل متكامل مع جميع أبعاد القضية الفلسطينية. وأشارت صراحة إلى أن الاتصال تم فى ليلة التصويت المفترض (الأربعاء 21/22).

 

شاء ربك أن يتبنى القرار أربع دول غير عربية أكثر إنصافا وشجاعة (ماليزيا والسنغال ونيوزيلندا وفنزويلا). إذ طلبت من مجلس الأمن مناقشته، وحدث ما كان متوقعا، حيث وافقت عليه 14 دولة من 15 (واشنطن لم تعارضه وامتنعت عن التصويت).

 

وكان لما جرى صداه القوى فى أوساط الوطنيين المصريين (لا تسأل عن الصدى فى العالم العربى) ونقلت «المصرى اليوم»، السبت، آراء بعضهم، فعبر أحدهم عن «صدمته» إزاء موقف مصر، ووصف آخر الموقف بأنه «مخز ومهين إلى حد العار» وذلك توصيف دقيق وصادق أضم صوتى إليه، وأزعم أنه يتحدث عن مصر أخرى غير التى نعتز بها ونعرفها.

 

 

 

View Comments

  • هذه مواقف الانقلابين، خونه وجمهوريات موز وليسوا رجالا، لهم الفناء.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked*

The field is required.

Share
Published by
وطن

Recent Posts

محمد بن زايد يمول التوسع العسكري الإسرائيلي في الصومال

وطن - في سابقة مثيرة للجدل، يعمل محمد بن زايد على دعم مشروع بناء قاعدة…

19 ساعة ago

هل لجأ الأسد إلى نتنياهو لصد هجوم المعارضة المسلحة؟

وطن - يواجه الرئيس السوري بشار الأسد موقفًا معقدًا وسط هجوم الفصائل المسلحة في الشمال…

19 ساعة ago

دبابات في الشوارع والبرلمان محاصر.. ماذا يحدث في كوريا الجنوبية؟

وطن - في تطور غير مسبوق، أعلن الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول تفعيل الأحكام…

21 ساعة ago

تحقيقات جديدة حول 7 أكتوبر.. وفضيحة لإسرائيل

وطن - كشفت تحقيقات إسرائيلية جديدة حول 7 أكتوبر وعملية طوفان الأقصى عن إخفاقات خطيرة…

21 ساعة ago

استطلاع يصدم الإسرائيليين.. هل اقتربت نهاية الصهيونية؟

وطن - كشف استطلاع حديث أجرته منظمة "موزاييك يونايتد" التابعة لحكومة الاحتلال أن نحو ثلث الشباب…

21 ساعة ago

غزة تواجه الجوع والموت.. ارتفاع أسعار الغذاء بنسبة 1000%

وطن - يعيش الفلسطينيون في قطاع غزة أوضاعًا كارثية، حيث بات الوصول إلى الغذاء صراعًا يوميًا…

21 ساعة ago

This website uses cookies.

Read More